“الثقافة” تنظم مسابقة الفلكلور الشعبي للبحث في تاريخ الرقصات الشعبية والحياة الاجتماعية

  • 10/30/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فتحت مسابقة الفلكلور الشعبي التي تنظمها وزارة الثقافة، الباب للبحث في تاريخ الرقصات الشعبية ومدى ارتباطها بالحياة الاجتماعية وعلاقة المرأة بها. ويؤكد عدد من الباحثين الاجتماعيين أن للمرأة السعودية حضورًا بارزًا في ذاكرة الفلكلور الشعبي السعودي الذي يتميز بالثراء والغنى؛ حيث تحفَل مكتبة الألوان الفلكلورية السعودية برقصات شعبية شهيرة اشتركت فيها المرأة؛ سواء في مناسبات نسائية خاصة، أو جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل. ولعل الضوء لم يُسَلّط بعدُ على مشاركة المرأة في الفلكلور لأسباب متعددة تتعلق بالتغيرات التي عاشها المجتمع السعودي في الخمسين سنة الماضية، ولكن ذاكرة كبار السن والمؤرخين ما تزال تحمل مشاهد من مشاركة المرأة في رقصة “الدحة”الشهيرة، ورقصات “الخطوة” و”الزحفة” و”اللعب” في عسير، ورقصة “الربخة” حيث تلعب النساء بالسيوف وتكون بين الصفوف. ويؤكد الأديب والكاتب في مجال التراث الشعبي على مغاوي، أن المرأة في الجزيرة العربية -وفي المملكة على وجه الخصوص- كانت رائدة في الفلكلور؛ بل كانت مبتكرة لكثير من الألحان والإيقاعات والأهازيج بطريقة ثرية، وتميزت أشعارها بالعمق، ولها دلالة على الحياة والحب وليست مجرد مشاركة في الأداء. وأضاف “مغاوي” أن المرأة لم تتميز في الألحان فقط؛ بل بكونها جامعة للفلكلور في كل التفاصيل من لحن ولباس وزينة ورقصات؛ حتى إنها تَمَيّزت في قرى مثل “رجال ألمع” برقصات خاصة بها غير موجودة في الجزيرة العربية بأكملها. وأضاف “مغاوي”: “وكما اخترعت المرأة طريقة لإنارة طريقها في الطرقات بين الجبال والأودية عبر صب نوع من الزيت على الرماد قبل استخدام الكهرباء و”الأتاريك”؛ كان لها طريقتها في التعبير عن مشاعرها غناءً عبر أهازيج كانت تصدح بها في طريق عودتها بعد غروب الشمس من بيت العروس بما يسمى بـ”المراح”، وتشعل مع صويحباتها المسارج والطبول والمفراز “النجر”، وتبدأ بإلقاء أعذب القصائد والألحان، وقد انعكست هذه الأضواء على وجوههن مع العصائب التي يرتدينها وحلي الفضة وغطاء الرأس الأصفر، ويمارسن طقسهن في المشي. وحتى أثناء الأنشطة الإنسانية أو السكانية القديمة من “الحش” و”الصرم” و”الذرا” وغيرها، والتي كانت من أعمال النساء كن يمارسن طقوسهن؛ فيملأن فضاء القرى والجبال بالأهازيج، وكن يشاركن الرجال في الرقص واللعب، ولا تزال هناك تسجيلات توثق ذلك”. ويذكر “مغاوي” أحد محاورات الفتيات العائدة من الحطب بثيابها الملونة وعصائب الورد فوق رأسها، وهي تخاطب صاحباتها في نوع من المحاورة تقول لها بصوت عذب: “ألا يا خواتي خاتمي ضاع”، لترد عليها صاحبتها: “ألا دوريلو فجر الصباح”، وتستمر محاورتهما حتى يعدن لبيوتهن وهن يرتجلن بيوت الشعر التي ينشدنها طوال الطريق. ويضيف “مغاوي” أن هذه الأهازيج تنقل للجيل الجديد كيف كانت المرأة قديمًا تُشهر حبها للحياة والجمال والشيم والمروءات والخلق الرفيع. أما الناقدة أمل الحسين والتي لها تجربة في الوقوف على مشاركات المرأة في الفلكلور الشعبي السعودي، فقالت: “لا أعتقد أن مشاركة المرأة في الفلكلور تختلف عن مشاركة الرجل؛ ولكن تم تسليط الضوء على المشاركات الرجالية بشكل أكبر؛ ولكن المرأة موجودة، والفلكلور انعكاس وتعبير عن المجتمع وثقافته مثل الزواج والمواليد والحب الهجر والوصال وحتى الانتقال من بيت لبيت؛ فنجد المرأة عبّرت عن كل هذه الحالات منذ القدم؛ فمشاركة المرأة كانت بنظم القصيدة التي تحولت لأغنية أو أهزوجة، ثم تَحَوّلت لرقصات، واختلفت تلك المشاركات حسب المناطق، وتطورت مع الزمن، وفي المناسبات تلتقي النساء فيبدأن بالمشاركة بإلقاء الأهازيج التي تتحول لتصفيق حسب الحالة المزاجية، ثم يدخل “الطار”، ويتعدد إلى “طيران”، وتشارك النساء بالرقص والتعبير عن الحالة الشعورية، وتتواءم الجموع، وتتكون الصفوف لتمتزج الأهازيج مع الرقصات”. وتضيف “الحسين” أن كثيرًا من المشاركات الفلكلورية للمرأة لم ترَ النور، واندثرت، ولم تجد لها مكانًا في محافل تراثية مهمة مثل الجنادرية؛ حيث وقفت هي على العديد من الرقصات مثل “الدحة” والتي كانت مشاركة المرأة فيها أساسية وتسمى بـ”الحاشي”. وأضافت “الحسين” أن تلاشي حضور المرأة في الرقصات الشعبية شَمِلَ أيضًا اختفاء فنون على حساب انتشار فنون أخرى؛ بسبب الاتجاه السائد والمعروف؛ بينما توجد رقصات فلكلورية تم تجاهلها في وقت سابق، رغم أنها تعكس التنوع والثراء الثقافي في المجتمع السعودي.

مشاركة :