نجحت شرطة دبي في تحويل مدمن مخدرات لمدة لا تقل عن 17 عاماً، إلى مساعد أخصائي إدمان في مركز "عونك"، التابع لهيئة تنمية المجتمع بالخوانيج . وأكد العقيد عيد ثاني حارب، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، أنه بتعليمات من اللواء خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي، ومتابعة دقيقة من مساعده لشؤون البحث الجنائي اللواء خليل إبراهيم المنصوري، تولي شرطة دبي اهتماماً كبيراً بالرعاية اللاحقة لمدمني المخدرات، الذين أنهوا مدة عقوبتهم، وتعمل على إدماجهم في برنامج الفحص الدوري الشامل من أجل مساعدتهم على الإقلاع عن آفة الإدمان، لافتاً إلى أن هناك رعاية أخرى لشرطة دبي لاحتضان هؤلاء ومحاولة إعادتهم للمجتمع أصحاء متعافين، ومساعدتهم على إعانة أسرهم . وأكد أن (ع .ح) واحد من هؤلاء الذين اعتادوا، بل تورطوا لفترة ليست بالقصيرة في تعاطي المخدرات، نتيجة رفقاء السوء وحب التجريب، إلا أنه استطاع ومن خلال المتابعة المتواصلة، وإرادته القوية أن يقلع عن تلك الآفة الخطرة، من أجل رعاية أسرته، ولذلك قامت شرطة دبي بإلحاقه بمركز "عونك" ليكون مثالاً مميزاً على نجاح تجربة العلاج والتأهيل الذي قدمتها شرطة دبي له ولآخرين، ولتأمين دخل مادي يعينه على الإعاشة وأسرته . والتقت "الخليج" مع (عبدالله .ح) الذي روى كيفية دخوله في النفق المظلم للإدمان، وكيف أقلع بعد سنوات عدة، حيث يؤكد أن البداية كانت في عمر 11 عاماً، وبدأت بالتدخين من باب التجربة، ثم تطورت من التدخين بفضل مجموعة من الأصدقاء الشباب الذين كنت أجلس معهم وجميعهم في عمر أكبر إلى تجريب المخدرات وخاصة الحشيش، بعد أن تم تجريب المشروبات الكحولية التي لم أستمر عليها طويلاً . البعثة ويقول عبدالله إنه كان يتفاخر في تلك السن، وعندما كان يسأله أي شخص من أصدقائه "أنت أمنيتك تكون إيه في المستقبل"، كان رده "تاجر مخدرات"، حيث لم يكن يعي مخاطر تلك الكلمة، لافتاً إلى أنه تم توظيفه في إحدى الوظائف الحكومية في سن السابعة عشرة لظروف عائلية، وبعد 17 يوماً ابتعث لإحدى الدول الأجنبية لدورة تدريبية، وهناك كان أمر الحصول على المخدرات بأنواعها أكثر سهولة ويسراً، خاصة أنه لم يكن هناك رقابة أسرية، وهناك أصدقاء يتعاطون المخدرات مثل الأكل والشرب، وشباب مع بعضهم داخل شقق من دون أي رقابة، ما أتاح الفرصة للتعاطي . ويؤكد أنه بدأ في تجريب أنواع أخرى من المواد المخدرة كالهيروين، وخلافه، وبالصدفة البحتة، في ختام الدورة التدريبية حصلت على المركز الأول، وصار لديّ أعتقاد أن المخدرات كانت وراء تفوقي . أصدقاء السوء ويشير إلى انه عاد للدولة مع المجموعة ذاتها من الشباب، وبطريق غير مباشر من البعض أفهموني أن هناك من يتاجر بالمخدرات، وأنهم سيقومون بتوفيرها لدرجة أن هناك من يقوم بتوصيلها للشخص في أي مكان، ولذلك صارت ألأمور طبيعية، وتزوجت بعد عودتي بعامين، وقررت أن أتوقف عن التعاطي، وللأسف عدت إليها بعد 10 أيام فقط، إلا أنه بعد عام ونصف العام تم ضبطي، وكادت أن توجه لي تهمة الاتجار في المخدرات، إلا أن الله ستر، خاصة أنني أصبحت لديّ طفلة، ولكن خسرت الوظيفة بعد حبسي لفترة وحُرمت من نهاية خدمتي، وقررت بعد العفو عني بعد 9 شهور من الحبس ألا أعود مجدداً لتلك الآفة وتغيير الأصدقاء، خاصة أنني كنت رياضياً، وبالفعل تركت كل شيء حتى التدخين، واشتغلت في إحدى الشركات، وللأسف مرة أخرى وجدت نفسي في تلك الشركة وسط مجموعة من الأجانب، وطلبوا منى حلق لحيتي، وفتح الباب أمامي مجدداً لتعاطي الكحول لأنهم يتعاطونه أمامي بعد انتهاء العمل، ثم كانت ردة سريعة للمخدرات من جديد، وقمت بشراء كمية منها تكفيني أكثر من أربع سنوات، وكان ذلك في عام ،2002 وللأسف قبض عليّ مجدداً في 2003 بسبب المشروبات الكحولية، وتوالت عمليات الضبط والإفراج لنحو 6 مرات، وكان آخرها في عام ،2013 وخلال تلك الفترة أنجبت 5 أطفال أكبرهم في ال15 عاماً . ويؤكد أن حالته الميسرة كانت وراء عدم الامتناع أيضاً، خاصة أنه يستطيع توفير احتياجات أسرته، ولكن أكثر ما كان يحز في نفسه هو سؤال ابنته أين تذهب يا بابا، أنت فين، وذلك في فترات سجني، وكنت أتعلل أمامها أني في العمل، وفي لحظة وأنا داخل المؤسسة العقابية في دبي قررت أن أعمل وقفة مع نفسي خاصة مع كبر أبنائي، وقررت أن أتوقف عن التعاطي، وأثناء خضوعي للفحص الدوري بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي، قررت أن أكون ملتزماً وللأبد، وخاصة عندما توفي والدي أثناء وجودي في السجن ولم أستطع أن أحضر جنازته، وبعدها توفي أخي الأكبر، وهذان الحدثان والتفكير في أسرتي بمثابة الهزة القوية التي كسرت ظهري، وفي الوقت ذاته أفاقتني لأني كنت شديد الارتباط بهما، وكرهت المخدرات لأنها منعتني من حضور عزاء أعز الناس، وأيضا فكرت في أمي وشقيقاتي، وتأكدت أنني لن أتحمل هزة جديدة، وقررت الالتزام، وقررت إلا ادخل السجن مجدداً تحت أي ظرف من الظروف . الإرادة أضاف عبدالله أنه التحق بالبرامج التوعوية كافة، التي أعدتها شرطة دبي، وهيئة تنمية المجتمع داخل المؤسسات العقابية بدبي، وكانت تحت عنوان "جرعة أمل" وغيرها، وتأكدت أن الإدمان مرض، وليس سلوكاً، لأن أهالينا لم يربونا عليه، ولذلك قررت أن أستفيد من تلك البرامج، وأقلع عن تعاطي أي شيء، لأنه ملثما دخلت هذا النفق المظلم بإرادتي لا بد أن أخرج منه بإرادتي وبمساعدة الآخرين من أصحاب الفكر الصائب . وقفة مع الذات ويقول عبدالله إنه عندما كان يجلس بينه وبين نفسه، كان يتأكد أن جميع مشاكله كانت من وراء الإدمان والمخدرات، وابتعاده عن تعاليم الدين الصحيح، لافتاً إلى أنه بعد إنهائه الدورات التدريبية بشهرين خرج من السجن بعفو، وخضع للفحص الدوري وتبيّن التزامه، وكان قد تم فتح مركز "عونك" في منطقة الخوانيج، ورشحوني لكي أكون مساعد اختصاصي علاج إدمان، وتم منحي شهادة حسن سير وسلوك، وأيضاً خضعت لدورة "ماتريكس" في مركز التأهيل في أبوظبي، وهو برنامج دولي مطبق للمتعافين لعدم العود مجدداً للتعاطي، وحالياً أقوم بواجبي كاملاً بتوصيل الرسالة للمدمن الجديد بخطورة التعاطي، وأستطيع من خلال خبرتي اكتشاف المراوغين من المدمنين، والمتعاطي النشط، لافتاً إلى أنه يأخذ مكافأة من المركز حالياً، الى جانب معاش من الشؤون الاجتماعية بسبب عجز طبي، مؤكداً أن دخله يكفيه وأسرته والحمدلله .
مشاركة :