تشهد سوق الدروس الخصوصية انتعاشاً كبيراً مع بدء امتحانات الفصل الدراسي (الأخير)، ورغبة ذوي الطلبة في حصول أبنائهم على النجاح وتحقيق درجات مرتفعة، وعلى الرغم من حظر الدروس الخصوصية قانوناً، وتعريض من يضبط من المعلمين بمزاولتها للعقاب والفصل، فإن الإقبال كبير عليها، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها . حذر مجلس أبوظبي للتعليم جميع المعلمين التابعين له من إعطاء دروس مدفوعة الأجر، لأي طالب يدرس في أي من مدارس أبوظبي، مؤكداً أن الحصول على أجر مقابل الدروس من شأنه التسبب في تضارب مصالح غير مقبول، وفقاً لسياسة وقواعد السلوكيات المهنية والوظيفية المعتمدة لديه . وشدد المجلس في الوقت ذاته على حق الطالب في الحصول على شرح إضافي في حال عدم فهمه للدرس، وألزم إدارات المدارس أن تنظم مجموعات مجانية، وخططاً فردية لرفع كفاءة الطلبة المتأخرين دراسياً، كما أوجد المجلس مخرجاً عملياً للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية منذ سنوات حيث اهتم بفصول التقوية داخل المدارس بعد نهاية اليوم الدراسي، وفتح مراكز إعداد الفائقين لطلبة الصف الثاني عشر المتميزين علمياً (مواطنين ووافدين) في كل من مدرسة الصقور (للطلاب) وللطالبات المتميزات في مدرسة القادسية للبنات بأبوظبي . حظر وأكد محمد سالم الظاهري المدير التنفيذي لقطاع العمليات المدرسية في مجلس أبوظبي للتعليم حظر المجلس على جميع العاملين التابعين له إعطاء دروس مدفوعة الأجر لأي طالب يدرس في أي مدرسة من مدارس أبوظبي، مؤكداً أن الحصول على أجر مقابل الدروس من شأنه التسبب في تضارب مصالح غير مقبول بها، وفقاً لسياسة وقواعد السلوكات المهنية والوظيفية المعتمدة لدى المجلس، مؤكداً في الوقت ذاته حق الطالب في الحصول على توضيح إضافي في حال عدم فهمه لشرح المعلم أثناء الحصة، مشيراً إلى أن إدارات المدارس تنظم مجموعات لتحسين مستوى الطلبة مجانية ووضع خطط فردية لرفع كفاءة الطلبة المتأخرين دراسياً، واصفاً الدروس الخصوصية بأنها عمل غير أخلاقي وغير قانوني . وقالت أمل عبدالله الجنيبي رئيس فريق خدمات التربية الخاصة إن المجلس نظم مجموعات تقوية مجانية للطلاب المتأخرين دراسياً أو من يواجهون صعوبات في التعلم، كما فتح مراكز إعداد الفائقين للمتميزين من أوائل الطلبة، لافتة إلى أن المجموعات مستمرة طوال العام الدراسي، والهدف منها هو الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية . وأشارت الجنيبي إلى أن نحو 205 طلاب وطالبات من طلبة الثاني عشر منهم 151 طالبة و54 طالباً التحقوا ببرنامج إعداد الفائقين منذ بداية العام الدراسي الحالي، حيث يهدف البرنامج إلى تمكين الطلبة المتفوقين دراسياً من الحصول على المراكز الأولى على مستوى نتيجة الثانوية العامة، وإكسابهم مهارات التفكير وتعزيز قدراتهم الأكاديمية وإكسابهم الثقة بالنفس عند التعامل مع الورقة الامتحانية . وناشد عدد من أولياء الأمور مجلس أبوظبي للتعليم بضرورة إعداد وتسجيل محتويات المادة التعليمية على موقعه بحيث تكون هذه المواد الدراسية متاحة أمام الطلبة، وبالذات طلبة الحلقة الثالثة، ليتم شرحها وتعليمها إلكترونياً من خلال بعض الروابط على موقع المجلس على الإنترنت، مشيرين إلى أن ذلك سيعود بالفائدة على الأبناء في تعميق وترسيخ المعرفة لديهم من خلال التجديد والتنويع في آليات عملية التعليم، وبما يضمن تقديم تعلم قائم على التفكير والاستقراء والاستقصاء للطالب، وحل المشكلات بعيداً عن الحفظ والتلقين من جهة، والمساهمة في الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية . ليلة الامتحان وقال ياسين جبران - ولي أمر - إن استعانة الطلبة بمعلمي الدروس الخصوصية جاء بسبب الشرح غير الكافي للدروس من بعض المعلمين والمعلمات وعدم امتلاكهم الطرائق الصحيحة السلسة لإيصال المعلومة، حيث تختلف قدرة المعلم وفق خبرته وإلمامه بالمادة واهتمامه بالطلبة، مشيراً إلى أن المواد العلمية واللغة الإنجليزية تعتبر الأغلى ثمناً في الدروس الخصوصية وخاصة في حصص ليلة الامتحان، حيث يصل سعر الساعة على كل طالب إلى 500 درهم، وترتفع إلى 1000 درهم قبل الامتحانات بأسابيع، كما أن لها سعراً مميزاً في ليلة امتحان المادة قد يصل في بعض الأحيان إلى 2000 أو 3000 درهم . وأكدت الطالبات منى الهاشمي وعزة البرغوثي وحمدة الظاهري في إحدى مدارس أبوظبي الخاصة "المنهاج العربي" أن أسعار حصص ليلة الامتحان تتضاعف بنسبة 100%، في مواد: الرياضيات والفيزياء واللغة الإنجليزية واللغة العربية، ونسب لا تقل عن 50% في مواد الأحياء والجغرافيا والتاريخ وعلم النفس، مشيرات إلى أنهن لن يستطعن الاعتراض، لحاجتهن الماسة إلى مثل هذه الدروس، فلا يوجد سبيل أمامهن سوى الاستعانة بمعلم أو معلمة خاصة، لأن بعض معلمي المواد في المدرسة يقتصر شرحهم على المنهج فقط، ولا يعطون أي معلومات خارجية أو مراجعات بسبب ضيق الوقت، على عكس معلم الدروس الخصوصية، الذي يشرح ويراجع ويحل نماذج امتحانية لهم . وذكرت عاتكة محمد الفاتح - ولية أمر - أن الدروس الخصوصية لابنتها الطالبة في الصف الثاني عشر (علمي)، تكلفها في العام الدراسي نحو 20 ألف درهم، مشيرة إلى أن قيمة الساعة كانت تراوح بين 300 و400 درهم، وفق المادة الدراسية، إلا أنها فوجئت في منتصف الفصل الدراسي الأول وخصوصاً بعد القرار الوزاري بإلغاء امتحانات الفصل الدراسي الثاني ودمج دروسه في امتحانات الفصل الأخير بدءاً من هذا العام برفع المعلمين لسعر الحصة، حيث أشعرتهم معلمة الدروس الخصوصية التي استقدموها عبر إحدى المعلمات بالمدرسة بأن الساعة في ليلة الامتحان المقبل ستصل إلى أكثر من 600 درهم فإذا كانت الطالبة بحاجة إلى تكثيف المراجعة معها لأكثر من ساعة في اليوم للمادة العلمية الواحدة سيكلفها مبالغ كبيرة لا تستطيع الأسرة دفعها لهوامير الدروس الخصوصية . ضرورة وقالت الطالبة شمسة بخيت المنهالي إن معظم الطلبة بمن فيهم المتميزون يعتمدون على معلم الدروس الخصوصية منذ بداية العام الدراسي وبالذات المواد العلمية واللغة الإنجليزية التي تحتل الحيز الكبير في اهتماماتهم، مشيرة إلى أن الدروس الخصوصية على الرغم من أنها تمثل عبئاً مادياً على أسرة الطالب، فإنها أصبحت ضرورة لا غنى عنها، لافتة إلى أن اللجوء إليها عادة يكون بسبب أن شرح المعلم في الفصل غير كاف لفهم الدرس، لوجود فروقات فردية بين الطلبة تجبر بعضهم على استنهاج الدروس في المنازل مع معلم خاص، وقد يحتاج إليها أيضاً الطلبة المتميزون لتحقيق مراكز متقدمة في الامتحانات . وأضاف الطالب محسن اليزيدي بالصف الثاني عشر أن معلمي الدروس الخصوصية رفعوا أسعارهم هذا العام بحجة أن امتحانات الفصل الدراسي الحالي ستشمل دروساً مكثفة تجمع مقررات الفصلين الثاني والثالث، وذلك بعد قرار وزارة التربية والتعليم الذي ألغى امتحانات الفصل الدراسي الثاني، ولم يحسم الأمر في تحديد مقررات تلك الدروس الضخمة حتى اليوم، مشيراً إلى أن الطالب لا يعرف ما إذا كانت الامتحانات المقبلة ستشمل كل دروس الفصلين أم أنه سيكون هناك اختيار نوعي للبعض منها، متمنياً على الجهات المعنية أن تسارع في تحديد الدروس المهمة التي سيستفيد منها الطالب مستقبلاً، وذلك للتركيز عليها أثناء المذاكرة وتجنباً لضياع الوقت عليها خاصة وأن بعض المواد سيؤدي امتحانها الطلبة خلال شهر رمضان الفضيل . تكثيف المراجعة وقال الطالب سمير الخوجة إن أسعار الدروس الخصوصية تتحدد بحسب المعلم ونوع المادة، بحجج مضاعفة وقت الحصة لتكثيف المراجعة، مشيراً إلى أن المعلمين عند بداية الاتفاق على الدروس في بداية العام الدراسي يؤكدون أن المبلغ المتفق عليه لا يتضمن حصص المراجعة التي تسبق الامتحانات، وأن هذه الحصص لها حساب خاص . ولفت الطالب سعيد المنهالي بمدرسة خليفة بن زايد إلى أن معظم المعلمين ضاعفوا سعر الحصة هذا العام، مشيراً إلى أن بعضهم اتفق على أن يكون سعر حصة المراجعة في ليلة الامتحان في مواد اللغة الإنجليزية، والفيزياء، والرياضيات ستصل إلى 600 درهم لكل طالب إذا تراوح عدد المجموعة المتلقية للدرس بين 5-8 أشخاص . تعلم الطلبة الاتكالية حذر تربويون الطلبة وأولياء أمورهم من اللجوء إلى الدروس الخصوصية، مؤكدين أنها تعلم الطلبة "الاتكالية"، وتعيق تطور العملية التعليمية، وتفقدهم مهاراتهم الأساسية . وعزا أحمد الحمادي مشرف تربوي، أسباب انتشار الدروس الخصوصية إلى اهتزاز ثقة الطالب بنفسه، ورغبته في مضاعفة هذه الثقة من خلال الدروس، لافتاً إلى أنه في كثير من الأحيان يكون الآباء والأمهات هم المحرك الأساسي لأخذ الدروس، فيما حذّرت إيمان أبومطر معلمة الرياضيات، من خطورة اعتماد الطلبة على الدروس الخصوصية، خصوصاً أيام الامتحانات، محملة الطلبة وذويهم مسؤولية انتشارها، مشيرة إلى أنها تؤثر سلباً في شخصية الطالب، وتفقده المهارات الأساسية التي يتعين أن يكتسبها من خلال المدرسة، كمهارات الفهم والاستيعاب والتذكر . وقال نبيل عبدالعزيز شعلان وكيل مدرسة أبوظبي الثانوية إن الدروس الخصوصية تفقد الطالب نحو 70% من المعلومات والمهارات التي يتعلمها، بعد مرور أقل من سنة على انتهاء عامه الدراسي، ما يعني أن الطالب يفرغ المعلومة في ورقة الامتحان وسرعان ما ينسى ما تعلمه عقب انتهائه وخروجه من القاعة، الأمر الذي يهدد العملية التعليمية، ويحول من دون تحقيق أهدافها .
مشاركة :