حللت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال نتائج العديد من الدراسات العلمية. وبعد مراجعة الأدلة الطبية، أصدرت الأكاديمية مجموعة من التوصيات الجديدة، التي أشارت إلى أن الجراحة في سن المراهقة يمكن أن تؤدي إلى فقدان ملحوظ للوزن يدوم عدة سنوات على الأقل، مع إمكانية حدوث بعض المضاعفات. وفي الكثير من الحالات، اختفت المشكلات الصحية المرتبطة بالسمنة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم بعد الجراحة. وبينما تضمنت معظم هذه الدراسات، التي استند عليها الباحثون، مجموعة من المراهقين، شملت دراسة واحدة فقط أطفالا تقل أعمارهم عن 12 عاما لم يعثروا لديهم عن أي آثار سلبية على النمو. تقول الدكتورة سارة أرمسترونغ ، أستاذة طب الأطفال بجامعة ديوك والمؤلفة الرئيسية لمجموع التوصيات، “الجراحة آمنة وفعالة”. وأضافت أرمسترونغ أن الأطفال الذين لم يبلغوا سن البلوغ قد لا يكونون ناضجين بدرجة كافية لفهم الآثار المترتبة للجراحة على نمط الحياة، ولكن بلوغ هذه السن لا ينبغي أن يستبعد إجراءها. يذكر أن أرمسترونغ لا تجري عمليات جراحية، ولكنها تعمل داخل مركز يوفر هذا النوع من الجراحات، وأصغر مريض به كان يبلغ 14 عاما. وأوضحت أنها ليست حلا سريعا، “إنه قرار يخلف انعكاسات كل يوم على مدى الحياة”. يعاني ما يقرب من 5 ملايين من الأطفال والشباب الأميركيين من السمنة المفرطة، أي ما يقرب من الضعف على مدى 20 عاما. وقد تطورت العديد من المشكلات الصحية ذات الصلة، بما في ذلك مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وتوقف التنفس أثناء النوم وأمراض الكبد. وأفادت أرمسترونغ أن معظم الأطفال لا يخضعون لجراحة السمنة، وذلك لأن معظم التأمين الصحي العام والخاص لا يغطونه أو لأنهم يعيشون بعيدا عن مراكز الجراحة. وقد تصل التكاليف الجملية لجراحة السمنة إلى 20 ألف دولار على الأقل. وتجدر الإشارة إلى أن معارضة أطباء الأطفال لجراحة إنقاص الوزن تشكل تحديا في حد ذاتها، حيث يفضل الكثير منهم الاكتفاء بمراقبة الحالة، ويعتقد آخرون أن الجراحة محفوفة بالمخاطر وقد تغير نمو الأطفال وكشفت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال أن البعض لا ينصحون بإجراء عملية جراحية، لأنهم يعتقدون أن “الوزن هو مسؤولية شخصية وليس مشكلة طبية”. وقالت الدكتورة ريبيكا كارتر، أستاذة مساعدة في طب الأطفال في كلية الطب بجامعة ماريلاند، إن التوصيات الجديدة تعطي أطباء الأطفال إرشادات أفضل حول أيّ المرضى يجب تقييمهم وإحالتهم للجراحة. تُظهر البيانات الحديثة أن معدلات جراحة السمنة لدى الأطفال قد تضاعفت ثلاث مرات خلال 20 عاما تقريبا، ولكنها لا تزال أقل من 2000 عملية جراحية كل عام. تشير توصيات الأكاديمية إلى أن الأطفال والمراهقين مؤهلون عموما للجراحة إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديهم 40 أو أعلى، أو 35 على الأقل إذا كان لديهم مشكلات صحية كبيرة. وتقول أرمسترونغ إن هذه المعايير قد تختلف حسب الجنس والعمر، وهي تشبه معايير جراحي الجمعية الأميركية لجراحة الأيض وجراحة السمنة، الذين يعتبرون أن بلوغ مؤشر كتلة الجسم الـ 30 وما فوق يعتبر سمنة. تعد المراهقة فايث نيوسوم “مريضة نموذجية”، حيث يبلغ طولها 5 أقدام ووزنها 273 رطلا. وكان مؤشر كتلة الجسم لديها 42 تقريبا. لقد كانت فايث تعاني من ارتفاع في ضغط الدم ومرض السكري عند إجراء عملية جراحية في المعدة، وهي في السادسة عشرة من عمرها. بعد حوالي عام، تمكنت من خسارة 100 رطل واختفت كل تلك المشكلات الصحية. انخفاض وزنها مكنها من القدرة على ممارسة التمارين الرياضية واقتناء فساتين أنيقة واكتساب ثقتها في نفسها وحسن تقدريها لذاتها. ولكن لتجنب سوء التغذية، تتناول فايث الفيتامينات وعليها أيضا أن تتناول وجبات صغيرة، وهي تمرض إذا أكلت أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكر. مؤشر كتلة جسمها الجديد، الذي صار يبلغ الـ30، يجعلها ضمن صنف أصحاب الوزن الزائد. الآن تبلغ فايث 21 عاما، وهي تدرس في جامعة كارولاينا الشمالية في تشابل هيل. وتجيب عن كونها تشعر بالأسف عن خضوعها للجراحة، “أبدا.. يجب أن يكون المراهقون قادرين على مناقشة كل خيار مع أطبائهم ويجب أن تكون الجراحة أحد هذه الخيارات”. وفي تقرير لشبكة “سي.أن.أن” الأميركية، وصفت أفيري فاينشتاين، التي خضعت لاستئصال المعدة العام الماضي عندما كانت في الـ18 من العمر لعلاج البدانة المفرطة، التوصيات الجديدة بأنها “رائعة”. وقالت إنها تأمل في زيادة الوعي حول جراحة علاج البدانة لدى المراهقين. وأضافت فينشتاين “لقد غيرت حياتي ومن الرائع أن يحاولوا مساعدة الآخرين على تغيير حياتهم في سن مبكرة”. وأوضحت “لقد ساعدني هذا كثيرا لأكون ما أنا عليه الآن”. “إذا فعلت ذلك في سن أكبر، فسوف أفتقد سنوات دراستي الجامعية، كنت سأفقد ما أعيشه الآن إنني أتمتع بأفضل وقت في حياتي”. أطباء الأطفال لا ينصحون بإجراء عملية جراحية لأنهم يعتقدون أن "الوزن هو مسؤولية شخصية وليس مشكلة طبية" بصفتها طالبة جامعية تبلغ من العمر 19 عاما في جامعة ميسوري، تقول فاينشتاين الآن إنها حققت نجاحا كبيرا، فقد انضمت إلى أحد النوادي، وحافظت على دراساتها لتصبح طبيبة نفسية واستمرت في اتباع نظام غذائي صحي والبقاء نشطة. إن هوايتها المفضلة هي ركوب حصانها رودي. لكن رحلة فاينشتاين ووصلوها إلى هذه النقطة لم تكن سهلة. لقد كافحت لإنقاص وزنها طوال فترة الطفولة وحاولت اتباع نظام غذائي صارم، لكن كل محاولاتها لم تساعدها على إدارة وزن صحي، خلال ذلك الوقت، شعرت بالخطر وبدأت تقلق بشأن ما ستؤول إليه صحتها. في سن الـ17، زارت فاينشتاين ووالدتها أخصائي تغذية في مستشفى آن وروبرت لوري للأطفال في شيكاغو، وكان قد أوصاها بجراحة لعلاج البدانة. على الفور، أرادت فاينشتاين إجراء العملية الجراحية لتحسين صحتها، خاصة قبل بدء الدراسة الجامعية في الخريف. وقالت “لم تكن لدي أي فكرة على أن هذا كان يمكن أن يكون خيارا”. وأردفت “كنت أعلم أنني ذاهبة إلى الكلية، وكان هذا هو الوقت المثالي لتغيير حياتي”. “كان هذا شيئا سيساعدني في أن أصبح الشخص الذي أردت أن أكونه، وليس الشخص الذي كنت عليه”.
مشاركة :