رصد الكاتب البريطاني جدعون راخمن تشابهات مهمة بين بلاده والاتحاد السوفيتي السابق، قائلا إن هذه التشابهات ستصبح أكثر وضوحا بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي فيما يُعرف بـ بريكست.ورأى الكاتب ، في مقال بصحيفة الفاينانشيال تايمز ، أن أوجه الشبه التي أشار إليها جديرة بأن تثير القلق في المملكة المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي على السواء.واستدرك راخمن قائلا إن البريطانيين يمتلكون تقاليد ليبرالية وديمقراطية لم تكن قائمة في الاتحاد السوفيتي، على نحو يجعل الطبقة السياسية البريطانية أحرص على الحيلولة دون سير المملكة المتحدة على طريق التمرد على أوروبا على النحو الذي سارت به روسيا غداة انهيار الاتحاد السوفيتي.ولفت الكاتب إلى الاضطرابات الاقتصادية والنكسات الاستراتيجية التي تعرضت لها روسيا في حقبة التسعينات على نحو ترك الكثير من الروس على قناعة بأن بلادهم تعرضت للاستغلال من قبل الغرب ، وكيف ركز الكرملين على الولايات المتحدة وعلى توسُّع حلف شمال الأطلسي الناتو ، لكنه أيضا كان يرى في الاتحاد الأوروبي تهديدا ؛ ذلك لأن موسكو كانت ترى أن امتداد هذا الاتحاد يأتي على حساب أجزاء كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي.ونبه إلى أن قرار الكرملين الخاص بالتدخل العسكري في أوكرانيا جاء مدفوعا بتخوف موسكو من توقيع كييف اتفاقية تقارُب وشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وحذر راخمن من أنه إذا اتخذت الأمور مع بريكست مسلكا سيئا، فقد تتمخض عن أحداث تُعيد إلى الأذهان تلك الأحداث التي واكبت انهيار الاتحاد السوفيتي من تفتت للترابط بين البلاد الروسية ونكسة اقتصادية كبرى.وقال " ما من شك أن القوميين الإنجليز سيرون في الاتحاد الأوروبي حينذاك متواطئا يقف وراء التبعات الشريرة إنْ وقعت للمملكة المتحدة ، وقد بدأ ذلك في الظهور بالفعل في بعض الآراء الإنجليزية التي تتهم بروكسل باختلاق مشاكل على الحدود الأيرلندية، وبالتعطيل غير المبرر لإبرام اتفاق تجارة حرة، وبتشجيع اسكتلندا على الاستقلال".ونوه عن أنه وحتى اللحظة الراهنة، لا يزال يحرص المسؤولون في بريطانيا وفي الاتحاد الأوروبي على استخدام لغة الصداقة والشراكة المستقبلية، لكن تحت السطح وبعيدا عن الشاشات تختمر الاختلافات لاختلاف المصالح.واستدرك راخمن قائلا بل وحتى أمام الشاشات، يمكن تمييز إيماءات واضحة بتلك الاختلافات ، ومن ذلك تصريح أدلت به مؤخرا المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، ذلك الصوت المعتدل، قائلة إن بريطانيا ستكون منافِسة للاتحاد الأوروبي بعد بريكست ، واضعة إياها مع الصين والولايات المتحدة في خانة واحدة.وأضاف إن هذه الاختلافات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تجد طريقها إلى البروز أكثر إذا ما رفض الاتحاد خطوة التجارة الخالية من التعريفات الجمركية مع بريطانيا ، ولن يعدم الأوروبيون بعض التبريرات التي يسوقونها؛ ومنها مثلا أن بريطانيا هي التي جرّت على نفسها هذا المصير المؤسف ، تماما ، مثلما فعل الروس من قبل.وتابع " لكن انتصار الأوروبيين في هذا الموضع لن يسدل الستار على المواجهة مع البريطانيين الذين قد يستخدمون أوراقا قليلة بأيديهم، بتقليص التعاون الأمني والدبلوماسي مع أوروبا، بل وأبعد من ذلك ، بالتعاون مع قوى معادية للاتحاد الأوروبي".وقال راخمن " إن تلك التهديدات لا تؤخذ مأخذ الجدية في نقاشات عواصم الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن لأن بريطانيا لم تُفق بعد من دوامة بريكست ، وقد اتخذ الأوروبيون نفس الموقف من قبل في حقبة التسعينات إزاء الروس الذين وجدوا بلادهم آخر الأمر تتفتت واقتصادهم ينهار في سقوط حُرّ ، ولكن الشعور بالاتضاع دفع روسيا إلى تأكيد ذاتها ، بطرق يجدها الاتحاد الأوروبي الآن مثيرة للقلق".
مشاركة :