كثير من المسائل المضمنة في قائمة المحظورات يقف خلفها أفراد أخذوا مقاعدهم في محاولة منهم للتأثير الاجتماعي وقيادة الرأي عن طريق ممارسة أسلوب التحريم والمنع وبشكل مستمر وغير مبرر، والرفض هنا يتعدى كونه أداة من أدوات التحكم في العقل الاجتماعي وفرض الرأي المتعسف والعبث بمصالح الناس حتى يصل إلى أن يكون هواية، فأصبحوا مبرمجين على رفض ما بوسعهم رفضه من منطلق حاجتهم إلى الشعور بالقيمة والأهمية، فيشبعون حاجاتهم الشخصية بالطرق التي تتعارض مع احتياجات الآخرين ولا يبالون، والأشد سوءا أن يطبقوا أمور حياتهم خلاف ما يملونه على الناس، ويجيزوا لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم بفرض أساليب التخلف بضمان الاستجابة العاطفية وشكليات الدين. تقرير المصير حق لغيرهم كما هو حق لهم، لكن التناقض الذي يحدث في مواقف بعض الدعاة يأتي من نواح عدة، أهمها أنهم لا ينظرون لأفعالهم ولا يعطون الحق لنقدهم، فهم خارج إطار التدقيق والمحاسبة طالما حفظ لهم تدينهم الشكلي طابع القداسة التي دعّمها تعامل العامة معهم حتى أصبحوا يعاملون بها أنفسهم، فيحرم أحدهم الابتعاث ويرسل أبناءه للدراسة، وتأتي أخرى وتحارب عمل المرأة بينما هي تعمل وصاحبة مركز وظيفي مهم. إنهم يستأثرون لأنفسهم ويحبون ما لا يحبونه للناس، في ظل عجزهم عن تحقيق ذواتهم بعيدا عن فرض طرق التضييق على الحياة الاجتماعية. الدور الاجتماعي سلوك متعلم، وعلى قياس بعض المواقف الاجتماعية سنجد أن لدينا منظومة من الأدوار المرتبطة بمركز أو مكانة اجتماعية معينة تفسر معطيات ما تقدمه في خدمة المجال الذي تعبر عنه، وتنعكس في التصورات والأفكار الصادرة من توقعات المتلقين والمتفاعلين معها حول ما يجب أن يكون السلوك الذي يقوم به المؤثر في ضوء المكانة التي يشغلها، فعندما تتفق هذه الأدوار وتنسجم مع تفاعل الآخرين فإننا نفسر هذا بالتكامل، وعندما تتعارض شكليات العلاقة أو تكون غامضة فإن هذا يعني حدوث الصراع، وينتج عن ذلك تعرض الأفراد لصعوبات في فهم الحقوق والواجبات ومن ثم فقدان الثقة وتلاشي فاعلية الدور الاجتماعي. حالة الازدواجية وعجز الإنسان عن دراسة آرائه وعرضها باتساق هو عجز ذاته عن قيادة شخصيته قيادة واعية، وهو في هذه الحالة بحاجة لإرشاد نفسي يحقق له التوافق مع ذاته، فكل صاحب مبدأ يعتقده ويعمل به أهل للثقة ولو اختلف، وأما الذين يقولون ما لا يفعلون فلا يعول على رأيهم وليسوا أهلا للاقتداء.
مشاركة :