أسواق الأحساء الشعبية.. هوية مفقودة

  • 10/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تزدهر أسواق محافظة الأحساء الشعبية يوما بعد يوم، وتبقى صامدة في وجه المتغيرات التي تطرأ على الحياة المتسارعة، كما أنها تعتبر جزءا أصيلا من تراثنا الشعبي، إلا أنها في حالة احتضار ما لم يتم العمل على الحفاظ عليها كموروث اجتماعي وهوية اشتهرت بها المحافظة منذ مئات السنين، خصوصا في ظل توافد السياح إلى المملكة، حيث ستكون وجهة لبعض السياح للتعرف على الواحة العريقة.في الوقت نفسه، يصرخ الباعة ومرتادو تلك الأسواق على السواء من الوضع الحالي الذي تعيشه، مطالبين بتطويرها وانتشالها من الوضع الذي تئن منه بسبب العشوائية وعدم التنظيم وعدم الاهتمام بها من الجهات ذات العلاقة، مقترحين أن يتم تخصيص مواقع لتلك الأسواق وتسويرها، وأن تكون قريبة أو ملاصقة للمدن والبلدات التي تحتضنها حاليا، كسوق مدينة الجفر الذي يعقد كل يوم إثنين، وجاره سوق الطرف الشهير الذي يعقد كل يوم جمعة وكل عصر يوم سبت، إلى جانب سوق العمران الذي انتقل إلى بلدة الحوطة بالساحة الصغيرة المقابلة لمدرسة العمران الابتدائية، وكذلك سوق بلدة القارة الذي يعقد تحت سفح جبال القارة، إلى جانب الأسواق الأخرى خصوصا التي تعقد في البلدات.هوية الأسواقيطالب المواطن عبدالكريم الموسى «من أهالي البلدات الشرقية»، بتوحيد هوية الأسواق الشعبية؛ لتتناسب مع تطلعات السياحة في المملكة لتتحول الأسواق الشعبية في الأحساء إلى أكثر عوامل الجذب، حيث نجد في هذه الواحة الكبيرة أشهر وأقدم الأسواق التي تضم كافة المنتجات بأقل الأسعار، وأغلبها ذات طابع شعبي يصل عمرها إلى 150 عاما كسوق مدينة الجفر الذي لا يزال يخدم شريحة كبيرة من المواطنين على مستوى البلدات الشرقية المحيطة به، مشيرا إلى أن أهم ما يميز هذه الأسواق البساطة وتوافر السلع التي تكون عادة في متناول الجميع، كما أنها تقدم بضائع متنوعة، كما أن الأسواق الشعبية رغم مرور السنوات وظهور المجمعات التجارية الكبرى على طول الأحساء وعرضها إلا أنها صمدت وتحتفظ بالطابع الشعبي الذي يدل على عراقة تلك الأسواق، مقترحا أن تخصص لها مواقع من قبل الأمانة ويتم تسويرها وتحسينها وإنشاء بعض المرافق التي يحتاجها المتسوق كدورات المياه ومواقف السيارات وغيرها من الخدمات التي يحتاجها السائح سواء من داخل المملكة أو خارجها، مؤكدا على أن ذلك ليس مستحيلا ويمكن تنفيذه بأقل الإمكانيات وعلى رجال الأعمال والتجار المساهمة ولو بجزء يسير لعملية التطوير، ومشاركة أيضا غرفة الأحساء التي لا تألو أي جهد لخدمة الأحساء، مقدما شكره للقائمين على الغرفة بما تقدمه من خدمات خصوصا في جانب هوية الأحساء.كما يطالب المواطن عدنان السليم، بتطوير سوق الجفر الشعبي، مشيرا إلى أن ما يقلق الأهالي هو تقلص مساحته بعد أن أصبح وسط الكتلة السكانية في المدينة، مشيرا إلى أهمية هذا السوق العريق الذي يتوافد عليه الناس من جميع القرى المحيطة بمدينة الجفر، ويعتبر واحدا من أقدم الأسواق الشعبية بالأحساء، فيعود تاريخه إلى أكثر من 150 سنة، حيث كان محطة مهمة للقوافل التي تعبر من وإلى العقير، مطالبا بتخصيص أرض على طريق «الجفر ـ العقير» لهذا السوق ليعود مجددا إلى سابق عهده من الحيوية والحركة التجارية الأسبوعية التي ينتظرها المتسوق على مستوى البلدات جميعها، فهو يعتبر النافذة للأسر ذات الدخل المحدود التي تشتري وتبيع بعض منتجاتها، مشددا على أن سوق الجفر الشعبي يتفوق على جميع الأسواق الأخرى لموقعه المتميز الذي يتوسط مدن وبلدات الشرق، وهو الوجهة المفضلة لدى المواطنين بجميع فئاتهم، فهو يحتضن أجمل المنتجات التقليدية والمصنوعات اليدوية التي من أهمها الخوصيات التي تصنعها أنامل أمهاتنا في البلدات ولا تتوافر في مكان آخر.مطالب بالتطويرأما المواطن عبدالهادي المهدي، فطالب بسرعة إنجاز مشروع سوق القارة الشعبي الذي توقف العمل فيه منذ سنوات ولم يتم إنجازه حتى الآن، حيث الأهالي بحاجة إلى السوق؛ نظرا لعشوائية السوق الحالي الذي يضطر البائعون فيه لعرض منتجاتهم وبضاعتهم على الطريق العام الرابط ببلدة الدالوة ما يتسبب في عرقلة حركة المرور وعدم الراحة النفسية للزبائن الذين يتوجب عليهم قطع الشارع العام حين تنقلاتهم من مكان إلى آخر في السوق المقطع الأوصال، مشيرا إلى أن الفرصة مواتية لربط سياح الجبل بهذا السوق حين اكتمال عملية الإنشاء وهذا مطلب ملح ليس فقط لأهالي القارة بل لجميع القرى المجاورة كالحليلة والمقدام والكلابية والتويثير والدالوة والتهيمية والطريبيل والمزاوي وغيرها من القرى الأخرى القريبة من بلدة القارة، وها نحن ننتظر الجهات المسؤولة وخصوصا أمانة الأحساء لسرعة إنجاز السوق ليكون أحد المشاريع السياحية الجاذبة لزوار المنطقة، خصوصا وأن السوق يعانق السفح مما يضفي له قيمة جمالية وأثرية لقربه من دوقة القراش لصنع الفخاريات وهذا يعطي تكامل اللوحة التراثية والسياحية للقارة.المنتجات الشعبيةوتقول أم عبدالله «إحدى الحرفيات التي تعتمد على رزقها كأسرة منتجة»: «أحرص على بيع المنتجات الخوصية في بعض الأسواق الشعبية خصوصا القريبة من مقر السكن»، مشيرة إلى أن الأسواق الشعبية هي المحطة الأولى والأهم في تسويق المنتجات الخوصية التي احترفتها سيدات البلدات، مبينة أن الجميع يعاني في عملية التسويق تحت الظروف الجوية المختلفة سواء حرارة الشمس في فصل الصيف، أو البرودة والأمطار في فصل الشتاء لعدم توافر المظلات في جميع الأسواق الشعبية خصوصا في القرى، مبينة أنها لا تتمكن من المشاركة في المناسبات والأحداث التي يتم تنظيمها في مدينة الهفوف لظروفها العائلية، فهي مضطرة لتسويق منتجاتها اليدوية من خلال الأسواق الشعبية فقط، لذا تطالب بوضع مظلات في سوق الجفر، وسوق الطرف، تقيها وقريناتها من الظروف الجوية القاسية للتمكن من البقاء أكثر في السوق أثناء عرض ما تجود به تلك الأسر، ولم تتوقف الأسواق الشعبية على مهام البيع والشراء فقط، بل تعدت هذه الفكرة، فقد كانت بمثابة ملتقى اجتماعي كبير يتعرف أهالي القرى على بعضهم البعض ومكان للرزق والترفيه أيضا.الجذب السياحيويقول أحمد عبدالهادي «صاحب دراسة عن الأسواق الشعبية في الأحساء»، إن الأسواق الشعبية حان الوقت لتطويرها وتحويلها إلى أماكن تجتذب الزوار سواء من داخل المملكة أو خارجها، مشيرا إلى أن تلك الأسواق التي نسجت خيوطها التاريخية والتراثية لمجتمع الأحساء ارتبط بها الأهالي منذ زمن طويل خصوصا سكان البلدات المجاورة لها، لافتا إلى أن الأسواق تفيض بالحراك التجاري ولا تزال صامدة حتى يومنا هذا، والتي من بينها سوق الطرف الشعبي الذي قاوم بشدة عوامل الجذب للأسواق التجارية الحديثة «المولات» التي بدأت تتنامى بشكل سريع في المحافظة، معتبرا أنه الملتقى الرسمي للأهالي حيث تشهد الساعات الأولى من يوم الجمعة انطلاق الأنشطة التجارية في البيع والشراء والذي يحتضن بين جنباته وفي وسط بسطاته المتنوعة كل ما يحتاجه الإنسان لتنوع بضائعه بين الخضار والفواكه، والمواد الغذائية، والملابس، والأدوات بمختلف أنواعها، والطيور، والأغنام، والمنتجات الخوصية، والحلويات الشعبية التي تشتهر بها الأحساء، إلى جانب أدوات الفلاحة، والأشجار، مشيرا إلى أن مرتاديه من الأغنياء ومحدودي الدخل على السواء، بل إن هناك الكثير من أبناء دول الخليج يرتادون السوق بحكم قرب بلدة الطرف من الطريق الدولي الرابط بين المملكة وقطر والإمارات، مطالبا بإحياء فكرة بناء السوق وتحويله إلى معلم من معالم الأحساء. في حين يتطلع البائع عبدالله سعيد، الذي يبيع الخضراوات الأحسائية وما تجود به مزارع الواحة من خيرات ومنتجات خضرية مميزة، لأن يكون السوق خاليا من الأيدي العاملة الأجنبية التي تزاحم المواطن وتتحكم في السوق، مطالبا بحصر البيع على المواطن دون غيره من الجنسيات الأخرى، وإلا فقدت الأسواق الشعبية في الأحساء نكهتها التي هي في الأصل شعبية المنشأ.

مشاركة :