كاميرون يستعيد نبرة «الليبرالي المحافظ» بعد فوزٍ مذهل في الانتخابات البريطانية

  • 5/9/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

لندن أ ف ب تحدَّى زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، التوقعات واتهامه ببرودة الأعصاب، محقِّقاً فوزاً مذهلاً في الانتخابات التشريعية البريطانية، رغم أن عدداً من المحللين يتوقعون أياماً صعبة أمامه خصوصاً في علاقته بالأوروبيين. وبعد تأكُّده من قدرته على تشكيل حكومة بمفرده دون مشاركة أحزاب أخرى؛ تعهَّد كاميرون بالعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع، منتقداً الاستطلاعات التي أجمعت منذ 6 أشهر على هزيمته وفوز «العمال». وخلال ولايته الأولى (2010-2015)؛ تحالف زعيم «المحافظين» مع الليبراليين الديمقراطيين وآخرين من يسار الوسط، ما أزعج اليمينيين داخل حزبه. لكن الفوز في الانتخابات التي أجريت الخميس بـ 326 مقعداً في مجلس العموم (من أصل 650)؛ سيتيح له مكافأة عددٍ أكبر من نواب حزبه، بحسب الباحث في كلية لندن للاقتصاد، توني ترافرس. وفي خطاب الفوز أمس؛ استعاد رئيس الوزراء الأصغر سناً منذ عقدين نبرة «الليبرالي المحافظ» حسب تعريفه لشخصيته. وطعَّم خطابه بعبارات على غرار «الوظائف» و«التدريب» و«السكن» و«الكرامة» و«مدارس جيدة الأداء» وغيرها من المطالب الاجتماعية. لكن أبرز ما وعد به كان تنظيم استفتاء خلال عامين حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي. وقبل 10 أيام على موعد الاقتراع؛ سجَّل أنصار كاميرون ومعارضوه بذهول التبدل المفاجئ في خطابه و«تعبيره الجسدي»، ولاحظوا اعتماده على نبرة جديدة هجومية تستند إلى شعار «إما أنا أو الفوضى» مرفقاً بقبضات مرفوعة وفم متشنج. كما أطلق أحياناً عبارات لم يكن يمكن تخيُّلها في الأمس، وكان المثال الأوضح هو انتقاده بلغة خالية من الدبلوماسية برنامج حزب العمال المعارض. وفي مقابلته مع مجلة «ذا إيكونوميست»؛ تحدَّث عن «سوء فهم» قائلاً «يُخيَّل لي أحياناً أن بعضهم يعتبرونني بارد الأعصاب أكثر مما يجب، لكنني لا أوافق على ذلك، هذا ليس ما أنا عليه». وخلال الحملة الانتخابية؛ أثيرت تساؤلات عن قدرته على ممارسة السلطة، بحسب كاتب سيرته أنتوني سيلدون. وفي جولاته الانتخابية؛ ارتكب كاميرون 3 هفوات اعتبرها معارضوه إثباتاً على ابتعاده عن أعماق البلاد؛ إذ تناول النقانق بالشوكة والسكين، وأخطأ في اسم نادٍ لكرة القدم يفترض أنه يؤيده، كما زلَّ لسانه قائلاً إن «هذه الانتخابات محورية لمسيرتي.. عفواً.. للبلاد». كما انزعج مؤيدوه حيال ما اعتبروه لا مبالاة من طرفه عندما استبعد ولاية ثالثة في حال إعادة انتخابه. والأسوأ بالنسبة لهم أنه ذكر أسماء ثلاث شخصيات توقَّع أن تخلفه؛ بينها رئيس بلدية لندن المثير للجدل بوريس جونسون. لكنه عاد بعد الفوز إلى «ليبراليته المحافظة». ويُعرَف رئيس الوزراء بمرونته أيديولوجياً، فهو الذي شبَّه نفسه برئيس الوزراء السابق توني بلير الذي اعتمد شعار «الاقتصاد ليس يميناً ولا يساراً». وتولى كاميرون رئاسة «المحافظين» عام 2005 وهو في الـ 39 من عمره، بعد 4 سنوات على انتخابه نائباً عن ويتني في مقاطعة أوكسفوردشير الريفية. وطرح نفسه في تلك الفترة بصورة مصلح يسعى إلى تبديل صورة حزبه الموروثة عن حقبة «المرأة الحديدية» مارغريت تاتشر، مؤيداً العودة إلى الوسط وإلى «تيار محافظ تعاطفي» ومصمِّماً على منح أولوية لقطاعات الصحة والتعليم والبيئة وحتى «مشاطرة ثمار النمو». وشكَّل هذا الخطاب ابتعاداً عن خلفيته، فهو يمثل الطبقة الراقية، ووالده وليام دونالد ثري يعمل في تصريف العملات ووالدته قاضية. علاوةً على ذلك؛ فإنه يتحدَّر من سلالة الملك غيوم الرابع ومتزوج من ابنة بارون، علماً أنه تلقَّى التعليم في مدرسة أيتون وجامعة أوكسفورد منشأ النخبة البريطانية. ومع نهاية ولايته الأولى؛ نجح كاميرون في مضاعفة النمو والوظائف وحافظ على تحالف «المحافظين الليبراليين الديمقراطيين» الذي عُدَّ أول ائتلاف حزبي يحكم البلاد منذ 65 عاماً. وتمكَّن أيضاً من فرض إقرار زواج المثليين رغم معارضه معسكره. لكنَّ معارضيه يتهمون سياساته بأنها خدمت الأثرياء أكثر من أي وقت مضى، وأدت إلى مضاعفة الفروقات الاقتصادية وإضعاف جهاز الصحة العامة تحت غطاء سياسة التقشف.

مشاركة :