أدلى البريطانيون بأصواتهم أمس، في الانتخابات الأكثر سخونة وتنافسية منذ أربعة عقود. وفي انتظار ظهور النتائج اليوم، سادت تكهنات بأن تؤدي النتائج إلى تشكيل حكومة ائتلافية ضعيفة، مع مخاوف من اقتراب خامس أكبر اقتصاد في العالم من ترك الاتحاد الأوروبي وتعاظم رغبة الاسكتلنديين في الانفصال. ودعي 48 مليون ناخب إلى الاقتراع في مراكز التصويت البالغ عددها 50 ألفاً في أنحاء البلاد حيث وضعت صناديق اقتراع في أماكن غير مألوفة مثل حانات وعلى متن باصات مدرسية وفي مدارس ابتدائية وكنائس ومنازل نقالة أو حتى في معبد هندوسي. وأظهر آخر استطلاعات الرأي أن حزبي «المحافظين» بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كامرون و «العمال» المعارض بزعامة إد ميليباند، يتعادلان بنسبة 35 في المئة لكل منهما، ما يشير إلى أن أياً من الحزبين لن يتمكن من الفوز بغالبية بسيطة في مجلس العموم المؤلف من 650 مقعداً، وبالتالي سيضطران إلى التحالف مع أحزاب أخرى، مثل حزبي «الاستقلال» و «الديموقراطيين الأحرار» اللذين حلا في المرتبتين الثالثة والرابعة بحصولهما على 11 في المئة و9 في المئة على التوالي. وفي حديث أمام أنصاره في شمال إنكلترا أمس، اعترف ميليباند بأن «هذا السباق سيكون الأكثر سخونة على الإطلاق ولن يحسم إلا في اللحظة الأخيرة»، في حين قال كامرون أن حزبه وحده يستطيع تقديم حكومة قوية ومستقرة. وأعتبر أن «كل الخيارات الأخرى ستؤدي إلى الفوضى». وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه اللورد أشكروفت أثناء التصويت أمس، أن كلاً من «المحافظين» و «العمال» سيحصل على 33 في المئة. ويصور حزب «المحافظين» نفسه على أنه حزب فرص العمل والانتعاش الاقتصادي. وهو وعد بخفض الضرائب على الدخل لثلاثين مليون شخص وخفض الإنفاق على نحو أكبر، للتغلب على العجز الحالي في الموازنة، البالغ خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويؤكد حزب «العمال» أنه سيخفض العجز سنوياً ويزيد ضريبة الدخل المفروضة على شريحة الواحد في المئة الأعلى دخلاً في البلاد وسيدافع عن مصالح الأسر العاملة والخدمات الصحية العامة. ويتوقع أن يبدأ كل من الحزبين اليوم، مفاوضات مع الأحزاب الأصغر في سباق لإبرام صفقات لتشكيل ائتلافات حكومية. وقد يؤدي ذلك إلى تحالف رسمي مثل الذي قاده كامرون على مدى السنوات الخمس الماضية، مع «الديموقراطيين الأحرار» أو قد يفضي إلى حكومة أقلية هشة تقدم تنازلات لضمان الحصول على تأييد الأصوات الرئيسية. ومن بين سبعة استطلاعات للرأي نشرت عشية الانتخابات أظهرت ثلاثة تعادل الحزبين الرئيسيين. وأشارت ثلاثة استطلاعات أخرى إلى تقدم المحافظين بنقطة مئوية واحدة وأظهر استطلاع واحد تقدم العمال بفارق نقطتين. وتوقع بيتر كيلنر خبير استطلاعات الرأي البارز من مركز «يوغوف» أن يحصل حزب «المحافظين» على 284 مقعداً في مقابل 263 لـ «العمال» و48 للقوميين الاسكتلنديين و31 لـ «الديموقراطيين الأحرار» ومقعدين لـ «حزب الاستقلال البريطاني» المناهض للاتحاد الأوروبي ومقعد لـ «الخضر» و21 مقعداً لأحزاب ويلز وأرلندا الشمالية. ويركز المراقبون على اثنين من هذه الأحزاب باعتبار أنهما يمكن أن يؤديا إلى ترجيح كفة الميزان، وهما حزبا «الديموقراطيين الأحرار» الذين يمكن أن يخسروا نصف مقاعدهم الـ 57 لكنهم يظلون شركاء في أي تحالف ممكن للحزبين الكبيرين، و «الحزب الوطني الاسكتلندي الذي يأمل بتحقيق فوز كاسح في اسكتلندا والحصول على 50 مقعداً من أصل 59. وفي حال فوز المحافظين فقد يزيد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لأن كامرون وعد بإجراء استفتاء حول العضوية بحلول 2017. ومع استبعاد احتمال فوز أي من الحزبين الكبيرين بغالبية تؤهله تشكيل حكومة، وتزايد نفوذ الأحزاب الصغيرة، فإنه من المرجح أن تكون هذه الانتخابات مؤشراً إلى تقلص سياسة الحزبين التقليدية في بريطانيا وصعود سياسة الأحزاب المتعددة على غرار المنتشرة في أوروبا. ويبدو أن «المحافظين» يتجهون إلى التحالف مع «الديموقراطيين الأحرار» بزعامة نك كليغ، الذي يشكلون معه حكومة ائتلافية منذ 2010.
مشاركة :