على أعتاب انطلاق منتدى «دافوس الصحراء» بعد أيام، نجحت السعودية في تفعيل أدوات الاستثمار غير النفطي لديها منذ إطلاق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مشروع الرؤية 2030 في العام 2016، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات المعلنة قرابة 646 مليار ريال (170 مليار دولار) تمثل اتفاقيات ومساهمات حصصية ومشاركة في شركات ومشروعات استثمارية عالمية.يأتي ذلك وسط توقعات بمشاركة رؤساء دول ومسؤولي حكومات وأكثر من 25 مصرفا وبنكا استثمارا ومؤسسات دولية وشركات أميركية عملاقة في فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار «دافوس الصحراء» المزمع عقده نهاية الأسبوع المقبل في العاصمة السعودية الرياض.وبحسب وكالة بلومبرغ، تتجه الشركات الأميركية الكبرى إلى المشاركة في الدورة الجديدة لمنتدى مستقبل الاستثمار في السعودية الذي ينطلق يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري ويستمر حتى نهاية الشهر، يعد أكبر مناسبة لعرض الفرص الاقتصادية السعودية، مضيفة أنه ينتظر مشاركة العديد من كبار مسؤولي البنوك وشركات الاستثمار المالي الأميركية الكبرى مثل مايك كوربات من مجموعة «سيتي جروب» المصرفية ولاري فينك من «بلاك روك».وقال أيهم كامل رئيس إدارة الشرق الأوسط في شركة «أوروآسيا غروب» للاستشارات المالية إن منتدى هذا العام «سيختلف بشدة» عن العام الماضي، حيث «يبدو مسؤولو وول ستريت أكثر رغبة في المشاركة في ظل أهمية السعودية لشركاتهم، وتعتبر شركة أرامكو أحد هذه العوامل، لكن هناك أيضا مجموعة أوسع من الاعتبارات المهمة، حيث ما زال على المملكة تأكيد استمرار التقدم في خطط تحديثها وجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية».ووفقا لبلومبرغ، من المتوقع مشاركة مسؤولين كبار من أكثر من 25 بنكا تشارك في عملية الطرح العام الأولي لشركة أرامكو، والتي يمكن أن تمنح رسوما تصل إلى 450 مليون جنيه في المنتدى، في وقت سيترأس وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين وفد الولايات المتحدة المشارك في المنتدى.وكان متحدث باسم وزارة الخزانة صرح أمس أن منوتشين سيمثل الولايات المتحدة في المنتدى، في حين ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيكون بين أعضاء الوفد رفيع المستوى الذي سيحضر المنتدى.وكان رصد حديث صدر عن وكالة رويترز أمس كشف أن حجم الصفقات غير النفطية التي أبرمتها السعودية بلغ قرابة 170 مليار دولار، حيث أشارت إلى أن المملكة تحاول جذب رأس المال الأجنبي إلى القطاع غير النفطي بها وتسعى لاستثمارات في الخارج في إطار رؤية المملكة 2030. وهي الخطة المعنية بتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على إيرادات النفط.وجاء من أبرز الصفقات غير النفطية التي أبرمتها السعودية منذ إعلان الخطة في 2016 توقيع صندوق الاستثمارات العامة اتفاقا مع مصر لإنشاء صندوق استثمار حجمه 16 مليار دولار، كما استحوذ الصندوق على حصة نسبتها 5 في المائة في «أوبر» بقيمة 3.5 مليار دولار، أعقبها استثمار بقيمة 500 مليون دولار في مشروع التجارة الإلكترونية الشرق أوسطي «نون.كوم»، وكذلك شراء 50 في المائة من «أديبتيو» التي تسيطر على الشركة الكويتية للأغذية (أميركانا) في صفقة قوامها ملياري دولار.وفي أكبر الصفقات، تعهد صندوق الاستثمارات العامة السعودي بمبلغ 45 مليار دولار لصندوق رؤية سوفت بنك البالغ حجمه 100 مليار دولار للتركيز على الاستثمار في التكنولوجيا، كما تفاهم الصندوق مع شركة الاستثمار المباشر الأميركية بلاكستون ليلتزم بما بين 20 و40 مليار دولار في صندوق يركز على البنية التحتية الأميركية، كما تم إبرام 15 مليار دولار تشمل عدة قطاعات صناعية بما في ذلك النفط والغاز والتعدين والرعاية الصحية.وكان الصندوق وقع مذكرة اتفاق مع مستثمرين للاستحواذ على 57.8 في المائة في أكور إنفست - شركة العقارات الفندقية الفرنسية - مقابل 5.3 مليار دولار، كما استحوذ الصندوق على 5 في المائة في تسلا لصناعة السيارات الكهربائية الأميركية.وفي العام الماضي الذي شهد انطلاقة «دافوس الصحراء» وقعت الرياض اتفاقات بقيمة 56 مليار دولار رغم أن شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو السعودية سيطرت على معظمها، كما خططت السعودية على تطوير مجمع متكامل للطاقة الشمسية والكربون الأسود بقيمة ملياري دولار بالشراكة مع لونجي الصينية وأو.سي.آي الكورية الجنوبية، بينما حظيت شركة لوسيد موتورز الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية بمساهمة السعودية في حصة تزيد قيمتها عن مليار دولار.وفي العام الجاري، شهد استحواذ المملكة على 49 في المائة من شركة الاستشارات ريتشارد آتياس آند أسوشيتس، التي قدرت قيمتها من قبل بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.أما الإصلاحات الاقتصادية التشريعية، شهد العام 2016 إصلاحات في سوق الأسهم رفعت من ملكية المستثمرين والمؤسسات المالية الأجنبية كما فرضت خفض دعم الكهرباء والماء، بينما شهد العام 2017 حملة مكافحة الفساد طالت مسؤولين ورجال أعمال استردت الدولة منهم 100 مليار دولار عبر تسويات مالية.وفرضت المملكة خلال العام 2018 ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5 في المائة لتحسين الدخل من مصادر غير نفطية، ومنح المستثمرين الأجانب فرصة دخول السوق المالية الثانوية «نمو» في المملكة، بجانب سنن قوانين جديدة لحالات الإفلاس. بينما شهد 2019 خفض هيئة السوق المالية ومكتب إدارة الدين العام الرسوم والعمولات لتشجيع التداول في أدوات الدين في السوق الثانوية وتعديل قانون السوق المالية للسمح بإنشاء بورصات أخرى إلى جانب البورصة السعودية.وربط الاقتصادي بالاجتماعي في عملية الإصلاح منذ العام 2016. أكدت رويترز في رصدها إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمضى مجموعة إصلاحات اجتماعية واقتصادية ضمن خطط لتحديث المملكة المحافظة وجذب استثمارات أجنبية في إطار توجه لتنويع الاقتصاد، يأتي من أهمها السماح بدخول وسائل الترفيه منها دور السينما حيث يعتزم فتح أكثر من 300 دار عرض أخرى بحلول العام 2030، بجانب رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في العام 2018، في حين كان أطلقت المملكة هذا العام نظاما جديدا لتأشيرات السفر السياحية يسعى لجذب السائحين الأجانب.
مشاركة :