المرجعية الدينية تفشل في توجيه مزاج الاحتجاجات في العراقبغداد – تثبت الموجة الاحتجاجية الواسعة التي يشهدها العراق منذ مطلع الشهر الجاري أن غضب الشارع، الناجم عن فشل الطبقة السياسية في إدارة البلاد منذ 16 عاما، يتجاوز كثيرا الثقل الكبير الذي كان يلعبه رجال الدين سابقا، في ما يتعلق بتوجيه المزاج العام.وبرغم الدعوة التي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، صاحب التأثير الروحي الأوسع بين المسلمين الشيعة في العراق، منذ يوم الجمعة إلى المحتجين بهدف تهدئة غضبهم وعرض مطالبهم على السلطات القائمة، إلا أن مساحة التظاهرات تطورت كثيرا مع الإضراب الذي نفذه طلبة الجامعات والمدارس في بغداد.وبدا أن السيستاني، في أحدث بياناته، حاول إمساك العصا من المنتصف، عندما شدد على ضرورة ألا يتورط المتظاهرون في أعمال عنف ضد رجال الأمن والممتلكات العامة، فيما دعا السلطات إلى حماية المحتجين.واعتبر المحتجون موقف السيستاني نوعا من التماهي مع خطاب السلطات الحاكمة، التي أصرت على تجاهل مطالبة الشارع بإسقاط النظام السياسي والانشغال بالحديث عن المخربين الذين اندسوا في التظاهرات، تنفيذا لمؤامرة أميركية إسرائيلية سعودية إماراتية، يشارك فيها حزب البعث، ما وضعها في عزلة تامة عن حراك الشارع.وتأتي هذه التطورات في ظل إصرار واضح من قبل منظمي التظاهرات والاعتصامات في بغداد والمحافظات على المضي قدما في الضغط على السلطات الحاكمة، إلى حين الاستجابة لمطالبهم، وسط توقعات حذرة بأن يسعى السيستاني إلى مبادرة من نوع ما، لا تفرط بالنظام القائم، لكنها تتضمن تنازلات شكلية للمحتجين.وبدا واضحا أن مطالب المحتجين العراقيين اشتملت تفكيك الميليشيات المسلحة التي تشكل البنية الأساسية للحشد الشعبي الذي تأسس بفتوى من السيستاني.وكشف تصريح نائب رئيس الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس، عن القلق المتفاقم بين الميليشيات المدعومة من إيران بعد امتداد الغضب الشعبي وتحول الخلافات بين الفصائل الشيعية إلى صراع تصفية حساب.وتوعد المهندس أثناء مشاركته في عزاء وسام العلياوي أحد قادة عصائب أهل الحق الذي قتل أثناء الاحتجاجات من قبل المحتجين في محافظة ميسان، بتدخل الحشد الشعبي في الوقت المناسب تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة.واعتبر مراقب سياسي عراقي أن مشاركة الحشد في قتال داعش وتحرير مناطق عراقية منه، لا تعني أنه يعود ليحتل العراق مثلما احتل حزب الله لبنان بدعوى تحرير الجنوب من إسرائيل.
مشاركة :