يمثل تحقيق الإنجازات في المجالات والمعايير والمؤشرات الدولية مناسبة تثير الاعتزاز لدى كل فرد من ابناء الوطن ومحبيه، وهي محطة حيوية يقف عندها المسؤولون والمفكرون والمثقفون والمواطنون عموما، لمراجعة وتقويم ما تحقق من إنجازات وطنية، وتفحص وتصور لمدى ما يمكن ان تعكسه من حجم الجد والاجتهاد والمثابرة في تنفيذ الخطط والبرامج، والقدرة العالية على مواجهة التحديات حتى وصلت إلى ذلك المستوى المميز من الإنجاز الذي يشار اليه بالبنان على صعيد العالم اجمع. وقد كانت الإنجازات في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية علامة مضيئة رافقت تاريخ البحرين المعاصر، وعبرت عن مستوى الاداء القيادي المسؤول، على الرغم من انها تعيش في بيئة إقليمية ودولية مضطربة على صعد الامن والاقتصاد، حيث انها استطاعت بعون الله وحكمة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، والتنفيذ والمتابعة التي تميز بها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، والجهود الريادية الكبيرة التي بذلها مجلس التنمية الاقتصادية ولجنة التنسيق برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الامين النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الموقر، تمكنت المملكة من التصدي لمختلف التحديات وتجاوز أسوأ تداعياتها، واثبتت رؤيتها الراسخة في العلاقة الجدلية (العضوية) بين الامن والتنمية وحولتها إلى واقع معاش. فانعكست في ما حصدته من إنجازات دولية مميزة في هذين المجالين في وقت واحد، فقد حققت مركزا متقدما في التصنيف العالمي لتصبح ضمن أفضل عشر دول في قائمة الدول الأكثر تحسينا لمناخ الاعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة في المؤشرات الدولية من أصل (190) دولة، والافضل أداء عالميا فيما يتعلق بوقت الامتثال الضريبي في اطار ما أقرته من سياسات مالية عامة هدفت إلى تعظيم الايرادات وضغط النفقات تعزيزا لأدائها الاقتصادي وفقا لما ورد في تقرير مجموعة البنك الدولي: ممارسة انشطة الاعمال 2020، وجاء ترتيبها (43) عالميا، متجاوزة ترتيبها في العام الماضي بنحو(19) مرتبة، كما حققت تحسينات مهمة في مجال انفاذ العقود، واطلقت منصة بنايات الهادفة إلى تسريع وتبسيط إجراءات اصدار تراخيص البناء، ويسرت متطلبات نقل الملكية بحيث لا تتجاوز يومين بدلا من (31) يوما، كما كان في السنوات السابقة، فحققت بذلك المرتبة (17) عالميا. كما قامت بتعزيز الحصول على الائتمان عن طريق منح الدائنين المضمونين الاولوية اثناء إجراءات الاعسار، علاوة على تنفيذ منصة للدفع الإلكتروني لاشتراكات التأمين الاجتماعي، وانشاء محاكم تجارية متخصصة، وتطبيق إجراء لإعادة التنظيم يسمح للمدينين بالبدء في إعادة التنظيم، وغيرها من الإجراءات التي زادت من جاذبية مناخ الاستثمار في المملكة. فإذا كان هذا قسم من الحصاد التنموي المتحقق هذا العام، فقد تحقق إلى جانب حصاد مهم ومؤثر في الجانب الامني، فقد حققت مملكة البحرين المرتبة الرابعة عالميا في مؤشر الأمن من بين (141) دولة رصد تقرير التنافسية العالمي لسنة 2019 مؤشراتها، والذي تم عرضه بالمنتدى الاقتصادي العالمي، ولم يسبق مملكة البحرين في هذا المؤشر سوى فنلندا التي احتلت المرتبة الأولى وتلتها سنغافورة وأيسلندا. فيما احتلت المركز الثالث دوليا فيما يخص التعامل مع الجرائم المنظمة، وحلت خامسا فيما يتعلق بجدارة خدمات الشرطة، بينما احتلت المرتبة التاسعة فيما يخص تدني جرائم القتل، علما ان تقرير التنافسية العالمي يقيس نحو (12) محورا، يضم كل منها عددا من المؤشرات الفرعية، ويعتمد المؤشر على 70% من وزن المؤشرات المبنية على بيانات إحصائية و30% على الاستبانات. كما يعتمد التقرير على منهجية تدمج أحدث الإحصاءات من المنظمات الدولية والدراسات الاستقصائية. لقد جاء الإعلان الدولي عن الإنجاز التاريخي للمملكة في هذين المجالين الحيويين ليعزز من مكانة البلاد وتجربتها الوطنية في البناء التنموي والإصلاح الاقتصادي والتشريعي والمؤسسي مع ارساء قاعدة متينة للأمن والاستقرار، وليعبر عن قدرة شعبها المعطاء على تحقيق الإنجازات ومواجهة التحديات بكل عزم وإصرار والتفاف حول قيادته الحكيمة، وبما أثار اعجاب واعتزاز العديد من المنظمات والهيئات الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية والدولية المتخصصة بقضايا التنمية، فضلا عن الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الابحاث الاقتصادية العالمية المنصفة، بالتجربة البحرينية الفذة، ولا سيما انها التجربة المميزة التي انبثق فيها الإصلاح الاقتصادي من إرادة وطنية خالصة سبقت الكثير من الأطروحات والدعوات العالمية الإصلاحية المعاصرة. ولم تكن نتاج ضغوط خارجية كما هو حال العديد من مشروعات الإصلاح في دول اخرى، على الرغم من محدودية الموارد المالية والمادية. أجمل التهاني وأسمى التبريكات لقيادتنا الحكيمة وشعبنا الوفي، ومن إنجاز إلى اخر والبحرين تتقدم إلى أمام على طريق النهضة والرفاهية والتنمية المستدامة. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :