جدد خبراء طبيون التقوا في دبي مؤخراً، في إطار الدورة الثالثة لمؤتمر التحالف الدولي لمرض السكري خلال شهر رمضان الذي عقد في مجمع بن راشد الأكاديمي الطبي ، الدعوة لتكثيف التوعية والتعليم بين أخصائيي الرعاية الطبية ومرضى السكري حول إدارة الصيام خلال شهر رمضان المبارك، الذي يحل قريباً . قام السير مايكل هيرست، رئيس الاتحاد الدولي للسكري؛ والدكتور عبدالرزاق المدني، رئيس المجموعة الخليجية لدراسة السكري؛ ورئيس جمعية الإمارات للسكري، والدكتور محمد حسنين، رئيس التحالف الدولي لمرض السكري خلال شهر رمضان واستشاري الغدد الصم في مستشفى دبي بمناقشة أحدث المستجدات على صعيد رعاية مرضى السكري، وأفضل الممارسات الممكن تطبيقها لتعليم المرضى حول كيفية الصيام لفترة أطول خلال شهر رمضان المقبل، ليتمكنوا من الامتناع عن الطعام والشراب لمدة تصل حتى 15 ساعة . كما جدد خبراء الرعاية الصحية دعوتهم لتعليم أفراد المجتمع من غير المصابين بمرض السكري ولكن يعيشون بين عائلات تعانيه بأهمية الوقاية من المرض . قضية تنموية لا طبية فقط ويشير أطلس الاتحاد الدولي للسكري إلى أن 37 مليون شخص من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها يعانون مرض السكري . وقد بلغت كلفة علاج المريض الواحد 458 دولاراً أمريكياً خلال العام 2014 . وعلاوة على ذلك، يتطور المرض بسرعة كبيرة تستلزم إيجاد بيئة رعاية صحية حيوية، ووجود أخصائيين ماهرين ضمن المجتمع الطبي لمواجهة التحديات المتنامية وضبط الانتشار المتزايد للمرض . وقال السير مايكل هيرست في هذا الصدد: "يعاني قرابة 400 مليون شخص مرض السكري حالياً، ويتوقع ارتفاع هذا العدد إلى 600 مليون خلال العقدين المقبلين . وسوف يكون 4 من كل خمسة أشخاص من ال200 مليون مصاب الجدد من سكان الدول النامية، كما أن معظمهم سيكونون بعمر العمل . ولهذه الأسباب لم يعد مرض السكري مجرد قضية صحية فقط، بلا هو يؤثر في التنمية في المجتمع" . واستطرد هيرست حول الأسباب التي تجعل من مرض السكري قضية يجب معالجتها بسرعة قائلاً: "من المرجح ارتفاع عدد المصابين بالمرض خلال السنوات العشرين المقبلة، وهناك خطورة كبيرة في أن يتجاوز عددهم المليار حول العالم، وحالياً يعاني شخص من بين كل ثمانية أفراد على كوكبنا مرض السكري . وأمامنا اليوم هدف حيوي يتمثل بتوفير الرعاية الصحية لكافة المصابين بالمرض، إذ إنه لم يتم تشخيص إصابة نصفهم حتى اليوم وبالتالي هم لا يحصلون على الرعاية اللازمة، فيما لا يحصل العديد من المرضى الذين تم تشخيص حالتهم على الرعاية المناسبة . ولذا يعتبر من الضروري جداً تمكين المصابين بالمرض من إدارة حالتهم وتعليم أخصائيي الرعاية الطبية أيضاً بأفضل السبل لرعايتهم" . السكري والصيام وعلى الرغم من ارتفاع مستويات انتشار مرض السكري إلى درجة مثيرة للقلق، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، يتوقع أن يحصل عدد قليل من مرضى السكري الذين يصومون خلال شهر رمضان المبارك على أدنى حدّ من الاستشارة من أطبائهم . ويشجع خبراء الرعاية الطبية المرضى على تحضير أنفسهم مسبقاً لشهر الصيام . ويمكن أن يتسبب الانقطاع عن تناول المياه والطعام طوال اليوم، ومن ثم تناول وجبة دسمة في مشاكل صحية خطيرة للأشخاص المصابين بمرض السكري، بسبب الخلل المفاجئ والكبير في حميتهم الغذائية، الأمر الذي يؤدي بدوره لمضاعفات خطرة . وقد أظهرت الدراسات بأن هناك خطراً متزايداً لاحتمال الإصابة بنقص حاد في سكر الدم للأفراد الذين يعانون النوعين الأول أو الثاني، وخاصة من يقومون بتغيير جرعات الأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم وجرعات الأنسولين . وقال الدكتور عبد الرزاق المدني في هذا الصدد: "ننصح كافة مرضى السكري الراغبين بالصيام بتحضير أنفسهم للشهر المبارك قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر من حلول شهر رمضان . وعلى الرغم من أنه يتوجب عليهم مراقبة مستويات السكر في الدم طوال العام، ينبغي عليهم الحرص بشكل كبير خلال فترة الصوم، إذ عليهم المحافظة على مستويات سكر الدم معتدلة لا مرتفعة ولا منخفضة، ليكونوا مستعدين للصوم في شهر رمضان المبارك" . وأكد الدكتور المدني ضرورة مراقبة المرضى الذين يصومون لمستويات السكر في دمهم من ثلاث إلى خمس مرات في اليوم ليطمئنوا بأنها غير مرتفعة أو منخفضة دون الحد الطبيعي حرصاً على سلامتهم . ويجب أن يتفق المريض مع الطبيب على حد معين يجب عدم تجاوزه سواء كان هبوطاً أو ارتفاعاً . كما حذّر الدكتور المدني مرضى السكري من الإكثار من تناول الطعام في وقت الإفطار، وشجعهم على تناول كميات وافرة من المياه بين المغرب وحتى الفجر لتقليل احتمالات الإصابة بالجفاف . دراسة محلية وناقش مؤتمر التحالف الدولي لمرض السكري خلال شهر رمضان عدداً من نتائج الدراسات المستندة إلى أدلة حسية، فضلاً عن التطرق إلى الإرشادات والأدوات التي من شأنها مساعدة مرضى السكري من مختلف الفئات في إدارة المرض خلال شهر رمضان المبارك . وأوضح الدكتور محمد حسنين في هذا الصدد بأن الهدف من عقد فعاليات مماثلة طوال العام هو تعريف الأشخاص بالخيارات الأنسب المتاحة أمامهم، سواء كانوا من أخصائيي الرعاية الصحية ممن يحتاجون للوصول إلى نتائج الدراسات المستندة إلى أدلة حسية أو لجعل المرضى الذين يعانون السكري يتقبّلون المعلومات . كما كشف المؤتمر عن إحدى الدراسات التي أجريت في مستشفى دبي، وهي عبارة عن حملة تعليمية استهدفت السيدات الحوامل اللواتي يعانين مرض السكري . وقد ساهم البرنامج التعليمي (DAR SAFA) في مساعدة 50% من النساء لتغيير رأيهن بشأن الصوم خلال شهر رمضان المبارك، سواء قبل حلول الشهر أو عند إصابتهن بهبوط في سكر الدم وتوقفهن عن الصيام . ويعتبر المجتمع عنصراً أساسياً لمضافرة الجهود للتوعية بشأن المرض، كما أكد الدكتور حسنين وقال: "ينبغي ألا يكون التحالف تحالفاً بين الأطباء فقط، إنه يخص من هم على صلة بمرضى السكري، والمؤسسات الدينية . كما أن وسائل الإعلام جزء مهم من هذا التحالف" . وأشار الدكتور حسنين إلى أن تعليم مرضى السكري يقوم على ثلاثة مستويات تشمل أفراد المجتمع، أخصائيي الرعاية الصحية من ممرضات وقابلات وصيادلة ومختلف المنخرطين في مناصب ذات صلة بالرعاية الصحية الأولية، والأهم من ذلك هو وجود بنية هيكلية متخصصة من الأدوات التعليمية التي تناسب الثقافة واللغة المحلية . أداة خرائط المحادثة تجدر الإشارة إلى أنه يتم استخدام أداة "خرائط المحادثة" (Conversation Map) المخصصة لإدارة مرض السكري خلال شهر رمضان المبارك بشكل واسع في مختلف أرجاء المنطقة منذ العام 2013 وقد ابتكرت هذه الأداة من قبل شركة "هيلثي إنتر أكشنز" Healthy Interactions بالتعاون مع الاتحاد الدولي لمرض السكري "IDF" وأطلقت بدعم من شركة "ليلي" . وترجمت الأداة لأكثر من 30 لغة وتنتشر في أكثر من 40 دولة . ويستخدم ما يزيد على 18 ألف مريض من جنوب آسيا، والشرق الأوسط وإفريقيا هذه الوسيلة لإدارة مرض السكري خلال الصيام . وفي هذا الشأن قالت لمياء أديب ريزفي، المدير الطبي في "ليلي": "تشكل هذه الأداة مقاربة مبتكرة لتعليم المرضى عن طريق تحاورهم مع خبراء الرعاية الصحية المؤهلين لأداء هذه المهمة من قبل التحالف الدولي لمرض السكري" . وقد تم إعداد الخريطة خصيصاً للمرضى الذين يرغبون بالصيام خلال شهر رمضان المبارك" . وأضافت ريزفي: "تساعد الخريطة الأطباء والممرضين لإرشاد مرضاهم حول كيفية إدارة مرض السكري بصورة يومية، وفهم الشائعات والحقائق التي تدور حول هذا المرض، والتعرف إلى المضاعفات الرئيسية التي ينبغي عليهم مراقبتها خلال فترة الصوم، فضلاً عن تعريفهم بالعادات التي يجب عليهم التمسك بها خلال الصوم" . السكري يعاني أكثر من 387 مليون شخص في العالم النوعين الأول والثاني من مرض السكري . ويعتبر النوع الأول هو الأكثر شيوعاً، إذ يشكل قرابة 90 إلى 95% من حالات الإصابة بمرض السكري . ويندرج مرض السكري ضمن قائمة الأمراض المزمنة، وعندما يصاب به المريض يحدث هناك خلل في إنتاج أو استخدام هرمون الأنسولين بالطريقة الصحيحة في الجسم . ويقدر عدد مرضى السكري الذين يصومون خلال شهر رمضان بنحو 40-50 مليوناً حول العالم .
مشاركة :