سياسات المالية العامة الكابحة لتغير المناخ «1من 2»

  • 10/23/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح الاحترار العالمي تهديدا واضحا وآنيا. ولا تزال الإجراءات والتعهدات دون المستوى اللازم لمواجهتها. وكلما انتظرنا تعاظمت الخسائر في الأرواح والضرر الواقع على الاقتصاد العالمي. ويجب على وزراء المالية القيام بدور محوري في قيادة وتنفيذ سياسات للمالية العامة من شأنها كبح تغير المناخ. ولإنجاز هذه المهمة ينبغي لهم تغيير شكل النظام الضريبي وسياسات المالية العامة لكبح انبعاثات الكربون الناتجة عن الفحم وغيره من أنواع الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة. ويساعد الراصد المالي صناع السياسات على اختيار الإجراءات الممكنة في هذا الصدد وتحديد كيفية تنفيذها بصفة فورية على المستويين العالمي والمحلي. فمن الممكن تحقيق مستقبل أفضل. لكن هذا يتطلب من الحكومات زيادة سعر انبعاثات الكربون لتحفيز الأفراد والشركات على تخفيض استهلاك الطاقة والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة. وضرائب الكربون هي أقوى الأدوات وأكثرها كفاءة، لكن شريطة أن يتم تطبيقها بصورة عادلة ومؤاتية للنمو. وكي يصبح تطبيق ضرائب الكربون أمرا ممكنا من الناحية السياسية وكفؤا من المنظور الاقتصادي، ينبغي للحكومات اختيار كيفية استخدام الإيرادات الجديدة. وتتضمن الخيارات المتاحة تخفيض أنواع الضرائب الأخرى، أو دعم الأسر والمجتمعات المعرضة للتأثر، أو زيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة، أو مجرد إعادة الأموال إلى الناس كأرباح موزعة. لتقييد الاحترار العالمي في حدود درجتين مئويتين أو أقل - وهو المستوى الذي يعد آمنا وفقا للدراسات العلمية- ينبغي اتخاذ إجراءات طموحة في البلدان الأكثر إنتاجا للانبعاثات. فعلى سبيل المثال، ينبغي أن تطبق هذه البلدان ضريبة على الكربون ترتفع سريعا إلى 75 دولارا للطن في عام 2030. ويعني هذا حدوث ارتفاع تراكمي بمتوسط 45 في المائة في فواتير الكهرباء التي تدفعها الأسر على مدار العقد المقبل، وتزداد هذه النسبة في البلدان التي لا تزال تعتمد كثيرا على الفحم في توليد الكهرباء، وتقل في غيرها من البلدان. وبهذا تزداد تكلفة البنزين بنسبة 14 في المائة في المتوسط. لكن الإيرادات التي تدرها الضريبة، التي تراوح بين 0.5 و4.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي -حسب البلد- يمكن استخدامها في تخفيض ضرائب أخرى تضعف حوافز العمل والاستثمار، كالضرائب على الدخل أو الأجور والرواتب. ويمكن للحكومات أيضا استخدام الأموال في دعم العمالة والمجتمعات الأكثر تضررا، في مجالات التنقيب عن الفحم على سبيل المثال، أو دفع ربح متساو لكل السكان. وبدلا من ذلك، يمكن للحكومات تعويض أفقر 40 في المائة من الأسر فقط وهو منهج يتيح ثلاثة أرباع الإيرادات للقيام باستثمارات إضافية في الطاقة الخضراء أو الابتكار أو تمويل أهداف التنمية المستدامة. وستساعد أموال دافعي الضرائب أيضا على إنقاذ أكثر من 700 ألف نسمة سنويا في الاقتصادات المتقدمة والصاعدة يلقون حتفهم حاليا بسبب تلوث الهواء في بيئاتهم المحلية. وستساعد الأموال على احتواء الاحترار العالمي في المستقبل كما اتفق المجتمع الدولي. يطبق أحد أشكال نظم تسعير الكربون في نحو 50 بلدا. لكن متوسط سعر الكربون العالمي يبلغ الآن دولارين للطن فقط، وهو أقل بكثير مما تحتاج إليه كرتنا الأرضية والتحدي القائم هو أن يعتمد مزيد من البلدان نظاما لتسعير الكربون وتقوم كل البلدان برفع سعره. وتعد السويد نموذجا يحتذى في هذا الخصوص فضريبة الكربون التي تطبقها تبلغ 127 دولارا لكل طن، كما أنها تمكنت من تخفيض الانبعاثات بنسبة 25 في المائة منذ عام 1995، بينما توسع الاقتصاد بنسبة 75 في المائة منذ ذلك الحين... يتبع.

مشاركة :