تستضيف دبي مساء الأربعاء المقبل، حفل "جائزة الصحافة العربية" في دورتها الرابعة عشرة لإعلان الفائزين ضمن مختلف فئاتها والاحتفاء بهم . ورسخت الجائزة منذ انطلاقها مفهوم تكريم الإبداع وتقدير المبدعين في عالم الصحافة، وحققت تطوراً لافتاً عبر دورات متعاقبة، لتفتح المجال رحباً أمام أكبر عدد من الصحفيين المتميزين للمشاركة . وقد واكب هذا التطور اتساع رقعة الجائزة التي امتدت لتشمل أرجاء الوطن العربي كافة، لتؤكد مكانتها كأرقى شكل من أشكال التكريم في بلاط صاحبة الجلالة في منطقتنا العربية . وفي هذا الإطار قال جاسم الشمسي نائب مدير الجائزة: "مضى ما يقرب من 15 عاماً على انطلاق النسخة الأولى من جائزة الصحافة العربية السنوية وحمل درعها خلال ثلاث عشرة دورة 214 صحفياً وصحفية، وكرمت ضمن فئاتها العديد من المبدعين في مختلف مجالاتهم، ومثلت لكل منهم علامة فارقة في مشوارهم المهني ونقطة مضيئة تحفزهم على بذل المزيد من الجهد وتشجعهم على مواصلة الإبداع، وتذكرهم بأن هناك دائماً من يقدر جهدهم وينتظر منهم المزيد من الإسهامات على صعيد الفكر والطرح والمضمون" . أضاف الشمسي "أن أعمال كافة الفائزين تمر بمراحل دقيقة من التقييم والتحكيم حسب المعايير المحددة لكل فئة، ولا شك أن العمل الفائز يكون على مستوى عالٍ جداً من الاحترافية، مشيراً إلى أن الجائزة شهدت على امتداد دوراتها حلقة متصلة من التطوير والتحديث، وكان التكريم الممنوح من خلالها سبباً في إحداث نقلات نوعية في حياة الفائزين بها على المستوى الاحترافي، وكانت كذلك مقدمة لمشوار صحفي حافل" . ويتذكر الفائزون الأوائل بدرع الجائزة تجربتهم معها، وما أحدثته في حياتهم المهنية والاجتماعية من تأثير، متفقين فيما بينهم على الأثر الإيجابي الكبير الذي خلفته الجائزة على مسيرتهم المهنية في عالم الصحافة . فقد فاز الكاتب صلاح سالم الذي يعمل حالياً مساعداً لرئيس تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية بدرع الجائزة ثلاث مرات، كانت أولاها مع انطلاق الجائزة في مستهل دوراتها، إذ شكل له الفوز بالجائزة علامة فارقة في حياته، وكانت بمثابة الجسر الذي نقله من محرر مبتدئ إلى كاتب لعمود أسبوعي، متخذاً مكانه إلى جوار كبار الكتّاب المصريين في الصحيفة ذاتها التي يعمل فيها اليوم . وحول مشواره المهني وقصته مع جائزة الصحافة العربية يقول سالم: "بدأت مسيرتي المهنية متدرباً بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية "بالأهرام"، حيث كنت طالباً بالفرقة الثالثة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بعدها عيّنت محرراً بالقسم الثقافي في ديسمبر/كانون الأول ،1996 ومن ثم مشرفاً على صفحة الفكر ب"الأهرام" لنحو خمس سنوات، حتى أصبحت مساعداً لرئيس التحرير" . وعن فوزه للمرة الثانية عن الفئة ذاتها يقول: "عندما حصلت على الجائزة للمرة الثانية في دورتها الرابعة عام ،2005 بالتزامن مع حصولي على جائزة الدولة التشجيعية بمصر عن أحد كتبي، وافق إبراهيم نافع الذي كان أحد ضيوف الجائزة في العام نفسه على أن يكون نشر المقال بواقع مرة كل أسبوعين وبمساحة أكبر، وهو ما تكرر عندما نلت الجائزة للمرة الثالثة عام ،2012 حيث أقامت لي "الأهرام" حفل تكريم خاص قام خلاله الزملاء بتوقيع التماس طالبوا فيه رئيس التحرير بجعل مقالي أسبوعياً، وهو ما كان بالفعل، ما يعني أن الجائزة لعبت في حياتي دور الجسر الذي نقلني من محرر صحفي مغمور إلى موقع الكاتب المعروف الذي حلمت به مراراً منذ دخولي في هذه المهنة" . أما عن اقتراحاته لتطوير "جائزة الصحافة العربية"، فيقول: "أتمنى تخصيص جائزة لفئة الصحافة الفكرية التي صارت تشغل حيزاً كبيراً في الصحافة العربية من خلال الصفحات المتخصصة، لاسيما في ظل الضمور الكبير الذي يعانيه الكتاب التقليدي في الحياة الثقافية العربية وسيطرة السطحية على الفضاء الإلكتروني في العموم، الأمر الذي جعل من الصحف العربية منبراً للحوار الفكري الراقي حول مجمل القضايا التي تمس واقع ومستقبل المنطقة" . ويتذكر حامد عطا أحد أشهر فناني الكاريكاتير في دولة الإمارات، تلقيه خبر فوزه بدرع الدورة الأولى لجائزة الصحافة العربية في مستشفى القاسمي بالشارقة، حيث كان بصحبة زوجته وأبنائه لمراجعة طبيب الأطفال، وبينما هو جالس تلقى بفرحة عارمة خبر فوزه في فئة الكاريكاتير عن العمل الذي قدم فيه رداً على الثلاث "لاءات" الشهيرة لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" شيمون بيريز آنذاك "لا . . للعودة إلى حدود عام 67 ولا . . لعودة اللاجئين الفلسطينيين ولا . . لعودة القدس للسيادة العربية"، وهو ما رفضه العرب من خلال المبادرة العربية للسلام ولخصه عطا في كاريكاتير من دون تعليق أظهر فيه شخصية عربية تقود شاحنة، بينما تدهس هذه اللاءات الثلاث . وعن مشواره المهني وقصته مع الجائزة، يقول فنان الكاريكاتير: "كنت أعمل في صحيفة "الخليج" الإماراتية عندما فزت بالجائزة، حيث عرفت عنها من خلال الرسائل التي تبعث بها إدارة الجائزة إلى كل الصحف المحلية وأتذكر أني وجدت تشجيعاً كبيراً من الزملاء، وأني كنت آخر المتقدمين بأعمالي قبل الموعد المحدد بيوم واحد" . ويضيف: "لا شك أن الفوز بالجائزة يشكل قيمة كبيرة وانعكس بالإيجاب على حياتي المهنية والاجتماعية، خاصة أنها الجائزة العربية الأولى في مجال الصحافة، وتشهد دوراتها منافسة قوية، لاسيما في مجال الكاريكاتير، حيث كانت الصحف العربية تزخر بعمالقة ورواد رسامي الكاريكاتير في العالم العربي، وهو ما ضاعف فرحتي لشدة المنافسة بين هؤلاء الرواد على درع التفوق والجودة" . ويوجه عطا نصائحه كفنان ومبدع اختار الكاريكاتير مهنة له أن يثقف نفسه بنفسه، وأن يبحث دائماً فيما وراء الخبر، ولا يخجل أبداً بالسؤال في مختلف المجالات، كما ينصح جيل الشباب من الرسامين بالتدريب بشكل يومي، ومتابعة أعمال فناني الكاريكاتير العالميين، مشيراً إلى أن الجيل الجديد من الرسامين محظوظ بوجود وسائل الاتصال الحديثة . وعلمت ضياء شمس الفائزة عن فئة التصوير الفوتوغرافي الصحفي في أولى دوراتها عن تخصيص جائزة الصحافة العربية لفئة خاصة للتصوير، وكان ذلك عن طريق إحدى الصحف المحلية اللبنانية، وهي صحيفة "المستقبل" التي نشرت إعلاناً عن الجائزة والتي كانت تعمل فيها صحفية ضمن قسم التحقيقات الميدانية . ولم تتوقع شمس التي تعمل حالياً مقدمة لبرنامج "آخر طبعة" في قناة الميادين الإخبارية بلبنان، الفوز بجائزة التصوير الصحفي، حيث تقدمت لتنافس ضمن فئتي التحقيق والتصوير الصحفي، وتوقعت أن يفوز تحقيقها عن تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال "الإسرائيلي" والذي وصفت فيه أحوال الناس والوضع على الأرض لحظة بلحظة من داخل الشريط الحدودي، وهو ما عرضها للعديد من المخاطر لحرصها على نقل تفاصيل ما حدث بدقة للقراء . أما مشاركتها في فئة التصوير الفوتوغرافي، فكانت من خلال صورة سجلت لحظة لقاء شقيقتين لم تلتقيا منذ 52 عاماً، وكان ذلك بعد تحرير الجنوب، إذ تدفق الفلسطينيون إلى الحدود الجنوبية اللبنانية الفلسطينية المحتلة، حيث لاقاهم أقاربهم وأصدقاؤهم من الطرف المقابل "فلسطينيو 48"، وكانت لقاءاتهم وحواراتهم مؤثرة للغاية، لأن من بينهم من لم ير ذويه وأشقاءه منذ النكبة عام ،1948 وسجلت الصورة الفائزة الشقيقة الصغرى وهي تعبر الأسلاك الحدودية الشائكة عنوة عن جنود الاحتلال لتعانق شقيقتها الكبرى التي حملت على مقعد لشدة مرضها إلى موقع "بوابة الضهيرة" فقط لترى أختها بعد طول فراق . وتشير شمس إلى تقديرها وغيرها من الإعلاميين للتطوير المستمر لفئات الجائزة وإضافة فئات الصحافة الذكية وغيرها من الفئات التي فرضت نفسها على المشهد الإعلامي العربي، نظراً لتطور وانتشار تقنيات الاتصال الحديثة في العالم العربي، كما تقترح مع ذلك تخصيص جائزة للموضوعات التي تلتزم بالمعايير المهنية والأخلاقية والتي أصبحت تحيد عنها بعض وسائل الإعلام العربية ببعدها عن المصداقية والانحياز لطرف من دون الآخر . ووجهت الإعلامية اللبنانية للجيل الجديد من الصحفيين، لاسيما الطامحين بالفوز بإحدى فئات الجائزة ثلاث نصائح مهمة، أولهما القراءة اليومية، وثانيها الالتزام بأخلاق المهنة ومعاييرها، أما النصيحة الثالثة فهي تحمل الصعاب والعراقيل التي قد تواجههم عند محاولة إثبات الذات، لاسيما في بداية حياتهم المهنية . وفاز بلال المسلمي بجائزة الصحافة العربية في دورتها الأولى عن فئة الصحافة الرياضية، حيث كان يعمل محرراً رياضياً في مجلة "الأهرام الرياضي" وعلى الرغم من السنوات الطويلة التي مرت على تتويجه بالدرع إلا أنه مازال يتذكر تفاصيل موضوعه الفائز والذي كان بعنوان "حتى الكرة سرقتها "إسرائيل" من فلسطين" فنّد من خلاله التزوير الذي مارسته "إسرائيل" لمحو تاريخ كرة القدم الفلسطينية من سجلات الاتحاد الدولي للعبة وعرض لمراسلات مع الاتحاد الدولي لكرة القدم في هذا الشأن، ووثق تاريخ اللعبة في فلسطين، كما أجرى حوارات مع شهود من لاعبين ومدربين عاصروا تأسيس الاتحاد الفلسطيني، وشاركوا في أول ظهور لفلسطين بتصفيات كأس العالم، كما عرض لرد الاتحاد الدولي عن الواقعة وتبريره لما كتب عن تاريخ الكرة الفلسطينية، وهو ما أحدث صدى واسعاً على المستوى العربي من الجانبين الإعلامي والرسمي . وعن ذكرياته مع استقبال خبر الفوز بالجائزة ومدى تأثيرها في حياته المهنية ومشواره بعدها يقول: "الفوز بجائزة الصحافة العربية حلم لأي صحفي وإعلامي يسعى إلى تطوير ذاته ومهاراته والطموح في مستقبل أفضل، وهو ما حدث معي بالفعل، فبعد الفوز بالجائزة تلقيت عروضاً للعمل في بعض الصحف والمجلات العربية، وأسهمت في تأسيس مجلات رياضية عربية عدة إلى أن عملت صحفياً بالقسم الرياضي لقناة "سكاي نيوز" عربية" . أما نصائحه للجيل الجديد من الصحفيين، فيقول: "هناك الكثير من الأسماء الواعدة التي تقدر العمل الصحفي والمهنية الإعلامية، لكنها تبحث عن فرصة وأجد في الجائزة أكثر المنابر الصحفية التي يمكن أن تقدم لهم الدعم والخبرة اللازمة ليصبحوا أسماء لامعة في عالم الصحافة، ولكن بعضهم يصاب بالإحباط من جراء ما يواجه من تحديات، ولهم أوجه نصيحة مهمة تتلخص في ضرورة المثابرة والعمل بجد واحترام القارئ، وتحديد وترتيب الأهداف بدقة وعناية وفي المهنة أسألهم وضوح الرؤية وشمولية المعالجة" . أسامة الشيخ: يجب التخلص من السطحية والاستسهال شارك أسامة الشيخ الذي يشغل حالياً وظيفة مدير أول في إدارة العلامة التجارية بمجموعة "إم بي سي" في الجائزة ضمن دورتها الأولى من خلال صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، حيث كان يعمل في قسمها الرياضي، وبعد الفوز بدرعها الأول انتقل منها ليشارك في إصدار مجلة "سوبر" الرياضية الأسبوعية التي فاز معها بالجائزة لمرتين ليصبح أحد القلائل الذين فازوا بالجائزة في ثلاث دورات . وحول تأثير الجائزة في حياته المهنية يقول: "كان للجائزة أثر إيجابي كبير، كونها أكبر الجوائز الصحفية في العالم العربي، كما أن توقيتها كان مهماً بالنسبة إليّ، حيث كنت عائداً حديثاً للعمل في صحيفة "الاتحاد" في صيف عام 1999 بعد تجربة قصيرة في لندن مع صحيفة "الحياة"، وتلقيت خبر الفوز بالجائزة في ذات الأسبوع، وهو ما منحني المزيد من الثقة والإصرار على مواصلة طريق التميز والبحث عن الأفضل" . ويتذكر الشيخ المواقف الطريفة التي ساقها القدر، ليمكنه من الفوز بدرع الجائزة الأول، حيث إنه لم يكن الصحفي المرشح من قبل الجريدة لتغطية بطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم وكان يتابع الأيام الثلاثة الأولى في منزله عبر شاشة التلفاز، قبل أن يعتذر زميله المكلف بالتغطية عن السفر ليقع الاختيار عليه كبديل يقدم أفضل تغطية على مستوى الصحف العربية . وعن أفكاره لتطوير الجائزة يقول: "لديّ الكثير من الأفكار، وأعتقد أن الكثير من الزملاء الفائزين بالجائزة لديهم الكثير من المقترحات، لذا أقترح على القائمين على الجائزة عقد ورشة عمل سنوية تجمعهم بمجلس إدارتها لمناقشة تلك الأفكار والمقترحات والاستفادة بمخرجاتها، بما يصب في النهاية في مصلحة الجائزة وتطورها" . أما عن نصيحته لزملاء المهنة من جيل الشباب، فينصحهم بضرورة التخلص من آفة السطحية و"الاستسهال" والتعامل مع الصحافة على أنها مجرد وظيفة تؤمن لهم سبل العيش، وأوصاهم بالتحلي بالدقة والابتكار، وأن يكون السؤال "ما الذي يمكن أن أقدمه مختلفاً عن الآخرين؟"، أهم ما يسأله الصحفي لنفسه قبل البدء في كتابة موضوعه .
مشاركة :