تقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاملا صورة والده وهو من قدماء المحاربين، امس في الساحة الحمراء مسيرة قالت الشرطة انها ضمت 250 الف شخص، وذلك احياء لذكرى "حماة الوطن" ممن قاتلوا المانيا النازية. وقال بوتين لمناسبة احياء روسيا الذكرى السبعين لنصر الحلفاء على المانيا النازية، "انا سعيد بأن والدي الذي احمل صورته، معي اليوم في الساحة الحمراء". وخلال خطابه، شكر بوتين حلفاء روسيا خلال الحرب العالمية الثانية. وقال "اشكر شعوب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة على مساهمتهم في الانتصار". وتوجه بالشكر ايضا الى كل من قاتل النازية في دول اخرى حتى في المانيا نفسها، وقال، قبل الوقوف دقيقة صمت احياء لذكرى الضحايا، "اشكر الدول الاخرى المعادية للفاشية التي شاركت في المعارك ضد النازية بسرية في صفوف المقاومة". وتابع "يجب التذكير بأن الجيش الاحمر، وفي اطار هجوم ضخم على برلين، وضع حدا للحرب ضد المانيا - هتلر"، مضيفا ان "الاتحاد السوفياتي شارك في المعارك الاشد دموية، هنا حيث حشد النازيون قوتهم العسكرية". ودعا الرئيس الروسي الى عدم نسيان "الميراث المشترك" للمنتصرين وهو "الثقة والوحدة فضلا عن القيم التي شكلت اساس النظام العالمي بعد الحرب". واشار الى منظمة الامم المتحدة التي انشئت بعد الحرب العالمية الثانية وكانت "فعالة في حل المشاكل والنزاعات"، معربا عن اسفه ل"تجاهل مبادئ التعاون الدولي خلال العقود الماضية بسبب محاولات انشاء عالم احادي القطب". واضاف بوتين ان "بعد 70 عاما يذكرنا التاريخ بأنه علينا ان نكون حذرين"، مذكرا بأن الايمان "بتفوق عرقي هو ما ادى الى الحرب الدموية" ولا يجب ارتكاب الاخطاء ذاتها. ويتحد الروس من كافة الانتماءات السياسية في هذا اليوم حيث تتجمع الحشود في وسط موسكو للمشاركة في يوم الانتصار. ونظمت روسيا السبت استعراضا عسكريا ضخما لمناسبة الذكرى ال70 للانتصار على المانيا النازية في ظل مقاطعة عدد من قادة الدول الغربية حليفة موسكو وقتها والتي شكرها الرئيس الروسي في كلمته على مساهمتها خلال الحرب العالمية الثانية. ويقاطع قادة دول غربية عدة من بينها حلفاء روسيا في الحرب العالمية الثانية الاحتفالات في موسكو على خلفية الازمة الاوكرانية، فيما يشارك آخرون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذه المناسبة من بينهم قادة الصين وكوبا وفنزويلا. لكن طغت الازمة الاوكرانية على احتفالات الكرملين العام الحالي في ظل عقوبات غربية على موسكو بعد ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا. وقاطع الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحتفالات شأنه شأن حلفاء آخرين لروسيا خلال الحرب العالمية الثانية مثل بريطانيا وفرنسا. اما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل فلم تشارك في الاحتفالات ولكنها ستزور موسكو اليوم حيث ستضع اكليلا من الزهور عند نصب الجندي المجهول وتلتقي بوتين. وبرغم مقاطعة الدول الغربية، وقف الى جانب بوتين خلال الاستعراض العسكري قادة قوى اقليمية من بينهم الرئيس الصيني تشي جينبينغ والهندي براناب مخرجي والمصري عبد الفتاح السيسي والكوبي راوول كاسترو، فضلا عن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وشارك في الاستعراض العسكري في الساحة الحمراء 16 الف جندي فضلا عن آليات عسكرية من بينها الجيل الجديد من دبابات "ارماتا تي 14"، في واحد من اكبر الاحتفالات بيوم النصر خلال عقود. وشاهد 20 رئيسا خلال 90 دقيقة استعراضا للقوة العسكرية الروسية التي عادت الى الواجهة العالمية بعد 25 عاما على سقوط الاتحاد السوفياتي. وبعد الاستعراض العسكري، تجمع اكثر من 160 الف شخص في وسط موسكو للمشاركة في تظاهرة كبرى تُحمل خلالها صور الاباء والاجداد الذين شاركوا في الحرب. ولا يهتم بوتين كثيرا بمقاطعة الاوروبيين والاميركيين، اذ انه يحظى بدعم شعبي اكثر من اي وقت مضى في بلاده. وقبل الاحتفالات نشر الرئيس الروسي مقالا في احدى المجالات يروي فيه قصة والدة نجت من حصار استمر 900 يوم في لينينغراد، وشقيق مات جراء اصابته بالخُناق في المدينة المحاصرة، ووالد اصيب مدى الحياة بقنبلة ألقاها جندي الماني. ومنذ عدة ايام تنتظر موسكو ومدن روسيا الكبرى احتفالات "الحرب الوطنية الكبرى" كما يطلق الروس على الحرب العالمية الثانية. وانتشرت بين المسؤولين الحكوميين والموظفين والمواطنين اشرطة برتقالية وسوداء، رمز الوطنية الذي اعتمده الكرملين. كما انتشرت صورا للزعيم السوفياتي جوزيف ستالين في عدة مدن روسية وخصوصا في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في اذار/مارس 2014. وقال جندي سابق يبلغ من العمر 43 عاما "يوم النصر هو أهم عطلة في روسيا. في كل أسرة روسية يوجد شخص قتل من أجل هذا البلد. "قتل جدي وهو يدافع عن روسيا ونحن نتذكره في هذا اليوم." واستخدم بوتين المناسبة لإثارة المشاعر الوطنية وتأجيج المشاعر المناهضة للغرب فحذر من صعود الفاشية من جديد وأشار إلى أن دولا أخرى تعيد كتابة التاريخ حاليا للتقليل من شأن دور روسيا في الانتصار في الحرب. وقال أمام صفوف الجنود "تم تجاهل المبادئ الأساسية للتعاون الدولي بشكل أكبر خلال العقود الماضية. إن الإنسانية اكتسبت هذه المبادئ بشق الأنفس بعد المصاعب العالمية للحرب." وأضاف "شهدنا محاولات لخلق عالم أحادي القطب" في إشارة إلى كلمة ألقاها عام 2007 عندما وجه اللوم للغرب وواشنطن. ويرى روس كثيرون في مقاطعة الغرب للعرض العسكري قلة احترام. وقتل ما يقدر بنحو 27 مليون مواطن سوفيتي في الحرب التي استمرت بين عامي 1941 و1945.
مشاركة :