بعد عامين من جلسات وورش عديدة للمناقشة ظهر للنور النظام الجديد للجامعات السعودية إثر اعتماده بصورة رسمية. والنظام الجديد سوف يكون علامة فارقة وحدثًا تاريخيًّا في مسيرة التعليم السعودي، وإيذانًا ببلوغ التعليم السعودي مرحلة النضج؛ الأمر الذي يجعله مستعدًّا للفطام، وقد أصبح عفيًّا قادرًا على المشاركة في خدمة رؤية السعودية 2030م. وقد حانت لحظة الانطلاق للدور التاريخي للجامعات السعودية، وهذا ما كشف عنه النظام الجديد الذي أرسى مبادئ الحوكمة والمرونة والاستقلالية المنضبطة، ودعم البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال، وذلك من خلال فصوله الأربعة ومواده البالغ عددها 58 مادة. وسوف يتم تطبيقه بصورة مرحلية على ثلاث جامعات سعودية لمدة ثلاث سنوات بعد السنة الانتقالية تمهيدًا لتطبيقه على باقي الجامعات السعودية. ويهدف النظام إلى تطوير أداء جميع العاملين من أعضاء هيئة التدريس والإداريين، ورفع كفاءتهم، مع التشديد على عدم الإضرار إطلاقًا بالوضع القائم لهؤلاء العاملين. وسوف تُدار العملية التعليمية بشتى جوانبها من خلال مشاركة ثلاث هيئات، هي: مجلس شؤون الجامعات الذي يضع الإطار العام والقواعد العامة لكل جامعة، على أن يقوم مع مجلس الأمناء بتحديد القواعد المنظمة لدعم البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال، في الوقت الذي يقوم فيه الضلع الثالث -وهو مجلس الجامعة- بتصريف الأعمال الأكاديمية والإدارية والمالية، وتنفيذ السياسة العامة. وتشمل فصول النظام الجديد الأربعة عشر كل أجزاء العملية التعليمية والعلمية، بداية من التعريفات والأهداف في الفصل الأول حتى الأحكام العامة والختامية في الفصل الرابع عشر، مرورًا بالفصول التي تحدد أدوار مجلس شؤون الجامعات ومجالس الأمناء في الجامعات، ثم مجلس الجامعة، يليها مجالس الكليات والمعاهد، ثم مجالس الأقسام، وأدوار كل من رئيس الجامعة ونوابه وعمداء الكليات ووكلائهم ورؤساء الأقسام، وكذلك الاعتماد الأكاديمي والمجالس الاستشارية والنظام المالي لكل جامعة. وقد تميز النظام الجديد بالعديد من الخصائص التي أعطت للجامعات مكتسبات رائعة، على رأسها إتاحة فرص العمل للجميع، وتطوير رأس المال البشري مع احتياجات سوق العمل، وتكافؤ الفرص في التعليم، وبناء رحلة تعليمية متكاملة، وتحسين ترتيب الجامعات السعودية بين جامعات العالم؛ إذ من مستهدفات النظام وجود خمس جامعات سعودية على الأقل بين أفضل 200 جامعة على مستوى العالم، إضافة إلى ضمان مواءمة خريجي الجامعات السعودية مع سوق العمل، وتحسين جاهزية هؤلاء الخريجين لسوق العمل. ويستهدف النظام الجديد استيعاب كل التطورات في قطاع الجامعات بمشاركة القطاع الخاص والخبراء والمختصين، والطلب تحت مظلة الجهات الحكومية. وسوف تتبلور كل هذه الجهات من خلال تمثيل جيد في كل من مجلس شؤون الجامعات ومجالس الأمناء ومجالس الجامعات ورؤساء الجامعات. وسوف تعتمد الجامعات على التنوع في الإيرادات من خلال إعانة الدولة والتبرعات والهبات والمنح وريع أملاكها واستثماراتها وأوقافها ومواردها المالية، وذلك من خلال تنمية مواردها عبر القيام ببحوث علمية وخدمات استثمارية لجهات داخلية وخارجية، وكذلك التعاقد مع الجهات الحكومية وغيرها لتأمين ما تحتاج إليه من الكفاءات العلمية. وأخيرًا أشار النظام المالي الجديد إلى أن لكل جامعة ميزانية سنوية خاصة، يقرها مجلس الأمناء وفق القواعد العامة التي سوف يقرها مجلس شؤون الجامعات.
مشاركة :