المجموعات العائلية تقرب المسافات وتنشر المشكلات

  • 5/8/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على مواقع التواصل الاجتماعي (السريعة) هناك جزء مقتطف من منزل العائلة يحتل المساحة الأكثر أهمية وقرباً، يحمل أخبارهم وتفاصيل حياتهم اليومية بعيدين كانوا أم قريبين، ينقل تلك الأخبار البسيطة ويعدد الأطباق على مائدة الغداء اليومية، كما يصور الأعراس وينقلها لأبناء أبعدتهم المسافات وقربتهم المجموعات العائلية، لكن لكل طريقته في التعامل مع التكنولوجيا بحيث تجعل حياته أجمل، أو تحولها إلى مصدر للإزعاج والمشاكل كما سوف نقرأ في التحقيق التالي . اعتادت ليلى حسن عبدلله "موظفة في مطار دبي" التواصل مع أفراد عائلتها عبر المجموعة التي أنشأتها أختها على البلاك بيري، وتقول: "لدى عائلتنا مجموعتان واحدة على البلاك بيري وأخرى على الوتس، ونشعر بسهولة التواصل عبر مجموعتنا الأولى التي اعتدنا عليها، وعن رأيها في هذه الطريقة في التواصل تشير إلى أن هذه المجموعات تتيح التواصل السريع على مدار اليوم، ولهذا نقصدها بالدرجة الأولى في نشر الأخبار السريعة، أما في الأيام العادية فنكثر من نشر الأدعية . أما محمد خليفة سيف "طالب في كلية العلاقات العامة - جامعة الجزيرة" فلديه ثلاث مجموعات على الوتس خصص كل منها لفئة من العائلة حسب تصنيفه، بعضها لكبار العائلة وأخرى للشباب، وثالثة لأسرته، ويقول: "تتميز هذه المجموعات بالتواصل السريع، والبقاء على علم بما يدور بين أبناء العائلة، لكن للأسف بالعموم أعتقد أن الهواتف الذكية منحتنا طرقاً مختلفة للتواصل الإلكتروني وأخذت منا التواصل الحقيقي، فأصبحنا قليلاً ما نلتقي في الواقع لأننا اعتدنا اللقاء الإلكتروني" . وفي البداية يتحمس جميع أعضاء المجموعة، خاصة أولئك الذين يطلبون المشاركة بأنفسهم، حسب راميا جمال "ربة منزل" وتقول: "أنشأت قبل فترة مجموعة لفتيات العائلة أسميتها (بنات العيلة) لكنها انقلبت إلى (بنات وشباب العيلة ) بعد عدة أيام، فكل يوم كنت أفاجأ برسالة معاتبة من أحد أخوتي أو من شباب العائلة لعزله عن مجموعتنا ومحاداثاتنا المرحة، لكن الأمر كان يستفز كبار العائلة أي الآباء والأمهات لانشغالنا اليومي بهذه المحادثات، حيث أصبحنا ننقل أصغر وأتفه التفاصيل على المجموعة، ونصور كل ما يجري حولنا لنحوله لموضوع للنقاش، وتضيف أن السبب الرئيسي لانشغال الناس بهذه المجموعات هو وقت الفراغ، فعند انتهاء العطلة وعودة المدرسة لم تعد المجموعة نشطة كما السابق بل خف النشاط بنسبة 50% تقريباً" . ولعل التواصل مع الأهل بشكل دائم ينقلب إلى مصدر للإزعاج عندما يصر أحد أفراد العائلة أن ينقل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ويشغل بقية أفراد العائلة بأكثر الأمور سخافة لشعوره بالفراغ والملل، كما حصل مع زينة زكريا "ربة منزل" التي ترى أن أجمل ما في مجموعات الوتس آب عدم افتضاح أمر القارئ، وتقول: "أصبحت مؤخراً أتحاشى الدخول في التفاصيل، لهذا أقرأ الرسائل على مجموعة العائلة غالباً لأستطلع الأمر وأنسحب بهدوء من دون أي تعليق أغلب الأحيان، خاصة بعد أن تسببت لي أختي بالكثير من الضغط والقلق بسبب نقلها للتفاصيل والخلافات الصغيرة التي تجري بين أفراد العائلة، والتي كانت تغضبني وتشغلني ولا أستطيع فعل شيء كوني بعيدة عنهم، ولهذا قررت منع هذه الرسائل المستفزة وهذه التفاصيل اليومية من السيطرة على حياتي، وتذكر من الأمثلة للمشاكل التي كانت تنقلها أختها عدم التزام والدها بالحمية وتناوله طبقه المفضل خلسة،أو إغاظة زوجة أخيها لوالدتها . أما بالنسبة لأسامة حسن "موظف في مجموعة العرّاب" فتعتبر المجموعة العائلية الوسيلة الأجمل للتواصل مع الأهل، خاصة أنه لا يجد الوقت دوماً ليتواصل مع أهله عبر الهاتف أو عبر مواقع التواصل الأخرى، ويقول: "أقضي وقتاً طويلاً في العمل، وبسبب طبيعة عملي لا يمكنني أن أنشغل بالدردشة والحديث مع أحد، ولهذا أجد ضالتي في مجموعة العائلة التي أطمئن من خلالها على أخبار الأهل آخر النهار" . وهناك من قرر التخلص من جميع برامج التواصل عل هاتفه الجوال حتى ينظم وقته ويستعيد حريته في التواصل مثل كريمة بلقاس "ربة منزل" حيث تنبهت ذات يوم إلى أن التواصل مع الأهل والأصدقاء عبر وسائل التواصل التي تلاحقها عبر الموبايل تنقل لها الكثير من المشاعر والتفاصيل التي هي بغنى عنها، وتقول: "أصبحت منشغلة بهم جميعاً، والمزعج أنهن جميعاً من هواة الدردشة سواء الصديقات أو الأخوات، ولهذا قررت وقف نزيف الوقت اليومي وأهتم بأشياء أكثر أهمية كما كنت أفعل في السابق، ولهذا مسحت الوتس آب والتليغرام وحتى الفيس بوك مسنجر وأصبحت أتواصل مع من أريد في الوقت الذي أشاء، وذلك عندما أقرر هذا وأجلس لأتصفح الرسائل على الحاسوب فقط . أما صفوان رافع "شيف" فلديه طريقة مختلفة للتحكم في الأمر من خلال فصل شبكة الواي فاي وقت العمل، ويقول: لاشك أن التواصل مع العائلة أمر رائع خاصة لمن يعيش في الغربة، فمن الجميل أن أعرف ماذا سوف تطهو أمي على الغداء كل يوم، وما هي آخر نكات أخي الصغير، ومتى سوف يكون موعد امتحانات أختي، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن أكون متواصلاً طوال اليوم، أو أنني قادر على التواصل والتعليق على الأخبار التي لا تنتهي والصور التي تمطر صفحات المجموعات، من الأغراض التي اشتراها كل منهم إلى أطباقهم على الغداء، ولهذا عمدت إلى فصل الشبكة وقت العمل ووقت النوم، خاصة أن لدي العديد من المجموعات للأصدقاء وللأهل ولكل منها نشطاؤها الذين يحرصون على تشغيلها ابتداءً من فقرة الأبراج الصباحية وانتهاءً بالسؤال الليلي المتكرر: ماذا سوف تطهون غداً على الغداء"؟ لاشك أن المجموعات العائلية تعتبر من أجمل ميزات مواقع التواصل الاجتماعي لقدرته على إعادة بعض الروابط وحل بعض المشاكل بالنسبة للكثير من العائلات، وخاصة تلك التي تضم أفراداً مغتربين وبعيدين عنها، ويشير د . نادر ياغي "استشاري علم نفس وبرمجة لغوية عصبية" إلى أن أهم ما تقدمه هذه المجموعات للأهل شعورهم بالقدرة على التواصل مع الأبناء ونقل كل لحظة لهم بأي وقت، بالإضافة إلى الاطمئنان عليهم، فالكثير من العائلات أصبحت تصور المناسبات لترسلها لأشخاص الغائبين عنها في الوقت نفسه حتى لا يشعروا بغيابهم، بالإضافة إلى أهمية ميزة السرعة في نقل الأخبار، والتي تتميز بها هذه المجموعات بشكل خاص، ما يجعلها معتمدة لدى معظم أفراد العائلة ومفيدة بشكل كبير، لكن بالطبع لا بد من وجود بعض السلبيات الناتجة عن سوء التعامل مع هذه المجموعات، والعائدة لطبائع الأشخاص أنفسهم، ويذكر "د . ياغي" من هذه السلبيات انتشار مشاكل الغيرة التي تكثر بين النساء عادة بسبب نشر الأخبار والصور بشكل متكرر، والتي ربما يكتشفن من خلالها ما يستفزهن، بالإضافة إلى أن أغلب هذه لمجموعات تستخدم بشكل كبير لنشر مقاطع الفيديو والصور المراد منها الترويج لمعلومة أو موقف ما، وغالباً ما يكون غير صحيح والقصد منها تشويه الحقائق وتزييفها وتسخيف الأفكار . تستنزف الوقت أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي عموماً أشبه بسلاح ذي حدين برأي دينا الأطرش "معلمة" فرغم الخدمات الرائعة التي قدمتها لنا بتقريب البعيد، إلا أنها للأسف أصبحت تهيمن على حياتنا وتستنزف وقتنا بشكل مبالغ فيه، وتقول: "لاشك أنني ممتنة لتواصلي مع أهلي على مدار الساعة ومعرفة أخبارهم، المفرح منها والمحزن، لكن للأمر وجهاً سيئاً أيضاً لم أكن أراه عندما كنت منشغلة في العمل، لكن بعد أن بدأت إجازتي قبل شهرين بدأت ألاحظ أن هذه المجموعات بدأت تلهيني وتأخذ مني الكثير من الوقت، وتضيف بأنها تؤثر بشكل غير مباشر ومن دون أن نشعر في تواصلنا مع الأبناء في المنزل، وعلى قيامنا بواجباتنا تجاه الناس المتواجدين معنا في الواقع، ففي الكثير من الأحيان ننشغل بأحاديثنا الكتابية المستمرة طوال اليوم وننسى الأشخاص الموجودين حولنا" .

مشاركة :