نقلت صحيفة هيندو الهندية، الأحد، عن مسؤولين حكوميين، لم تكشف عن هوياتهم، أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ألغى زيارته إلى أنقرة المبرمجة هذا العام بعد أن انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلغاء نيودلهي للوضع الخاص بكشمير. ونقلت الصحيفة عن المسؤولين القول إن تأجيل الزيارة يأتي بالإضافة إلى تدابير أخرى من بينها إلغاء محتمل لعطاء بقيمة 2.3 مليار دولار تمّ منحه لشركة “أناضول شيبيارد” التركية، لبناء السفن في وقت سابق هذا العام، من أجل مساعدة شركة “هيندوستان شيبيارد” المحدودة في بناء خمس سفن لدعم الأسطول الهندي حمولة كل منها 45 ألف طن. وقال السفير التركي لدى الهند شاكر أوزكان تورونلار للصحيفة إن بلاده تنتظر تحديد موعد آخر لزيارة مودي، وتأمل في الاحتفاظ بطلبية السفن. ويواصل الرئيس التركي سياسة استعداء الجميع والتدخل في شؤون الداخلية لدول المنطقة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد التركي من أزمات خانقة. وتتعالى أصوات المصنعين والمصدرين والمطورين العقاريين وأقطاب السياحة في تركيا، نتيجة تضررهم من المقاطعة والعقوبات المؤلمة، التي سلّطت على البلاد نتيجة سياسات حزب العدالة والتنمية الخارجية. 2.3 مليار دولار قيمة إلغاء الهند لمساعدة مالية تمّ منحها لشركة أناضول شيبيارد التركية ويحاول أردوغان التعتيم على فشله الاقتصادي في الداخل من خلال اختلاقه لأزمات دولية وحشر أنفه في شؤون دول أخرى، دون تحقيق أي مصلحة سوى المزيد من العزلة واتساع دائرة المقاطعة. ولطالما قدّم أردوغان نفسه على أنه “حامي” المسلمين المستضعفين حول العالم و تراه يسابق الزمن لـ”نصرة” هؤلاء و”دعم” الآخرين ، إلا أن هذه الصورة هُدمت مع أول ضغط صيني، بعد أن صرح بأن أقلية الأويغور التي تقبع في مراكز إعادة تأهيل صينية يعيشون في سعادة، فيما يجمع الغرب على أن المراكز أشبه بالمعتقلات. فالمسلمون عند الرئيس التركي نوعان؛ مسلمون يمكن التجارة بمعاناتهم وآخرون لهم الله. فليس من مهامه الدفاع عنهم طالما أن تجارتهم كاسدة وبضاعتهم مزجاة. انقلب الرئيس التركي 180 درجة برفع يده عن ملف أقلية الأويغور المسلمة في الصين واعتبار أنهم يعيشون في سعادة وسلام داخل مراكز الاعتقال بشينجيانغ، بعد أن انتقد في وقت غير بعيد الوضع هناك، واعتبر ما يحدث في الإقليم قمعا من قبل السلطات الصينية. وفي وقت تترقب فيه أنقرة بقلق عقوبات اقتصادية أميركية، بسبب شرائها لصواريخ أس- 400 الروسية، يبدو أن الرئيس التركي لا يريد خسارة الاستثمارات الصينية، الشريك الاقتصادي الكبير لبلاده. وهزّت هذه التصريحات صورة حاول الرئيس التركي بناءها لمدة سنوات على أنه “حامي المستضعفين“، فيما تراجعت شعبية بشكل مدوٍّ على إثر خسارته انتخابات بلدية إسطنبول، ما ينذر، حسب مراقبين، بنهاية أسطورة الرجل الخارق الذي لا يهزم. وبينما يعاني الأتراك من غلاء المعيشة وارتفاع نسبة البطالة، يغدق الرئيس التركي الأموال على صراعاته الخارجية، في كل من شمال شرق سوريا وقبرص الرومية المعترف بها دوليا. وأثار اكتشاف احتياطي هائل من الغاز في شرق المتوسط خلافا بين قبرص وتركيا التي أرسلت سفينتين للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة. وتعتبر أنقرة أن الموارد الغازية لابدّ أن تتوزع بشكل عادل بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك، الأمر الذي ترفضه نيقوسيا بشدة. وفي زيارة رفيعة المستوى لقبرص، هي الأولى من نوعها مؤخرا، أعرب وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف عن دعم المملكة لـ”سيادة قبرص ومشروعيتها”، في تحدّ جديد للدور التركي في قبرص والمنطقة عموما. وأكد العساف في مؤتمر صحافي عقده أثناء زيارته إلى الجزيرة تأييد الرياض لقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بالنزاع القبرصي، مبديا أمل المملكة في أن يستطيع الطرفان حل الخلاف القائم بينهما بطريقة سلمية. وتعهّد وزير الخارجية السعودي بأن تواصل المملكة دعم قبرص، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من العناصر المشتركة المتعددة بين الدولتين والفرص الاقتصادية التي توفرها لهما. وتزداد المخاوف التركية اليوم، رسميا وشعبيا، على نحو كبير من تسارع وتيرة العقوبات السعودية التي يتم فرضها تدريجيا على أنقرة سواء بشكل علني أو سرّي، والتي شملت حتى اليوم مجالات الاستثمار العقاري والسياحة والنقل، فضلا عن مقاطعة المسلسلات التركية التي تمثل ترويجا لسياسة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم.
مشاركة :