يتوجب على من يتحدثون عن صعوبة «الشعور الحائر» في كثير من مواقف الحياة، أن يقتربوا أكثر من تجربة لا يمكن وصفها، عاشتها عائلة نيفيل الإنجليزية، حينما واجه جاري لاعب مان يونايتد، شقيقه فيل الذي كان يدافع عن قميص إيفرتون، والمفارقة أن كل منهما واجه الآخر، وهو يحمل شارة قيادة فريقه، في حدث تاريخي بـ «البريميرليج» في هذا الوقت، فكيف كانت مشاعر الأب والأم في هذه اللحظات؟ مع أي ابن يقفون؟ ولأي فريق يتمنون الفوز؟ كثير من التساؤلات لا يمكن العثور لها على إجابة، فالمشاعر الإنسانية في مثل هذه الحالات أصعب من أن يتم وصفها، وأقوى من أن يتم رصدها. جاري وفيل نيفيل ليسا الحالة الأولى، وبالطبع ليسا آخر حالات الأشقاء الذين يواجهون بعضهم في ملاعب الساحرة، فقد وجد كولو توريه نفسه في مواجهة شقيقه يايا توريه، في أكثر من مباراة بالدوري الإنجليزي، فقد كان الأول يقود دفاع ليفربول، فيما يدافع الثاني عن قميص مان سيتي، وعلى خطى جاري وفيل نيفيل كانت مسيرة كولو ويايا توريه، فقد لعبا معاً في فريق مان سيتي، إلا أن ظروف الانتقالات وضعتهما في مواجهات عدة ضد بعضهما، بعد رحيل كولو صوب ليفربول، وحرص كولو على منع شقيقه من التصويب ضد «الليفر»، وهو ما حدث في حالة ثنائي عائلة نيفيل، حيث كانت البداية معاً في صفوف مان يونايتد، ثم رحل فيل إلى إيفرتون ليتواجها معاً فيما بعد. ويشتهر يايا وكولو توريه بعشقهما للوطن الأم كوت ديفوار، حيث يشارك كل منهما في الكثير من الأعمال الإنسانية والخيرية. في إنجلترا، وعلى وجه التحديد بملعب أولد ترافورد، معقل مان يونايتد، حدثت مواجهة في «يوروبا ليج» بين اليونايتد وضيفه الفرنسي سانت إيتيان، أي بين بول بوجبا وشقيقه فلورنتين بوجبا، وأثارت الحوارات المطولة بينهما قبل وأثناء وبعد المباراة جدلاً كبيراً، ليخرج روي كين، نجم وقائد يونايتد السابق، ليقول: «ما حدث بين بول وشقيقه أمر غريب جداً، لقد تحدثا معاً في هذه المباراة أكثر مما تحدثت أنا مع أشقائي في آخر 5 سنوات، إنها كرة القدم التي تثير دهشتنا في كل يوم، كان يتوجب على بول وشقيقه التركيز في تفاصيل وأحداث المباراة». وحرصت والدة بوجبا على حضور المباراة المشار إليها في أولد ترافورد، وارتسمت الابتسامة على وجهها، بعد أن لاحقتها الكاميرات، فكانت عائلة بوجبا هي الشغل الشاغل للجماهير والإعلام، مما يؤكد أن البعد الإنساني سجل حضوره بقوة. على مستوى الأندية، تتعدد حالات مواجهة الأشقاء، وفي الآونة الأخيرة، جذب أندري آيو، وشقيقه جوردان آيو الأنظار بقوة في ملاعب الإنجليز، وتحديداً خلال المواجهة بين أستون فيلا وسوانسي سيتي، وقال الأب عبيدي بيليه: إن مشاعر الحيرة سيطرت عليه، مشيراً إلى أنه يفضل رؤيتهما معاً في فريق واحد كما كانا في مارسيليا، وكما يفعلان معاً في صفوف منتخب غانا، إلا أن الأب أكد احترامه لما يفرضه عالم الاحتراف، حتى لو جاء على حساب المشاعر الإنسانية في بعض الحالات. والآن يلعب أندري آيو في سوانسي بدوري الدرجة الأولى الإنجليزي، فيما يستمر جوردان آيو في «البريميرليج» مع كريستال بالاس، واللافت أن هذه التحولات في مسيرة كل منهما أسفرت في مرحلة منها عن وجودهما معاً، إلا أن المستقبل الاحترافي فرض كلمته ليذهب جوردان إلى لندن ويبقى أندري في سوانسي. بعيداً عن صدامات الأشقاء في الأندية، فإن الأمر الأكثر قسوة على مستوى المشاعر الإنسانية، هو ما حدث للشقيقين تشاكا في منافسات أمم أوروبا 2016، فقد لعب جرانيت لمنتخب سويسرا، فيما انضم شقيقه تولان لمنتخب ألبانيا، وحدثت المواجهة بينهما في البطولة القارية، وجلست العائلة في المدرجات دون أن تشجع أياً منهما، بل شجعتهما معاً وكأنهما في منتخب واحد، وهو الأمر الذي حدث قبل ذلك بين كيفين برينس بواتينج لاعب منتخب غانا، وشقيقه جيروم بواتيج لاعب منتخب ألمانيا، وكانت من أولى الحالات التي أثارت ضجة عالمية هائلة في حينها، خاصة أن المواجهة حدثت في مونديال 2010، وتكررت في مونديال 2014، وكأن القدر يختبر العائلة في أكثر من مناسبة، لتستمر الحيرة في زمن تتنازع فيه القيم الاحترافية مع المشاعر العائلية.
مشاركة :