خلال مقابلة أجريناها معه صباح أحد أيام الثلاثاء الهادئة، قال الاسكوتلندي جوش تايلور حامل لقب بطل العالم للاتحاد الدولي للملاكمة لوزن «الخفيف» والذي يستعد لمواجهة الأميركي ريغيس بروغريس، السبت، بنبرة هادئة: «من الصعب عليّ الاعتراف بذلك دون أن أبدو شريراً، لكنّ الحقيقة أن الرغبة بأكملها تتركز في إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بمنافسي. ومع هذا، يظل لديك أمل في ألا تلحق بخصمك أي أذى حقيقي يتجاوز انتهاء المواجهة بينكما. أنت هناك فقط للاضطلاع بعملك، ولذلك ستكمله بأكبر قوة وسرعة ممكنة لديك. في الملاكمة، لا تحصل على أموال مقابل ساعات عمل إضافية. لذلك، تدور رغبتك على إسقاط خصمك في أسرع وقت ممكن، فأنت لست في الحلبة فقط لمجرد توجيه ضربات خفيفة إليه ثم التحرك. عندما تلكمه، ترغب في أن تكون اللكمة قوية، وترغب في أن توجعه». من ناحية أخرى، تبدو خطورة وأهمية المنافسة على لقب بطل العالم التي سيخوض تايلور في إطارها مواجهة أمام ريغيس بروغريس في قاعة «أو تو» بلندن، مساء السبت، جليةً تماماً. حتى الآن، يبقى بطلا العالم لوزن «الخفيف» دونما هزيمة ويتحرك كلٌّ منهما الآن بناءً على قناعة بضرورة إلحاق الهزيمة بالآخر خلال المواجهة المثيرة التي تستضيفها بريطانيا. وتعد هذه المواجهة أيضاً الحلقة الأخيرة في «سلسلة مواجهات الملاكمة العالمية الكبرى»، البطولة التي شارك بها ثمانية من أفضل ملاكمي وزن «الخفيف» في العالم. وفاز كل من بروغريس وتايلور في المواجهات التي خاضاها بتفوق واضح. جدير بالذكر أن تايلور الاسكوتلندي الجنسية يبلغ 28 عاماً، لكن اسمه غير مشهور على نطاق واسع كما ينبغي. ورغم ذلك، يبقى تايلور بطل الاتحاد الدولي الملاكم الأكثر مهارة على مستوى بريطانيا. إضافة لذلك، يتسم تايلور بقسوة شديدة، ويبدو الأسلوب الهادئ الذي يتحدث به عن إيذاء بروغريس مثيراً للرهبة. ومع هذا، ما من شك في التعاطف الذي يشعر به تايلور تجاه باتريك داي، الملاكم الأميركي الشاب الذي دخل في غيبوبة بعد مواجهة شرسة مع الاسكوتلندي في شيكاغو ثم وفاته (في اليوم التالي من إجراء هذه المقابلة)، ما ذكّر الجميع مرة أخرى بحقيقة أن الملاكمين يخاطرون بأرواحهم داخل الحلقة. وأبدى تايلور مشاعر تعاطف عميقة تجاه داي وأسرته قائلاً: «أشعر بحزن بالغ بسبب وفاة باتريك. لقد كان أصغر مني بعام واحد. هذا الحادث يكشف مدى الخطورة التي يمكن أن تصبح عليها الرياضة التي نمارسها. أود التعبير عن عميق التعاطف والتعازي لأسرته». وشدد تايلور من جديد على أنه لا رغبة لديه في إلحاق أذى كبير ببروغريس. ومع ذلك، فإنه في خضم مثل هذه المواجهة المحتدمة أمام بطل رابطة الملاكمة العالمية، يدرك الاسكوتلندي جيداً أنه لا طائل من وراء محاولة تجميل الحقيقة. من جانبه، يبدو بروغريس هو الآخر عاقداً العزم على إيذاء تايلور، وإذا رغب تايلور في الفوز على الملاكم الأميركي، سيتعين عليه اجتياز معركة شرسة. اللافت أن كلا الملاكمين في أوج تألقهما، فقد حقق بروغريس البالغ 30 عاماً سجلاً مثالياً بلغ 24 انتصاراً دون هزيمة، بينما فاز تايلور في جميع المباريات الـ15 التي خاضها. وقد نجح الاثنان في الفوز بالضربة القاضية على 80% من خصومهما. وفي هذا الصدد، قال تايلور متحدثاً عن بروغريس: «بالتأكيد هو مقاتل جيد. أنا وهو أفضل ملاكمين في العالم في وزن (الخفيف)، لكنني أفضل عن بروغريس وسأثبت ذلك مساء السبت». والمؤكد أن هذا الأسبوع سيشكل اختباراً مهماً عندما يقف الملاكمان وجهاً لوجه مرتين أخريين، في أثناء المؤتمر الصحافي وحساب الوزن، لكنّ تايلور من جانبه لم يولِ الأمر أهمية، وقال: «لا أشعر بضيق من ذلك، ولا أشغل بالي به. المشكلة الوحيدة أمامي أنني لا أجيد التصرف خلال المواقف التي يتعين عليك خلالها الإنصات لشخص يتحدث عن أنه سيهزمك. لقد نشأتُ على فكرة أنه إذا كانت هناك مشكلة بينك وبين شخص ما، عليك الإسراع لمقاتلته في التوّ واللحظة». وأضاف: «في بريستونبانز (الواقعة على أطراف مدينة إدنبره مباشرة) لم أكن أسمح لأي شخص بإهانتي. لقد كنت دوماً أصغر قامة من الآخرين، واعتاد الناس الحديث إليّ بطريقة سيئة ومحاولة اختلاق شجار لفظي معي. وكنت حينها أقتالهم مباشرةً بدلاً من السباب، كنت أسارع لتسوية الأمر. لقد قابلت الكثير من أمثال بروغريس خلال هذه البطولة والأمر الوحيد الذي أشعر بالتوتر تجاهه إمكانية أن أفقد السيطرة على أعصابي في أثناء وجود أحدنا على مقربة من الآخر». والمؤكد أن باري مكغيان ونجله شين، اللذين يتوليان تدريب تايلور، سيحرصان على استخدام خبرتيهما في تهدئته. وقال تايلور إنه رصد نقاط ضعف في بروغريس، رغم احترامه الواضح له. وقال: «بالطبع نكنّ له الاحترام، فهو بطل عالمي، لكن بالتأكيد ليست بيننا صداقة... ربما يتعامل معي على نحو جيد بعد المباراة، لكن حتى يحين ذلك، سيبقى عدوي اللدود. ولم يغضبني بروغريس، لكنه مثير للضيق فحسب بسبب غروره وغطرسته الشديدة. إنه يظن نفسه أفضل مني لأن لديه حاشية حوله أكبر مني يرددون على مسامعه طول الوقت كم هو عظيم. من وجهة نظري، يكشف هذا الأمر عن شعور بعدم الأمان. أما أنا، فلست بحاجة إلى ذلك». الواضح أنه داخل الحلبة سيكون الفوز من نصيب الذكاء والإرادة. وقال تايلور: «أنا أكبر منه، وأنا أطول قامة وقادر على الوصول لنقطة أبعد. أما هو، فأقصر وأكثر بدانة. ربما يكون بدنياً أقوى مني بعض الشيء، لكن بإمكاني التعامل مع هذا الأمر، فأنا أمتاز بالسرعة والقدرة على الملاكمة على نحو أفضل منه. لديّ القدرة على الوصول لنقاط بعيدة والتحرك في التوقيت المناسب والحركة الجيدة بالقدمين. وقد واجهت خصومي بصورة أفضل منه. وأشعر أنني سأهزمه حتماً». يُذكر أن تايلور يخوض تدريباً شاقاً داخل المنشآت الجديدة التي جهّزها مكغيان الأب والابن داخل جامعة كنت في كانتربري ـ لكن هل يشعر أن هذه المباراة أكثر حدة من سواها؟ أجاب تايلور: «لا. إنني أركز كامل تفكيري على الملاكمة الآن وخضت أطول معسكر تدريبي في حياتي. وربما يكون هذا الأسبوع الـ15 لي في التدريب بسبب تأجيل المباراة. ومع هذا، لم أنهك جسدي، وإنما حرصت على أن تجري عملية بناء اللياقة والقوة والصلابة بالتدريج. لقد شعرت بأنني أمرّ بفترة انتقالية ناعمة تجاه ذروة لياقتي». ولم يخيم الحزن على وجه تايلور إلا عندما تذكر أنه في يوليو (تموز)، توفيت دانيكا مكغيان، ابنة باري وشقيقة شين، بسبب إصابتها بالسرطان. وكانت دانيكا ممثلة موهوبة وفي الـ33 عاماً فقط. وقال تايلور عن وفاتها: «كانت صدمة حقيقية. كانت دانيكا فتاة محبوبة ولافتة للأنظار. وكانت صاحبة شخصية سعيدة وإيجابية حيال كل شيء طوال الوقت».
مشاركة :