جاكرتا/ الأناضول أعلن وزير الخارجية الماليزي، سيف الدين عبد الله، الأحد، أن بلاده يجب أن تعزز قدراتها البحرية، لمواجهة أسوأ الاحتمالات فيما يتعلق بنزاع بحر الصين الجنوبي. وقال سيف الدين، في كلمة أمام البرلمان، إن ماليزيا يمكن أن تقدم احتجاجًا إذا انتهكت الصين أراضيها، لكن افتقارها إلى المعدات والقوة البحرية اللازمة لإنفاذ القوانين البحرية جعلها في وضع غير موات. وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين خلال الأسابيع الأخيرة؛ لا سيما بعد أن أبحرت مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية قرب جزر تطالب الصين بالسيادة عليها في سبتمبر/أيلول الماضي. واعتبرت الصين أن إجراءات الولايات المتحدة تمثل "تحديًا"، وهي اتهامات وصفتها واشنطن بأنها مفرطة. وزير الخارجية الماليزي، أشار إلى أن بحرية بلاده سوف تكافح من أجل مواكبة خفر السواحل الصيني الذي تواجد لمدة 24 ساعة في المياه الضحلة لجزيرة لوسيا الجنوبية قبالة ولاية ساراواك (شرق). وتابع "سفننا البحرية أصغر من سفن خفر السواحل الصينية". وأشار سيف الدين، إلى أن ماليزيا ستواصل تعزيز موقفها من عدم عسكرة بحر الصين الجنوبي، والدعوة إلى نهج جديد مع "رابطة دول جنوب شرق آسيا" (آسيان). ** زيادة الوعي حول السياسات الأمنية في هذا الصدد، اعتبرت كوني راهاكونديني بكري، وهي محللة عسكرية إندونيسية، أن تصريحات وزير الخارجية الماليزي تشير إلى زيادة وعي "آسيان" بسياساتها الأمنية. وقالت كوني، في حديث للأناضول، إن "هذه التصريحات صدرت عن وزير الخارجية، وليس وزير الدفاع. وهذا يعني أن ثمة تفهم بأنه يجب تقديم (أمن) آسيان". وأشارت إلى أنه على الرغم من عدم وجود اتفاق دفاعي لرابطة آسيان، لا بد أن يجري التعاون الأمني داخل المياه الإقليمية. وتابعت كوني: "لقد اعترفت ماليزيا بأن قدراتها البحرية لا تصل إلى مستوى خفر السواحل الصيني". ولفتت إلى أنه إذا اندلع صدام بين الولايات المتحدة والصين، فإن تطلعات "آسيان" لتحرير بحر الصين الجنوبي من الوجود العسكري ستكون صعبة. واعتبرت كوني أنه سيكون من الغريب أن دول "آسيان" ليس لديها وجود عسكري في المياه المتنازع عليها، بينما دول أجنبية مثل الصين والولايات المتحدة لها وجود. وخلال تدشينه عام 2014، أعلن الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، مبادئ المحور البحري، وهي استراتيجية تعطي الأولوية للعناصر البحرية في السياسة العسكرية والاقتصادية والخارجية للبلاد. ومع ذلك، لم تتمكن وزارتا الخارجية ولا الدفاع من تحويل هذه الرؤية إلى سياسات حقيقية. وتعتبر كوني، أن رؤية المحور البحري تعطي زخما لإندونيسيا من أجل تعزيز قدراتها الدفاعية؛ خاصة فيما يتعلق بنزاع بحر الصين الجنوبي. واستدركت قائلة: "لا يمكن لبلدنا أن يبقى صامتا"، مشددة على أن إندونيسيا يجب أن تكون أكثر قلقًا بشأن السياسات الأمنية في المنطقة. وأردفت قائلة إن مبدأ المحور البحري يهدف في الواقع إلى تعزيز القوات البحرية والجوية، حيث لا يمكن أن توجد "قوة بحرية كبيرة دون الاعتماد على القوة الجوية". وحثت أيضا الحكومة على تعزيز قدرات أسلحتها والدفاع وكذلك البنية التحتية القتالية في دعم السياسة الأمنية. ** اتباع قواعد "آسيان" من جانبه، أشار شوفوان البنا، وهو خبير علاقات دولية، إلى أن ماليزيا عازمة على تعزيز قواتها البحرية بما يتلاءم مع نزاع بحر الصين الجنوبي. وقال شوفوان، للأناضول: "دول آسيان بحاجة إلى ضمان أنها لن ينظر إليها على أنها ضعيفة من قبل دول أخرى. لا شيء يضمن بقاء دولة باستثناء قوتها". وأكد أن الولايات المتحدة -وهي قوة قادرة على إحداث التوازن مع الصين في المياه المتنازع عليها- لا تزال عالقة في نزاعات الشرق الأوسط. وأضاف: "أظهرت قضية (تنظيم بي كا كا/ ي ب ك الإرهابي في شمالي سوريا)، أن الولايات المتحدة لا يُعتمد عليها دائمًا في الدفاع عن حلفائها". وبينما أشار إلى أن ماليزيا طالبت بالسيادة على الأجزاء الجنوبية من البحر، قال شوفوان إنه إذا أصبحت الصين قوة لا يمكن وقفها في المنطقة، فستتأثر ماليزيا بالتأكيد. ومضى قائلا: "حتى لو أبحرت السفن الصينية بالقرب من المياه الماليزية، فإن كوالالامبور لا تستطيع فعل الكثير". ولم يستبعد احتمال أن تدخل الولايات المتحدة والصين في حرب مفتوحة في بحر الصين الجنوبي إذا انهارت الاتصالات بين البلدين. وأضاف أنه على الرغم من أن "آسيان" لم تتوصل إلى قرار رسمي بشأن بحر الصين الجنوبي، فإن جميع الدول الأعضاء على الأقل ما زالت ملتزمة بتجنب العنف للبت في مطالبها. أما إيوان سانتوسا، وهو صحفي إندونيسي، فقال إن بعض دول "آسيان" مثل ماليزيا وفيتنام توسع نطاق سيادتها على المياه المتنازع عليها. وأضاف إيوان، للأناضول: "بالنظر إلى أن ماليزيا تواجه في الوقت الراهن صراعات داخلية، تشمل قضايا العنصرية إلى جانب النزاع مع المعارضة، يتعين على البلاد أولاً أن توحد مواطنيها". ونوّه بأن جهود ماليزيا لتعزيز قواتها البحرية لم تكن ظاهرة جديدة، حيث اشترت البلاد غواصات من فرنسا في عام 2012. علاوة على ذلك، قال السفير الإندونيسي لدى فيتنام، ابن هادي، إن النزاع في بحر الصين الجنوبي أصبح أولوية في السياسة الخارجية لفيتنام. وتابع: "كل الجهود التي بذلوها لتحسين أنظمة أسلحتهم تهدف إلى التعامل مع النزاع". وأشار السفير إلى أن التوتر المتصاعد في بحر الصين الجنوبي قد أثر على الحكومة الفيتنامية، لأنها تأتي في مقدمة القضايا التي يتكرر ذكرها كثيرًا في خطابات الدولة. ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، منظمة حكومية دولية إقليمية تضم عشرة بلدان في جنوب شرق آسيا، هي: بروناي دار السلام، وكمبوديا، وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، وميانمار، والفلبين وسنغافورة، وتايلاند، وفيتنام. وتتبادل بكين وواشنطن الانتقادات بشأن ما تعتبره واشنطن زيادة للوجود العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي عبر تشييد منشآت عسكرية على جزر صناعية وحواجز مرجانية في المياه المتنازع على السيادة عليها مع دول أخرى. وبحر الصين الجنوبي مجتزأ من المحيط الهادي، وتنبع أهميته الاستراتيجية من عبور ثلث الشحنات البحرية العالمية من مياهه، ويُتوقع احتوائه على كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي. ومنذ أعوام طويلة، تتنازع كل من الفلبين، وفيتنام، وماليزيا، وبروناي، فضلًا عن الصين، على السيادة في بحر الصين الجنوبي، لكن التوترات تصاعد في الأعوام الأخيرة. وتدعي بكين أن 80 بالمائة من بحر الصين الجنوبي يقع ضمن مياهها الإقليمية، فيما تتهمها الولايات المتحدة الأمريكية بـ"عسكرة المنطقة". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :