ذكر تقرير لصحيفة فايننشال تايمز أمس أن تشغيل الخط الأول من مترو الدوحة لا يزال يفتقر إلى المسافرين، وأن صالاته الفخمة لم تستقطب سوى أعداد قليلة من الراغبين في الاطلاع عليه فقط. وشككت الصحيفة البريطانية في إمكانية تحقيق الجدوى الاقتصادية من بناء المشروع، الذي تصل تكلفته إلى 18 مليار دولار في ظل احتقان فقاعة عقارية كبيرة تقترب من الانفجار حتى قبل تنظيم بطولة كأس العالم. ويرى محللون أن المشروع يبدو فائضا عن الحاجة، وأنه سوف ينتظر أكثر من 3 سنوات لاستخدامه مرة واحدة خلال البطولة ليتحول تشغيله بعد ذلك إلى عبء كبير على الحكومة القطرية. ويشير مخطط المشروع الذي ينتظر اكتمال خطين آخرين ويصل طوله إلى 76 كيلومترا، إلى أنه سيتألف من ثلاثة خطوط هي الأحمر والأخضر والذهبي، وتشمل 37 محطة. ومن المفترض أن ينتهي العمل به في العام المقبل. 30 بالمئة نسبة انحدار أسعار عقارات قطر في 5 سنوات وهي مرشحة لانفجار فقاعة كبيرة ونسبت الصحيفة إلى مصرفي قطري قوله “القطاع الخاص يعاني ومبيعات التجزئة تعاني. أنشأنا بنية تحتية لعشرين عاما في غضون عامين ثم جاءت المقاطعة العربية” التي غيرت تلك الصورة. وأشارت فايننشال تايمز إلى بيانات شركة “فاليوستارت” الاستشارية التي تؤكد تراجع أسعار العقارات بنحو 30 بالمئة منذ انحدار أسعار النفط في منتصف عام 2014. وتتوقع فاليوستارت المزيد من الضغوط على إيجارات وأسعار العقارات، بسبب فورة البناء التي أدت إلى زيادة معروض المكاتب الفارغة بنسبة 25 بالمئة مع استمرار نمو الفائض في العام المقبل. ورجحت الشركة أن يزداد معروض العقارات بنسبة 28 بالمئة العام المقبل، إذا تم الوفاء بالجداول الزمنية الحالية للبناء حيث يجري بناء مراكز تجارية يصعب الوصول إليها في ضواحي الدوحة. وقالت فايننشال تايمز إن ذلك يقدم “مثالا صارخا على الإفراط في إنشاء مراكز التسوق الفائضة عن الحاجة مع تزايد ميل الزبائن للتسوق عبر الإنترنت، الأمر الذي يخلق عاصفة مثالية لهذه الصناعة”. ونقلت عن وزير الاقتصاد السابق الشيخ محمد بن أحمد آل ثاني إقراره بحجم التحديات، وقوله إن الاقتصاد لا يزال يحاول التكيف مع تداعيات انهيار أسعار النفط العالمية. وأكدت فايننشال تايمز أن المقاطعة العربية كان لها تأثير مدمر على الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن التدفقات الداخلة البالغة 986 مليون دولار في عام 2017 تحولت إلى نزوح 2.2 مليار دولار في العام الماضي. وشكك محللون في جدوى شبكة مترو الدوحة وأكدوا أن المسؤولين القطريين سيجدون صعوبة في استقطاب الركاب لتبرير تكلفة تشغيله الباهظة، وهو ما يبدو واضحا في خلو العربات من المسافرين منذ افتتاح أول الخطوط في مايو الماضي. ويبدو من المستبعد أن يستخدمه المواطنون القطريون، الذين يفضلون استخدام السيارات الخاصة، وأن يقتصر استخدامه على بعض العمال الآسيويين في أوقات الذهاب والعودة من العمل فقط. بل إن المراقبين يرجحون قلة استخدامه حتى من قبل العمال الأجانب، حيث تستخدم الشركات حافلات لنقل العمال من مواقع البناء إلى معسكرات الإقامة. وأشار البعض إلى أن أعداد العمال ستنحسر بدرجة كبيرة بعد البطولة في ظل ترجيح توقف أعمال البناء بعد إنفاق الدولة لعشرات مليارات الدولارات في مشاريع عملاقة ستزول جدواها الاقتصادية بعد البطولة. وينظر إلى مترو الدوحة على أنّه مشروع ضخم حتى بمعايير قطر الغنية بالغاز والنفط والتي تشهد مشاريع بنية تحتية كبيرة. ومن المتوقع أن يكون فائضا عن حاجة المدينة بعد استخدامه خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم. ويتضح ذلك في إعلان وزارة المواصلات القطرية تشغيل القطارات لمدة 5 أيام فقط في الأسبوع من الساعة الثامنة صباحا وحتى الحادية عشرة مساء، رغم تشغيل خط واحد من الخطوط الثلاثة. ومنذ ولادة المشروع في صيف العام 2013، بدأت قوة عاملة مؤلفة من 41 ألف عامل بنشاطات الحفر والبناء، وخصصت مناطق واسعة في الدوحة لإقامة المحطات والأنفاق فيها. وستقام 90 بالمئة من شبكة سكك المترو تحت الأرض. ويهدف المشروع إلى تقليل أعداد السيارات في شوارع العاصمة بنحو 190 ألف سيارة يوميا واستخدام القطريين للمترو والاستغناء عن سياراتهم، وهو ما يشكك المحللون بإمكانية تحقيقه. وتحاول الدوحة تقديم توقعات متفائلة تستند إلى ترجيح ارتفاع عدد سكان الإمارة الصغيرة من 2.6 مليون شخص حاليا إلى نحو 3.6 ملايين نسمة بحلول 2031. وتأمل شركة السكك الحديد القطرية أن يستخدم 1.65 مليون شخص المترو سنويا بحلول ذلك التاريخ. لكن المحللين يقولون إن الجدوى الوحيدة للمشروع هي تسهيل استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم، حيث تتوقع قطر استضافة نحو مليون زائر. ويؤكدون أن تشغيله سيتحول إلى كابوس على الحكومة، وهو ما ينطبق أيضا على الكثير من المشاريع والفنادق بعد انتهاء البطولة.
مشاركة :