أرجأ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الإعلان عن تشكيلة الحكومة إلى الأربعاء بسبب خلافات بين عناصر حزبه على الحقائب الوزارية، الأمر الذي يؤكد هشاشة ائتلافه الذي يبقى تحت رحمة نائب واحد. وكان من المفترض أن يقدم رئيس الوزراء المنتهية ولايته إلى الكنيست تشكيلة حكومته الرابعة الإثنين، لكن شهية عناصر حزبه «ليكود» تهدد الغالبية البرلمانية الهشة (61 من أصل 120 نائباً في الكنيست)، وترغمه على تغيير خطته. وأفادت صحف إسرائيلية بأن نتانياهو سيحاول بحلول الأربعاء إلغاء قانون يحدد عدد الوزراء بـ18 لكي يتمكن من تلبية طلبات المرشحين. وأشارت إلى مخاوف نتانياهو من أن يرفض نواب من «ليكود» التصويت لصالح الحكومة بسبب عدم حصولهم على حقيبة وزارية. ونقلت عن النائب الدرزي في «ليكود» أيوب قرا، قوله: «ما لم يتم تعييني وزيراً فستكون هناك مفآجات». وأضاف أن عدم وجود درزي في مجلس الوزراء «أمر غير وارد». وأقر قانون تحديد عدد الوزراء عام 2014 بهدف خفض النفقات بعد أن ضمت الحكومة الثانية لنتانياهو (2009-2013) ثلاثين وزيراً، العدد الأكبر في تاريخ إسرائيل. ومن المتوقع أن ينظر مجلس الوزراء في نص القانون المعدل الأحد، على أن يرفع إلى الكنيست الإثنين. وسيشكل ذلك الاختبار الأول لحكومة نتانياهو لأن جميع نواب الائتلاف يجب أن يكونوا حاضرين من دون استثناء للتصويت على تعديل القانون. وإذا تم التعديل، فسيعلن نتانياهو توزيع الحقائب الثلثاء بحيث يكون عددها نحو عشرين. وكان نتانياهو تمكن مساء الأربعاء، في اللحظة الأخيرة، من تشكيل حكومة ائتلافية بعد تقديمه تنازلات كبيرة إلى حزب «البيت اليهودي» اليميني المتشدد الذي يعارض إقامة دولة فلسطينية ويدعو إلى مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة. وندد الفلسطينيون بالحكومة الجديدة، معتبرينها «حكومة وحدة من أجل الحرب وضد السلام والاستقرار». أخطر حكومة وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن حكومة نتانياهو ستكون من أسوأ وأخطر الحكومات في إسرائيل لأن على رأس اولوياتها تعميق الاحتلال وتوسيع المستوطنات وإضعاف النظام الديموقراطي وزيادة الدعم المادي للمجتمع «الحريدي». وقالت إنها تعلق الآمال على موشي كحلون، وهو عضو «ليكود» سابق، باعتباره معارضاً لإضعاف الجهاز القضائي، ومعارضاً لقانون يهودية الدولة، وإسحق هرتزوغ بصفته البديل. واعتبرت أن المنتصر الأكبر في المفاوضات الائتلافية هو كتلة «البيت اليهودي»، اذ إن هذه الكتلة استغلت ضائقة نتانياهو، وتمكنت رغم فشلها في الانتخابات، من التموضع مرة ثانية على طاولة الحكومة، وعلى رئاسة لجان في الكنيست. وكتبت أن رئيس «البيت اليهودي نفتالي بينيت وإيليت شاكيد وأوري آرئيل سيوجهون الحكومة الرابعة لنتانياهو، في حين أن ليكود الذي يفتقد البرنامج والسياسة والمشاريع، سينجر خلفهم». في هذه الأثناء، هنأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان مساء أول من أمس، نتانياهو على نجاحه في تشكيل حكومة جديدة، مطالبة إياه بالعمل في أسرع وقت على استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي «سيواصل العمل مع إسرائيل في إطار علاقة ثنائية تعود بالمنفعة على الطرفين، وكذلك في المسائل الإقليمية والدولية المهمة ذات الاهتمام المشترك». واعتبر البيان أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة «سيتيح أيضاً استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في أسرع وقت ممكن بهدف التوصل إلى اتفاق شامل يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية وقابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمان». وأضافت موغيريني أن «الوقت حان لأن تقوم مؤسسات الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) بخيارات شجاعة»، مبدية رغبتها في «التعاون مع الحكومة الجديدة» ومؤكدة استعدادها «للانخراط شخصياً من أجل تسهيل حصول تقدم» في هذه المفاوضات. وجاء البيان الأوروبي بعد إعلان حركة «سلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، أن لجنة التخطيط التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية وافقت الأربعاء على بناء 900 وحدة سكنية استيطانية في حي «رمات شلومو» الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة. واعتبرت الإدارة الأميركية أن خطط الاستيطان هذه تسبب «خيبة أمل». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيف راثكي أول من امس: «ذكرنا أكثر من مرة أننا نعارض بشدة الخطوات التي يتخذها المسؤولون الإسرائيليون بخصوص الاستمرار في أعمال البناء في القدس الشرقية. ونشعر بقلق بالغ حيال هذه الخطوة التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية، وتسببت في خيبة أمل». وأكد أن المسؤولين الإسرائيليين يزعمون أنهم يواصلون التزام تعهداتهم المتعلقة بحل القضية الفلسطينية- الإسرائيلية على أساس دولتين، مضيفاً: «نريد أن نرى تعهدات الحكومة الإسرائيلية في أفعالها، فمواصلة بناء الوحدات السكنية في القدس الشرقية يتعارض مع ما يقولون في هذا الشأن». وتابع: «سنواصل قول رؤيتنا بشكل واضح عن عدم مشروعية هذه الوحدات السكنية». وفي وقت سابق مساء أول من أمس، قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست إنه لا يتوقع لقاء بين الرئيس باراك أوباما ونتانياهو في القريب المنتظر، مؤكداً أن «هذه الخطوة لن يكون لها تأثير في العلاقات الأمنية بين الدولتين». من جانبه، أكد الرئيس محمود عباس «استعداد السلطة الفلسطينية للعمل مع أي حكومة إسرائيلية تلتزم تجميد الاستيطان»، مشدداً في مقابلة مع وكالة «إنترفاكس» على الاستعداد «لبدء مفاوضات سلام حقيقية فوراً، تعتمد على جدول زمني يحدد مواعيد إنهاء النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي». السلام الإقليمي على هذه الخلفية، نقل موقع «والا» العبري صباح أمس عن مصادر لدى نتانياهو، أن الأخير يعتزم إلقاء تصريحات في الفترة القريبة المقبلة يتحدث فيها عما يصفه بـ «سلام إقليمي»، ويتطرق خلالها إلى المبادرة العربية للسلام، معتبراً أنه بذلك سيتمكن من صد ضغوط دولية في شأن تعنته في الموضوع الفلسطيني. وكان نتانياهو قال خلال مراسم الذكرى السنوية السبعين للانتصار على ألمانيا النازية أول من أمس، إن «المصالح المشتركة لإسرائيل ودول عربية ضد إيران، تخلق فرصاً لدفع تحالفات وربما دفع سلام أيضاً». ووفقاً لموقع «والا»، فإن نتانياهو يكرر القول في مجالس مغلقة، إنه ليس مقتنعاً بأن بالإمكان التقدم في القناة السياسية مع الرئيس عباس «في المرحلة الحالية»، لأن الأخير يرفض مطلب الاعتراف بـ «يهودية إسرائيل»، وبسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي.
مشاركة :