هل الأفلام والمسلسلات ونجوم العنف والأكشن هم الذين صدّروا للشارع المصرى كل هذه البشاعة والجرائم والدماء، أم أنهم قدموا محاكاة لما ينوء به حقًّا الشارع؟.محمد راجح، قاتل محمود البنا (شهيد الشهامة)، هل كان ضحية أفلام ومسلسلات محمد رمضان التي دفعته للتقليد وممارسة العنف المفرط، أم أن الأمر له أسبابه العميقة اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا؟.لا أحد ينكر قطعًا تأثير (الميديا) على الناس، فهناك عنف واضح ودماء باتت تتناثر عبر الشاشات، لا أتحدث فقط عن الأفلام والمسلسلات، ولكن تابعوا نشرات الأخبار وكم الدماء التي تتخلل النشرة، ومن يجز الرقبة بسكين (تلمة) ثم يرفعها بكل نشوة أمام الكاميرا.هل الدولة تريد أن تلقى بالمسؤولية بعيدًا عنها وتتحملها الشاشات بما تبثه من عنف؟.. إذا أردنا أن نشعر بالراحة فلنلقِ بالتبعة على ما نشاهده من أفلام ومسلسلات وأغانٍ.. و(أديك في الجركن تركن)، ولكن تأملوا هذه الحقائق، لماذا أصبحت مصر تحتل مراكز متقدمة عالميا في التحرش والإدمان ومتابعة المواقع الإباحية، هل أيضا يتحملها (عبده موتة) و(إبراهيم الأبيض)؟.ما مسؤولية الدولة عن كل ذلك؟، هل الشاب يجد ما يستوعب طاقته المهدرة؟، أين الساحات الشعبية ومراكز الشباب، هل يجد الشاب مساحة للتعبير الحر عن رأيه في كل ما يجرى في الحياة، أم أنهم زرعوا بداخله اليأس والخوف وباتوا يفتشون (الموبايل)؟.. الأمر متشابك ومتعدد الزوايا، تريد أن تقول إن الجريمة وقودها البنزين الذي تبثه الشاشات، هل فيلم (العار) مثلا لعب دورًا في رواج الحشيش، ألم نتعاطف مع الشخصية التي أداها نور الشريف وهو يحلل التعاطى (إذا كان حلال أدينا بنشربه، وإذا كان حرام أدينا بنحرقه).. أليست هذه في الأساس ثقافة متأصلة في المجتمع المصرى ولم يخترعها الراحل محمود أبوزيد كاتب الفيلم طوال التاريخ المعاصر، وهناك شخصيات تدافع عن إباحة تعاطى الحشيش وتطالب بتشريع وضوء أخضر؟.كان من السهل في الماضى تقديم ضابط منحرف في الأعمال الفنية، وعبر تاريخ السينما شاهدناه، بات هذا الآن من المستحيلات، وتم تكدير كل من أباح بعرض فيلم (تراب الماس) بسبب شخصية ضابط الشرطة المنحرف، لديكم مثلا (حاتم) أمين الشرطة الفاسد في (هى فوضى) 2008 صار الآن في فيلم (يوم وليلة) أمين شرطة مثاليًّا جدًا إلى درجة تنفى عنه المصداقية.في مسلسل (الأسطورة)، مشهد رمضان وهو يجبر غريمه على ارتداء زى امرأة، بعدها ببضعة أيام في إحدى قرى الفيوم أصبحت حقيقة، وتناسينا أن كاتب المسلسل لم يخترعها، والتجريس بارتداء زى امرأة واحدة من أدوات الإذلال في الثقافة الشعبية المصرية، الناس لا تلتزم بالقانون وتأخذ حقها بيدها، لم يكرسها مسلسل أو فيلم، ولكن ممارسات على أرض الواقع دفعت البعض لأن يرى أن الوسيلة الوحيدة لأخذ الحق هي أن تصبح أنت القانون، هناك إحساس مستشرٍ بأن (اللى ليه ضهر ما ينضربش على بطنه)، والناس ترى أن من يسب ويشتم ويضرب يحميه القانون.تريد أن تبعد المسؤولية عن الدولة وتقول للناس إن الشاشة مذنبة.. لا بأس، ولكن عليك أن تستعد من الآن لمزيد من الأبرياء يقتلون وتسيل دماؤهم في الشارع، بينما الشاشة ناصعة البياض!!.
مشاركة :