أعلنت الخدمات العلاجية الخارجية، التابعة لشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، أن الشركة تدرس بالتعاون مع دائرة الصحة في أبوظبي إمكانية التطبيق الفعلي للتطبيب النفسي عن بعد، وذلك بعد النتائج الإيجابية للمرحلة التجريبية في مستشفيات الظفرة العام الماضي والتي استفاد منها نحو 100 شخص. وأكد الدكتور عمر الجابري المدير التنفيذي الطبي في الخدمات العلاجية الخارجية، أن مشروع التطبيب النفسي عن بعد يعد الأول من نوعه في أبوظبي، حيث تم ربطه مع مركز الظفرة لطب الأسرة التابع لمستشفيات الظفرة ومركز المقطع الصحي التابع للخدمات العلاجية الخارجية، كما تم تطوير وتصميم المشروع بطريقة تضمن ألا يعرف أحد سبب زيارة المريض سوى طبيب الرعاية الصحية الأولية، وهذا الجانب من الخدمة يجعل المشروع له ميزة مهمة وهي الحد من وصمة الخجل الناتجة عن الأمراض النفسية. بدوره، لفت الدكتور نظمي حسين الصوالحي، طبيب استشاري، مركز الظفرة لطب الأسرة، في مستشفيات الظفرة، إلى أنه تم عمل دراستين لتقييم المشروع وقد خلصت الدراستان إلى أن الخدمة خفضت وصمة الخجل الذاتي، وحققت مستوى عالياً من رضا المرضى، وزادت الشعور بالثقة لدى المرضى، وحسنت الوصول إلى الخدمات النفسية، كما وفرت الوقت والجهد على المريض والطبيب معاً، وأدت إلى زيادة المعرفة وإلى اكتساب المهارات لدى أطباء الرعاية الأولية في معالجة ومتابعة المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وأثبتت الدراسة أن تطبيق التطبيب عن بعد يساعد في دمج الرعاية النفسية مع الرعاية الصحية الأولية. وقال: إن المرضى الذين يعانون من مرض نفسي يواجهون تحديات مضاعفة، من ناحية، ومن ناحية أخرى يعانون من الأعراض التي تنجم عن المرض، وأيضاً الصور النمطية والتحامل الذي ينتج عن المفاهيم الخاطئة حول المرض النفسي. وذكر أن الوصمة تعني حرفيًا الخجل، وللمرض النفسي تاريخ طويل من الوصم في المجتمعات في جميع أنحاء العالم لقد نشأت الوصمة من الخوف وعدم وجود فهم حول الأمراض النفسية. وقد استمرت حتى مع معرفة أكبر حول الأسباب البيولوجية والاختلالات الكيماوية في مواد الدماغ والتي تؤدي إلى حصول الأمراض النفسية مثلها مثل أي مرض عضوي آخر يصيب الإنسان. وتابع: أعتقد أن أحد العوامل التي لعبت دورًا كبيرًا في الوصم المستمر حول المرض النفسي، هي الطريقة التي تبرز بها وسائل الاعلام المختلفة وخاصة في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية صورة الذين يعانون من مرض نفسي وأنهم خطيرون وعنيفون ولا يمكن السيطرة عليهم، حيث يواجه الأشخاص المصابون بمرض نفسي وصمة عامة من حيث المواقف والمعتقدات الاجتماعية تؤدي إلى تقليل فرص العمل والتعليم والصحة. وتخلق مسافة اجتماعية من الأشخاص المصابين بأمراض نفسية تؤدي إلى العزلة وضعف المشاركة المجتمعية. وأكد الصوالحي، ضمن ورقة عمل له في مؤتمر الرعاية الصحية الأولية الثالث، الذي عقد مؤخرا في أبوظبي، أنه تم عمل عدة طرق للتقليل من الوصمة الاجتماعية للأمراض النفسية، من خلال البرامج التعليمية، بما في ذلك ورش العمل والفصول والحملات الإعلامية، لدى وسائل الأعلام بهدف زيادة الوعي بين الجمهور والأشخاص العاملين في وسائل الإعلام حول الحاجة إلى التفكير في كيفية تصوير الأشخاص المصابين بمرض نفسي، وكذلك اتاحة الفرصة للمتعافين من الأمراض النفسية لمشاركة قصصهم الشخصية وابراز قدرتهم على التغلب على التحديات وصولا إلى الشفاء. وبين أن هناك أدلة قوية على أن تدخلات الاتصال تؤدي إلى تغيير مواقف الوصم للمرضى النفسيين، حيث أثبتت الدراسات إن الإدراك المجتمعي للمرض النفسي يستغرق وقتًا طويلاً للتغيير من خلال التدخل التقليدي، مؤكداً أن التطبيب عن بعد سوف يقصر الطريق إذا تم تنفيذه بالتوازي مع التدخل لمكافحة وصمة الخجل عن طريق الحملات التعليمية والإعلام والتدخل القائم على الاتصال. وأفاد بأن عدداً كبيراً من الأبحاث بينت أن التطبيب عن بُعد له نتائج إيجابية عند استخدامه في المناطق النائية والأمراض المزمنة والصحة السلوكية، وبينت الدراسات أن الطب النفسي عن بعد يعادل الزيارة التقليدية من حيث التقييم، التشخيص، العلاج، الالتزام بالمعالجة والنتائج السريرية، ولذا بدأنا المشروع التجريبي لخدمة التطبيب عن بعد للأمراض النفسية في مستشفيات الظفرة في أوائل عام 2018 بالتعاون الوثيق مع الخدمات العلاجية الخارجية في أبوظبي وكانت أهداف المشروع: الوصول بسهولة إلى التخصص النفسي، وتقليل الجهد والوقت والتكلفة للمريض للسفر، وتقليل وصمة الخجل الذاتية للمريض الذي يعاني من اضطرابات نفسية، وزيادة أداء أطباء الرعاية الصحية الأولية من خلال تبادل الخبرات، وتوفير الرعاية النفسية ودمجها مع الرعاية الصحية الأولية وأوضح الصوالحي أن وصمة الخجل هي واحدة من العقبات الأكثر انتشارًا والمستمرة التي تعترض أي نظام للصحة النفسية في المجتمع، وأوصى بزيادة التدخل المجتمعي لتعزيز الصحة النفسية وتغيير المعتقدات والمواقف تجاه المرضى الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية، وتطبيق التطبيب عن بعد لمعالجة الأمراض النفسية هو الحل للحصول على رعاية صحية نفسية كافية، وتقصير الطريق لتقليل الوصمة النفسية ودمج الرعاية النفسية في عيادات الرعاية الأولية.
مشاركة :