الطيران، التحول إلى بطل خارق، أو العيش على كوكب آخر، وغيرها من الأفكار الخيالية التي حولها الأطفال إلى ألوان عبرت عن أحلامهم في المعرض الذي افتتح، أخيراً، في موجو غاليري تحت عنوان حلمي. وشمل المعرض مشاركة أكثر من 650 طالباً، من المدارس التي وجهت إليها الدعوة، لرسم أحلامهم، فقدموا مجموعة من الأعمال التي ترتبط بطموحهم، ومنها التي كانت تحمل أهدافاً إنسانية. ويأتي هذا المعرض في أعقاب مسابقة فنية وضعت من قبل قسم الفنون في مؤسسة إنوفينتشر للتعليم، وشارك فيها طلبة من خمس من مدارس رافلز الدولية، ومركز سينسيز للرعاية المنزلية للأطفال من ذوي الإعاقة. جانب خيري يحمل المعرض، الذي يستمر حتى 30 الشهر الجاري، جانباً خيرياً، إذ ستتاح الأعمال الخاصة بالأطفال للبيع، ويذهب ريعها لدعم مركز سينسيز للرعاية المنزلية، الذي يوفر سبل الأمان والراحة والعناية بالأطفال من ذوي الإعاقة، ممن لا تستطيع عائلاتهم تقديم الدعم لهم. ورأت لما رياشي أن الجانب الخيري هو الدرس الأهم للأطفال من المعرض، فحين يرون كيف يمكن أن يتحول المردود من العمل إلى هدف إنساني سيكون درساً كبيراً لن ينسوه في الحياة. تضعك أحلام الصغار أمام الممكن والمستحيل، فيجد الناظر نفسه أمام تساؤلات عدة، تعيده إلى أحلامه الطفولية أيضاً، وما كان يتمنى وما حقق منها. يرسمون المستحيل بأسلوب بسيط يجعله ممكناً، هكذا يقدمون أمنياتهم وطموحهم، فأبرزت الأفكار الثقة والإرادة والعزيمة عند البعض، فيما بدت بعض الأفكار مضحكة ومسلية وتتسم بالمرح لشدة التصاقها بالخيال، كالحياة في داخل الهمبرغر. واللافت في المعرض أيضاً هو تخطي الأطفال للحلم البسيط واللون إلى المواد المتعددة، حيث اتسمت بعض الأعمال بكونها ثلاثية الأبعاد واستخدم الطلاب فيها الكثير من المواد، إلى جانب الكولاج الذي كان من أساسيات بعض الرسومات. جمع المعرض أحلام الصغار وفق سلسلة حكايات ملونة، وكان لذوي الاحتياجات الخاصة حصتهم من الإبداع في المعرض الذي يعود ريعه لأطفال من ذوي الإعاقة. وخضعت الأعمال التي قدمت من الطلاب إلى لجنة تحكيم تألفت من الفنان السوري إسماعيل رفاعي، والفنان الإماراتي خليل عبدالواحد، ومديرة الإبداع في مجموعة موجو، لما رياشى، حيث اختاروا أربعة فائزين فقط. وأثنى الرفاعي على الأعمال، وعبر عن إعجابه بها بالقول الأطفال هم الضوء الأكثر وهجاً في هذا الكون، ولعلهم صورة الكون في أبهى تجلياته، لذلك فإنهم حين يرسمون يفعلون ذلك وهم في حالة فيض فريد غير محكوم بشروط أو مرجعيات، إنهم في كل ما يفعلون يصنعون الدهشة، واللوحة عندهم دهشة خالصة. ولفت إلى أنهم حين بدأوا التحكيم كانوا على يقين أن المفاضلة والمقارنة صعبتان، فكل عمل هو قطعة رائعة، ولكن في الأخير تم اختيار الفائزين وفقاً لبعض المعايير الجمالية، مؤكداً أنه لا يعرف إن كان الأمر صائباً، لأن كل عمل هو مكتمل وساحر على طريقته، مبيناً أن الأعمال علمتهم كلجنة تحكيم الكثير. من جهتها، قالت منظمة المعرض، وفاء محمد، عن تبلور فكرته إن فكرة المعرض تطلق العنان لمخيلة الأطفال كي يعبروا عن أفكارهم، وإن الهدف الأساسي يكمن في تنشئة جيل يتمتع بأحاسيس ومدركات فنية، وأضافت أتاحت هذه المسابقة لطلابنا فرصة لتجسيد أفكارهم، وجمع أحلامهم سوياً، كما أن خبراتنا المتنوعة، كوننا نشكل جزءاً من معرض بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال (2) و(3)، وغيره من المسابقات الفنية مع هيئة المعرفة والتنمية البشرية، ومؤسسة دبي العطاء، كانت بمثابة حافز كبير لطلابنا لكي يعبروا عن أفكارهم بثقة عالية، بل والعمل على تنميتها. أما بونام بوهجاني، التي عملت على انتقاء الأعمال، فلفتت إلى أن الأطفال المشاركين هم من أعمار مختلفة، وقد تم تحديد الثيمة التي يعملون عليها، من دون تحديد الأسلوب الذي يمكنهم اتباعه، الأمر الذي أوجد التنوع الكبير، كما أنهم رسموا في المدرسة وليس في منازلهم، للتأكد من أنهم لن يحصلوا على دعم الكبار، وأن أعمالهم شخصية بحتة من الفكرة إلى التنفيذ. وأشارت إلى أن الأعمال تميزت بكونها مليئة بالألوان والحياة، وقد عبرت عن أعمار الأطفال، فمعظم الأعمال تعود إلى أطفال تراوح أعمارهم بين سبع وتسع سنوات، وهناك أعمال تعود إلى طلاب كبار تصل أعمارهم إلى 16 سنة. ورأت أن الفن هو عبارة عن إتاحة الفرصة للتعبير، وقد تبين ذلك بشكل واضح مع الأطفال من ذوي الإعاقة، الذين عبروا عن أنفسهم بطرق مميزة. بينما من جهتها أكدت مديرة الإبداع الفني في موجو غاليري، لما رياشي، أن الأعمال بمجملها وصلت إلى 7500 عمل، ولكن تم وصول 650 عملاً إلى المسابقة فقط، مشيرة إلى أن مخيلة الأطفال متميزة، ولاسيما أن الإبداع الموجود في أعمالهم غير مألوف وكان مدهشاً، ولاسيما أنه تخطى أعمارهم. أما أغلب أحلام الأطفال كما وصفتها رياشي، فكانت تلامس المرء، فإلى جانب الأحلام الخاصة بتحول المرء إلى رجل عظيم أو الطيران، هناك بعض الأحلام الإنسانية، فقد كتبوا خلف رسوماتهم معاني أحلامهم، ومنهم من كتب أود أن أصبح طبيباً لأعالج الفقراء، وأشارت رياشي إلى وجود أعمال تحمل دلالات على الوضع الاجتماعي الخاص بالطفل، فبعضها لفتت إلى وجود عنف يتعرض له الطفل، أو أنه يعبر عن الغضب، فالرسم يوضح المشاعر بشكل صريح وعلى مستوى عاطفي عالٍ.
مشاركة :