التقييم..يعجز عن تشخيص واقع المعلمين المهني

  • 10/27/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محمد إبراهيم من المفترض أن تكون «التقييمات» أداة فاعلة في تشخيص الواقع المهني، والقدرات الحقيقية، للمعلمين، إذ تحدد احتياجاتهم الفعلية وسبل تأهيلهم، لمواكبة أطر ومسارات التطوير التي يشهدها التعليم، في عصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، اللذين فرضا ضرورة إكسابهم مهارات خاصة لبناء الأجيال والأوطان في المستقبل القريب.ولكن هنا نتساءل: هل نظام تقييم معلمينا فاعل ومؤثر، يستطيع تشخيص مستوياتهم الفعلية واحتياجاتهم؟ وإلى أي مدى هو قادر على معالجة خلل نقص المهارات والقدرات المهنية؟ وهل يلامس في مضمونه واقع التطوير وتأهيل المعلمين وتدريبهم؟ مع الأسف تتعالى أصوات المعلمين في المدارس الحكومية سنوياً، بسبب ضعف معدلاتهم في نظام إدارة الأداء الذي يقيم كوادر التعليم الحكومي، إذ إن هناك 80% منهم يحتاجون إلى تحسين، وفق التقييمات الأخيرة للمعلمين ومديري المدارس والمديرين الأوائل، وتبلورت أسباب تدني المعدلات في ثلاثة هي: «تدني نتائج الطلبة، وارتفاع نسبة الغياب الطلابي، وعدم اكتمال نصاب بعض المعلمين».أما تقييمات معلمي المدارس الخاصة «فحدث ولا حرج»، إذ تستند في مضمونها إلى تقييم داخلي من مشرف المادة الدراسية، ومن ثم إلى الإدارة المدرسية، ويرتبط في معظم الأحوال بالحالة المزاجية للمخول بالتقييم، وحجم المحاباة، وقوة العلاقة التي تربطه بالمعلم المستهدف، وبحسب عدد من معلمي المدارس الخاصة، تأتي التقييمات في النهاية «حبر على ورق». ويرى خبراء أن نظام تقييمات المعلمين الحالي، يشكل روتيناً ممنهجاً «عاجزاً» على تشخيص واقع المستويات الفعلية للمعلمين، وغير قادر على معالجة خلل نقص مهاراتهم، وقدراتهم المهنية، ويبتعد في مضمونه عن التطورات المتوالية التي يشهدها التعليم، ولا تحاكي احتياجات عصر الذكاء الاصطناعي ومهارات القرن.«الخليج» تناقش مع الخبراء وفئات تربوية مختلفة في الميدان، تلك الإشكالية للوقوف على مدى جدية التقييمات وتأثرها، ووفائها بالاحتياجات، ومدى ارتباطها بالمتغيرات: أربعة تصنيفات «إبراهيم.ب، منى.ح، إيمان.س، هيفاء.ع، سوسن.م، أحمد.ف»، معلمون في مدارس حكومية مختلفة، أوضحوا ل«الخليج» أن نظام إدارة الأداء، يقيم الكوادر التربوية في الميدان، وفق أربعة تصنيفات تتمثل في «يفوق التوقعات بشكل ملحوظ»، و«يفوق التوقعات»، «يلبي التوقعات»، «يحتاج إلى تحسين».ولكن تقارير الأداء السنوية لا تتسم بالدقة، ولا تشخص المستويات المهنية الفعلية للمعلمين، ما يشعرهم بالظلم، وعدم تقدير جهودهم في الارتقاء بالعملية التعليمية ومخرجاتها، مؤكدين أن إعادة التقييم التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم كل عام ، غير عادلة، لاسيما أنها تستند إلى أسباب خارج صلاحيات المعلم، فمسؤولية اكتمال النصاب تقع على عاتق الوزارة وليس المعلم، والمسؤولون عن توزيع النصاب مديرو النطاق بالتعاون مع مديري المدارس والأوائل، وليس المعلم أيضاً، وغياب الطلبة يُسأل عنه ولي الأمر وليس المعلم.وقالوا إن تدني نتائج الطلبة في الفصل الدراسي الأول، تخضع لعدة عوامل مختلفة، لا تعني بالضرورة تدني مستوى المعلمين، منها صياغة الأسئلة التي تصدم المعلمين قبل الطلبة، نظراً لصياغتها الجديدة، التي لم يتم التدرب عليها من قبل، ولم يتطرق إليها المعلمون خلال أيام الدراسة، فضلاً عن عدم تضمنها محتوى المناهج التي تم تدريسها، في مواد مثل «الفيزياء والرياضيات واللغة العربية»، مع عدم وجود نماذج تدريبية يستطيع المعلم الاستناد إليها، لتأهيل الطلبة، لامتحانات تعتمد على المهارات أكثر من المناهج المكررة. آليات التقييم أما «يوسف.م، فاطمة.أ، مريم.ح، أحمد.م» معلمون في عدد من المدارس الخاصة، تحدثوا ل«الخليج» حول آليات التقييم للمعلمين، الذي يتم من قبل مشرف كل مادة دراسية، بتكليف من إدارة المدرسة، موضحين أنه روتين غير فاعل ولا يحاكي وسائل قياس مستويات المعلمين، أو جودة المخرجات، بل يتم بشكل صوري ليدون في تقرير يوضع في ملف كل معلم. وقالوا إن التقييمات دائماً تستند إلى الحالة المزاجية لمشرف المادة، وترتكز على المحاباة والمحسوبية والعلاقة التي تربط المقيم ومن يتم تقييمه، معتبرين أنها في معظم الأحيان غير عادلة، وحبر على ورق، موضحين أن فرق الرقابة من الهيئات والمجالس التعليمية تضع المعلمين في اختبار حقيقي، إذ يتم تقييمهم وفق معايير تقيس قدرة المعلمين ومهاراتهم، واستراتيجيات التدريس، ومدى مواكبتهم للتطورات التي يشهدها التعليم.في المقابل تحفظ عدد من مديري مدارس خاصة عن شرح ماهية، وآليات تقييم المعلمين، ومدى جديتها وأهدافها، للارتقاء بالعملية التعليمية، وجودة المخرجات ومواكبة المتغيرات التطورات التي تشهدها نظم التعليم، معتبرين أن التقييمات سرية لا يحق حتى للمعلم نفسه الإطلاع عليها! هدف النصاب وفي وقفة مع وزارة التربية والتعليم، نجد أنها جعلت تقييم هدف النصاب للمراجعة، في خطوة لتحسين نتائج التقييم، وصنفت حصص النصاب للمعلم، وآليات احتساب التقييم، حيث منحت تقييماً «يلبي التوقعات» للكادر التعليمي في مدارس المناطق النائية، وكذا المواد التي لها نصاب منخفض، موضحة أن عملية التقييم وفقاً لنصاب المعلم من الحصص في الحالات الطبيعية يكون 30 حصة، ويمنح تقييماً «يفوق التوقعات بشكل ملحوظ». أما المعلم الذي يقع نصابه بين 30 حصة وأكثر من 25 حصة، يمنح تقييماً «يفوق التوقعات»، ومن يبلغ نصابه 24 حصة يأتي تقييمه «يلبي التوقعات»، والمعلم الذي بلغ نصابه أقل من 24 حصة فهو بحاجة إلى تحسين. وأفادت بأن معلمي المناطق النائية، يحصلون على تقييم «يلبي التوقعات»، في حال قام المعلم بتدريس جميع الشعب في المدرسة، ولم يصل لاكتمال النصاب «24 حصة»، كما يمنح أيضاً تقديراً «يلبي التوقعات» في المواد الدراسية ذات الأنصبة التي لا تصل إلى 24 حصة كاللغة الإنجليزية في كل الحلقات التي يكتمل النصاب ب 20 حصة، وكذلك مادة الرياضيات في الحلقة الأولى، التي يكتمل على 21 حصة، فضلاً عن منح معلمي اللغة العربية والانجليزية برياض الأطفال من العاملين بالمدارس الحكومية في المناطق النائية تقدير «يلبي التوقعات» وفقاً للأنصبة. ماهية التقييم التقينا الدكتور عبد الله مصطفى، الخبير التربوي، الذي شرح ماهية تقييمات المعلمين الحالية، إذ يرى ضرورة إعادة النظر في نظام تقييم المعلمين في المدارس الحكومية، معتبراً أن تكرار أعداد المعلمين الذين يحتاجون إلى تحسين، أعواماً متتالية، وهذا مؤشر خطر، يأخذنا إلى اتجاهين وكلاهما يدعو إلى القلق، الأول يلخص عدم قدرة معلمينا الحاليين في الميدان على أداء واجباتهم التدريسية ومهامهم المهنية، وعجزهم عن مواكبة المتغيرات والتطورات، وهنا لا بد من استبدالهم فوراً حفاظاً على جودة ومستقبل الأجيال. أما الاتجاه الثاني فيكشف حقيقة مهمة لا بد من الاعتراف بها، وهى عدم قدرة النظام على التقييم الدقيق للمعلمين، وتحديد احتياجاتهم، لمعالجة الخلل المهني أو المهاري فيهم إن وجد، فضلاً عن تأهليهم وفق المتغيرات والتطورات التي يشهدها التعليم عاماً تلو الآخر. وحول الأسباب التي استندت إليها الوزارة، عند تعديل تقييمات المعلمين، أفاد بأن البعض منها غير منطقي ولا يجوز محاسبة المعلم عليه، مثل «غياب الطلبة»، إذ إن هذا المؤشر خارج صلاحية المعلم، والمسؤولية كاملة تقع على عاتق ولي الأمر الذي يحكم ذهاب نجله للمدرسة، والتقاعس في تشجيعه للذهاب للدراسة، فليس من المنطق أن يدور كل معلم على بيوت طلابه ليحثهم على الحضور للمدرسة.وفي تعقيبه على ارتباط التقييم بنصاب المعلمين، أفاد بأنه اتجاه جيد ولكنه لم يطبق بدقة حتى الآن، والدليل على ذلك أن هناك معلمين بلغ نصابهم أكثر من 25 حصة، ويستحقون وفق التوجيهات «يفوق التوقعات»، ولكن يأتي تقييمهم «يحتاج إلى تحسين» أكثر من عام، وهنا الأمر يزداد إبهاماً، مؤكداً أن عدم اكتمال النصاب مسؤولية تقع كاملة على عاتق وزارة التربية. غامض وغير واضح وحول تقييم معلمي المدارس الخاصة، أفاد بأنه غامض وغير واضح المعالم في التعليم الخاص، فيما عدا تقييمات الرقابة التي تطبقها المجالس والهيئات على مدارسها، كما هي الحال في دبي «هيئة المعرفة والتنمية البشرية»، وفي الشارقة «هيئة الشارقة للتعليم الخاص» وفي أبوظبي «دائرة التعليم والمعرفة»، وما تبقى من مدارس تقيمها وزارة التربية، ولكن الإشكالية هنا تكمن في شمولية تلك التقييمات، حيث إنها لا تستهدف المعلمين فقط، ولكنها تقيم أيضاً «الإدارة المدرسية والاستراتيجيات والمباني المدرسية وغيرها»، الأمر الذي يبعدها عن تحقيق التقييم الدقيق للمعلمين. وفي تعليقه على التقييمات الداخلية، أكد أنها لا تجسد المستويات الفعلية للمعلمين، لاسيما أن المقيم قد يكون مشرف المادة، وفي بعض الأحيان يكون أقل من المعلم مهنياً ومهارياً. قوائم وتقييمات أفادت قوائم لوزارة التربية والتعليم حول التقييمات،التي اشتملت على 2600 معلم ومدير، وحصلت «الخليج» على نسخة منها، بأن 55 منهم، حصلوا على تقييم «يفوق التوقعات بشكل ملحوظ»، و40 منهم على تقييم «يفوق التوقعات»، فيما بقى 2505 منهم يحتاجون إلى تحسين. نتائج الأداء ركزت ضوابط تطبيق نظام إدارة الأداء على احتساب نتائج الأداء الكلية للمستهدفين في الميدان من المعلمين ومديري المدارس والإداريين والفنيين، 100%، تتوزع بواقع 30% للكفاءات، و70% للأهداف. يحتاج إلى تحسين أفاد عدد من المعلمين في المدارس الحكومية، أن تقييم الأداء الخاص بهم، جاء على مدار ثلاث سنوات يحتاج إلى تحسين على الرغم من اكتمال نصاب الحصص لديهم، وزاد عن المقرر، لأسباب انحصرت بين مدير النطاق ومدير المدرسة ووزارة التربية والتعليم.

مشاركة :