يُعتبر ظهور شبكات التواصل الاجتماعي فتحًا ثوريًا كبيرًا؛ إذ تتميز هذه القنوات الاتصالية بقدرة كبيرة على التأثير، وتخطي الحدود، وعبور القارات، وذلك بلا قيود أو رقابة، إلا بشكل نسبي محدود. إذن، وفرت هذه الشبكات فرصًا كبيرة للتواصل والتعاون، وفتحت قنوات مختلفة للبث المباشر. ولم تتح هذه الشبكات وصول المحتوى الإعلامي إلى فئات وقطاعات كثيرة من المجتمعات فحسب، بل أوقفت احتكار صناعة الإعلام، فضلاً عن أنها عملت على تغيير جوهرة النظرية الاتصالية في حد ذاتها. وكان الانتشار الكبير الذي حظيت به هذه الشبكات، الحافز للعديد من الشركات والمؤسسات على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولة تجنيدها لصالحها، وتحقيق مصالحها الاقتصادية، فحاولت التواجد عبرها بشكل دائم، خاصة أن هذه الشبكات تزخر بمجتمع كبير ومتنوع. شبكات التواصل الاجتماعي.. المفهوم والحدود يذهب البعض إلى أن ﺷﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ هي تلك ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﻭﻣﻨﺎﺑﺮ ﺍلإﻋﻼﻡ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ ﺍلإﻧﺘﺮﻧﺖ؛ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ، وتبادل ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ. ويعرّفوها بكونها مجموعة أﻓﺮﺍﺩ أﻭ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﺭوﺍﺑﻂ ﺳﻮﺍء ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ، أو ﺍﺟﺘﻤﺎﻋية، أو جغرافية، أو غيرها من الروابط الأخرى. ويمكن القول إن “شبكات التواصل الاجتماعي” هي عبارة عن برامج تستخدم لبناء مجتمعات على شبكة الإنترنت؛ حيث يمكن للأفراد التواصل مع بعضهم لأي سببٍ كان. وعلى الرغم من تعدد هذه التعريفات واختلافها، إلا أنه يمكن القول إن الهدف من هذه الشبكات هو تسهيل عملية التواصل بين المؤسسة وجمهورها، ومن ثم فهي أداة فاعلة في الترويج للخدمات، أو المنتجات التي تقدمها هذه المؤسسة أو تلك.التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعرّف التسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي بأنه قيام الشركات باستغلال الشبكات الاجتماعية المختلفة لأغراض تسويقية؛ من خلال تحديد وتحليل المحادثات والمشاركات، والشروع في التفاعلات الاجتماعية داخل هذه المجتمعات، وبالتالي استعمالها، وبناء الخطط التسويقية وفقًا لها وبناءً عليها. إن الميزة الأساسية وراء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو التي توفرها هذه الشبكات؛ هو توفير قاعدة بيانات مفصّلة عن المستهلكين المحتملين، وسلوكياتهم المختلفة، وأنماط شخصياتهم، وبالتالي معرفة الطريقة المُثلى للتعامل مع كل فئة من الفئات الموجودة على هذه المجتمعات الإلكترونية. وعلى كل حال، فإن هذا النوع من التسويق هو عبارة عن استخدام شبكات التواصل والمدونات المختلفة؛ من أجل التسويق، أو البيع، أو العلاقات العامة؛ إذ لا يقتصر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على البيع والتسويق فقط، بل هي إحدى الأدوات المهمة لنقل صورة إيجابية عن الشركة في مجتمعها المحيط. وبناءً على ذلك، يمكن القول، إن اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ عبر ﺷﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﻮ: ﺗﻮﻇﻴﻒ مختلف ﺷﺒﻜﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ مثل “فيسبوك، تويتر، جوجل ﺑﻠﺲ… إﱁ، ﰲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎت، وﺟﻌﻠﻬﺎ وﺳﻴﻠﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ وبين مجتمع اﻟﺰﺑﺎﺋﻦ؛ للاﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻣﺰاﻳﺎﻫﺎ، وإﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت ﻛﻞ زﺑﻮن، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻌﻪ. المزايا الست تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي استراتيجية تسويقية جيدة؛ نظرًا لتميزها بالعديد من الميزات، والتي نذكر منها ما يلي: 1- ﺳﻬﻮﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ: ﻁُﻮﺭﺕ ﺷﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ لتكون ﺳﻬﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ، ﻓﻬﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ بأسس التكنولوجيا، وبالتالي ليس من العسير ولا المكلف استخدام هذه الأدوات الاتصالية في التسويق لمنتجاتنا المختلفة. 2- ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ: ﺃﺗﺎﺣﺖ ﺷﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺟﺬﺍﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﻣﺤﺘﻮﻯ ﻣﻌﻴﻦ، وإنما أتاحت للجميع فرصة التعبير الحر عن الذات، وهذه ليست ميزة للمستخدمين فحسب، وإنما للمسوقين كذلك؛ فكلما كان المستهلك أكثر تعبيرًا عن نفسه كلما كان من السهل معرفة احتياجاته، والطرق المثلى لإشباع هذه الرغبات. 3 – ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺑﻄﺮﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺔ نشأت ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ وجود الإنسان على الأرض، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻓﺮﺕ سبلاً ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻼﺗﺼﺎﻝ، وخلقت نمطًا جديدًا من المجتمعات. 4 – العالمية: ﺣﻴﺚ تُلغى فيها ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻴﺔ، وﺗﺘﺤﻄﻢ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ؛ فيستطيع ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ نظيره ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ. 5- التفاعلية: فالفرد فيها مستقبل وقارئ، مرسل وكاتب في نفس الوقت؛ ما يعني أنها تساعد في القضاء على السلبية والاتكالية، فضلاً عن أنها ﺗﻌﻄﻲ ﺣﻴﺰًﺍ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭئ. 6 – التوفير: إنها وسيلة اقتصادية للغاية في الجهد والوقت والمال، مجانية الاشتراك والتسجيل؛ فبإمكان الفرد البسيط أن يملك أو يشغل حيزًا، ويملك فضاءً خاصًا به على مواقع التواصل الاجتماعي. لعل هذه الأسباب، مجتمعة أو كل على حدة، هي التي دفعت الشركات والمؤسسات المختلفة إلى الإسراع في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة؛ من أجل الإعلان عن نفسها، والترويج لمنتجاتها وخدماتها. وهو أمر بات ضرورة ولا غنى عنه، لا سيما أن عصرنا هو عصر الإعلان والتواصل بامتياز. اقرأ أيضًا: مواقع التواصل الاجتماعي “سلاح ذو حدين”
مشاركة :