مدينة "تشنزن" الصين: في الجزء الثاني والأخير من حواره مع "سبق" أكد مؤسس ورئيس شركة "هواوي" الصينية لتكنولوجيا الاتصالات "رن تشنغ فاي"، أن شركة "هواوي" ليست متقدمة في كل مجال، ما زالت توجد فجوة كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، والسحابة الإلكترونية، والحوسبة الذكية، ويمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تختار أنسبَ تقنية لها من الولايات المتحدة أو من الصين أو من أوروبا أو من اليابان؛ لإنشاء مركز رقمي تقني جديد في المنطقة، ويجب أن نستفيد من بعضنا البعض، والتنوع الذي يشملنا جميعًا؛ لنعمل معًا بشكل منفتح وبناء على خدمة مستقبل البشرية. شركاء غربيين ويضيف قائلًا: "أما بشأن الاستعداد لمشاركة تقنية الجيل الخامس 5G المنتج من هواوي مع "شركاء غربيين"؛ فالولايات المتحدة الأمريكية تَحَوّلت من بلد ضعيف إلى أقوى بلد في العالم في ٢٠٠ سنة تقريبًا؛ من خلال جذب الكفاءات من كل أنحاء العالم، وجاء كثير من العلماء والمشاهير في أمريكا من أوروبا الشرقية، وقدّموا مساهمات كبيرة جدًّا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الأمريكية، وهم لا يحتاجوننا". البنية الناعمة وأوضح أن "هواوي" تعمل على تطوير البنية التحتية الناعمة كالتعليم، والقانون، والنظام؛ فمهمة الكوادر الحكومية في العالم منذ القدم هي بناء الطرق، والجسور، وتطوير التعليم. واليوم يمكن أن نستخدم أحدث تقنية لتعميم التعليم الأساسي وترقية مستواه لكي يتلقى جميع الأطفال في البلاد تعليمًا أساسيًّا جيدًا، والاستفادة من تجربة ونموذج التعليم لبلدان شمال أوروبا مثل فنلندا، كما أن المنهج التعليمي الابتدائي في بريطانيا يستحق الدراسة والتمعن، ويجب على الدول العربية أن تهتم بتعميم التعليم الأساسي الابتدائي وتطوير التعليم المهني على نطاق واسع، وتنفيذ استراتيجية تعليم النخبة، ويمكن التعلم من نموذج تعليم النخبة من الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تنفذ ٥٪ من الجامعات الأمريكية هذا النموذج الذي لا يهتم بدرجات الطلاب في الامتحان بل يركز على التربية الروحية والنفسية للطلاب؛ فعلى سبيل المثال: هل يقوم هذا الطالب برعاية المسنين والأيتام وغير ذلك من المحاور الهامة؟ هذا المؤشر مهم للغاية في تقييم الطلاب، ما هو الهدف لتعليم النخبة؟ تربية القادة. ما هي المسؤولية للقادة؟ هي رعاية وحب المجتمع، الرعاية والحب لهؤلاء الضعفاء العاجزين في المجتمع الذين يجب علينا جميعًا تمكينهم والأخذ بيدهم.. يجب ألا تركز الجامعات الشهيرة في العالم على تربية الطلاب الأنانيين المستقبليين؛ بل عليها أن تربيَ مزيدًا من الأكفاء الذين يحبون المجتمع ويرغبون في تقديم مساهمات للبشرية بكل طواعية؛ فمن الأفضل أن نقسم التعليم إلى هذه المستويات والأنواع المختلفة، ونعد الأكفاء الممتازين على كل المستويات لقبول الانتقال الصناعي، ويمكن أن تصبح الدول العربية دولًا تكنولوجية قوية من خلال إعداد وجذب عدد كبير من الأكفاء الممتازين. السيادة الرقمية ويقول لـ"سبق": "عندما نتحدث عن الثروة المادية علينا أن ندرك أن لهذا النوع من الثروة حدودًا جغرافية معينة؛ ولكن الثروة التكنولوجية هي ثروة عالمية، وليست مقيدة بمحاور خفيفة يمكن تداركها بسهولة، ولا بد لنا أن نحترم السيادة الرقمية لجميع الدول؛ لضمان أمن المعلومات لها. وقد وقّعت "هواوي" مع كثير من الدول في العالم على اتفاقية عدم وجود "الأبواب الخلفية" في خدماتها وتطبيقاتها.. و"الأبواب الخلفية" مصطلح جاء من الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهو يعني أنه قد سُرقت بياناتك على الإنترنت من خلال أبواب خلفية مزروعة من قِبَل المصنّعين في المعدات وما يتعلق بها من الخدمات والتطبيقات. و"هواوي" ليست ضمن محور الشك فيما يتعلق بتسريب البيانات على الإنترنت". البطالة في العالم وعن مشكلة البطالة، والمساهمة التي قد تقدّمها التقنية الجديدة في حل هذه المشكلة على مستوى العالم، قال: "للذكاء الاصطناعي قدرة على خلق مزيد من الثروة للمجتمع البشري، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي إلى صعوبات بالنسبة لبعض الناس في مجال البحث عن الوظائف تتماشى مع العصر الرقمي؛ ففي المجتمع الصناعي التقليدي كانت الشهادة العلمية للمدرسة الثانوية، والمهارات المهنية المتوسطة المستوى تكفي للناس لإيجاد فرصة العمل؛ ولكن خلال الحقبة الرقمية القادمة ومع التطور السريع للذكاء الاصطناعي والتقنيات المعلوماتية؛ من الصعب علينا أن نجد وظائف مناسبة دون التمتع بالمهارات المتخصصة عالية المستوى، رغم وجود هذه الصعوبات في التوظيف ستزداد الثروة في المجتمع باستمرار بفضل التقنيات الرقمية الحديثة. ويجب على البلدان المختلفة أن تفكر في كيفية استثمار هذه الثروات في حل مشاكل المجتمع كالبطالة، ويمكن لنا أن نقوم بإعادة توزيع هذه الثروات في المجتمع، ونقوم بالتدريب المهني للناس الذين لا يجدون عملًا. وفي مسيرتنا لتطوير الذكاء الاصطناعي وتعميم استخدامه في حياتنا يمكن لبعض الناس أن يغادروا الصناعات التقليدية ويدخلوا الصناعات الجديدة التي تسمى بصناعة التجربة. لا يمكن للناس أن يشربوا القهوة مع الشخص الآلي؛ فعندما شاهدت الفيلم الأمريكي "السفر في الفضاء" شعرتُ بالخوف والوحدة لأنه لا يوجد أشخاص حقيقيون في المحطة الفضائية؛ فالشخص الآلي يقدم كل الخدمات، والبشر يحتاجون إلى بيئة التجربة الإنسانية، ولا تستطيع الآلات أن تلبي هذه الحاجة؛ لذلك أعتقد أن هذه الصناعة ستشهد نموًّا كبيرًا، وسيدخلها مزيد من الناس في المستقبل، في ذات الوقت الذي تُسدل فيه التقنية ستارها على مَن هم غير قادرين على مواكبة التطور التقني السريع بأي شكل من الأشكال، والبطالة والتوظيف هي مسألة في العلوم الاجتماعية، وأنا لست خبيرًا في هذا المجال، ولست مسؤولًا حكوميًّا فلا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال بدقة؛ لكن أعرف أن الذكاء الاصطناعي سيتمكن من رفع كفاءة الإنتاج. إذا استخدمنا هذه التقنية في الزراعة يمكن للحراثة في المزرعة أن تعمل على مدار الساعة، ولن يكون هناك خوف من الحرارة والبرودة القاسية، وستتحول الأرض الجرداء إلى أرض خصبة وتخلق مزيدًا من الثروة المادية وفرص العمل؛ رغم أن بعض الناس التقليديين في عملهم بأساليب قديمة قد لا يندرجون في معادلة المشاركة في العمل بوجهه الجديد. الشرق الأوسط وحول إمكانية امتلاك بلدان الشرق الأوسط للتقنية الحديثة المتطورة؛ أكد "رن تشنغ فاي" أن الشرق الأوسط عمومًا يمتلك إمكانية كبيرة ليصبح مركزًا للابتكار وحضنًا واعدًا لتقنية الجيل الخامس G5 في العالم، ويمكن للعرب أن يخلقوا حضارة رائعة جديدة باستخدام هذه التقنية التي تتميز بالسرعة العالية وغيرها من التقنيات الأخرى المتقدمة التي تشكّل ثورة اليوم كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
مشاركة :