الشارقة: «الخليج» نظّم مجلس الحيرة الأدبي ملتقاه الشهري للشعر الشعبي، مستضيفاً شعراء من تونس: بلقاسم عبهول، أحلام منصوري، علي كريد، هاجر الساحلي، محمد الغزال، فوزية الحرابي، في أمسية حافلة بالتنوّع والإبداع، حضرها عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة، ولطفي بن عامر، قنصل الجمهورية التونسية في دبي، والشاعر بطي المظلوم مدير مركز الحيرة الأدبي، وجمعٌ من متذوقي الشعر الشعبي والجالية التونسية في الإمارات. ثراء لغوي تميّزت القراءات بالصور الفنيّة العالية التي أبدعها الشعراء الذين حملوا لهجتهم التونسيّة العذبة بمواضيع الشكوى وهموم الذّات وشكوى الهجران والبعد، وكذلك في مواضيع الحكمة والحث على القيم النبيلة وفي الوصف واستذكار الأحبّة وفي النصيحة ومدح الشارقة كحصن ثقافي من حصون الأمّة، وأظهرت الأمسية التي اكتنزت قصائدها باغتراب الشعراء الذّاتي والنفسي والحنين، مقدار البوح الوجداني العالي الذي أجاد الشعراء فيه بالتمثيل الفنّي والصورة المبتكرة بين أشعار تنوّع وعاؤها اللغوي بالبيئات التونسيّة المتنوعة، فعوّضوا صعوبة اللهجة بدمج الجمهور في سياقٍ حزين من الصور البديعة والألم الذاتي الذي يتشارك فيه كلّ شعراء العروبة في المشرق والمغرب من الوطن العربيّ الكبير.ونوّع الشاعر بلقاسم عبهول؛ مستفيداً من تخصصه الموسيقيّ، لتكون قصيدته الأولى «نور عيوني»، التي جاءت على بحر سريع التفاعيل يحمل موضوع العتاب الذي لا ينتظر التأخير، بل والتحدّي.واستمرت صور بلقاسم ترسم غرض النصيحة ومخاطبة النفس في قصيدة «راك تحيري» التي عبّر فيها من خلال قوافٍ متعددة، عن أهمية الرضا واكتساب الشاعر التجارب من طول السهر، حيث هيام العقل وأجنحة القلب التي تخفق بالنشيد، ومشاوير الذهن في الليل البهيم، والصبر الثقيل على نفس الشاعر والعراك الذي يقاسيه بين العقل والعاطفة.الشاعرة أحلام منصوري رسمت في قصيدة «الثقافة» معاني الفكر والحضارة والسلام، وحضور تونس بين الدول وهي تحقق المجد باسم الثقافة التي تروي المحابر وتمدّ الأقلام، مؤكّدةً صورة الربيع، والثقافة كشعار لأبناء تونس الذين يرتقون بها إلى السحاب، ويهزون بواسطتها المشاعل، ليصبح لتغريد الطيور معنىً، وفي هذا المضمار عبّرت الشاعرة عن عشقها للنور ضد الظلام، مناديةً بحصن المحبة الذي تبنيه الثقافة. وتراوحت قصائد منصوري بين الأمنيات والشوق، والغرام الذي تلبسه على صدرها قلائد، وضحكة الحب المرسومة كالوشم، حيث الدموع مطر والرموش غيوم، والزهور تذبل.الشاعر علي كريد استهل قصائده بقصيده افتخر فيها بالضوابط الاجتماعيّة وعزّة النفس التي تسكن الشاعر، حيث برزت صورة السحاب في العلو والكرم، والأنفة، والسبق إلى المكارم،وزراعة الخير لا زراعة الشوك. وامتلأت قصيدة «نوصيك يا خويا» بالوصيّة والحكمة، وتفاعل معها الحضور لسهولة معناها وسرعة مؤداها وقوّة تركيبها وأهمية موضوعها، وفي قصيدة أخرى رسم علي كريد صورة العاشق وأحلامه التي تصبح أوهاماً فتتبدد في الصباح.أما الشاعرة هاجر الساحلي فقد تألقت في قصيدة «الجازية» التي استوحتها من تغريبة بني هلال، وفي القصيدة برز المكان من نجد إلى المغرب وتونس الخضراء، وحشدت الشاعرة عطر القوافي، وصوراً قويّة، كما ذكرت الشاعرة أبطال التغريبة «أبو زيد الهلالي» وذياب بن غانم وحملت القصيدة إسقاطات الشاعرة من خلال شخصيّة الجازية. وانتقلت الساحلي إلى قصيدة «ركبنا خيول القافية» التي ضمّنتها صوراً لافتةً مدحت بها الشارقة. التجديد في الشعر الشاعرة فوزية الحرابي قرأت قصائد قصيرة عدد الأبيات ومعبرة بالصورة الشعريّة، ومنها قصيدة «عندي عقل»، كما قدّمت الشاعرة حواريةً مع شخص كريم عريق الجدود ونبيل الصفات التي حملتها التشبيهات اللافتة في مقطوعة قصيرة. كما وصفت الحرابي في قصيدة «عمر الحي» الفرص الضائعة بالسنين التي تمرّ. وفي قصيدتها «من ساعة رقد» عبّرت الشاعرة عن الصبر باعتباره ماكينة دواء.وبعد أن تحدث مقدّم الأمسية الشاعر محمد الغزال عن الشعر التونسي وأغراضه وقضاياه وكيفية كتابته ومدارسه الفنيّة والتجديد فيه، وثرائه اللغوي، وبيئاته الجغرافية في البادية والمدينة، وأوزانه التقليدية والحديثة، قرأ مجموعة من أشعاره، حيث أغنية «الله يسامحك» السهلة في عباراتها القوية بصورها الفنية، وقصيدة أخرى مهداة إلى والدته، التي أبدع فيها ببثّه همومه لها وخوفه عليها.
مشاركة :