بيروت - قنا ووكالات: أجبر الجيش اللبناني أمس المتظاهرين على فتح طرقات حاولوا قطعها صباحاً استكمالاً لمسيرتهم الداعية لرحيل الطبقة السياسية مع دخول حراكهم الشعبي غير المسبوق أسبوعه الثالث. وبعد يومين من تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته، لا يزال المتظاهرون مصمّمين على البقاء في الشارع مطالبين بتسريع تشكيل حكومة جديدة يريدونها من التكنوقراط والمستقلين ومن خارج الأحزاب التقليدية، في ما بدا تأخر موعد بدء الاستشارات النيابية المُلزمة لتكليف رئيس جديد لمجلس الوزراء سبباً رئيسياً لإصرار المحتجّين على مواصلة حراكهم. وقال طارق مدهون (38 عاماً) أثناء مشاركته صباحاً في قطع جسر «الرينغ» الرئيسي في العاصمة «لا أريد أن أستسلم». وبرغم إصرار بعض المتظاهرين على إبقاء الطرق مغلقة، نجح الجيش اللبناني قبل ظهر أمس في فتح معظمها وسط انتشار أمني كثيف. وحصل الأمر نفسه الأربعاء وعادت حركة السير إلى طبيعتها خلال النهار، إلا أن المشهد تبدّل مساءً بعدما اجتاح المحتجّون الشوارع مُجدداً، انطلاقاً من طرابلس في الشمال وصولاً إلى مناطق أخرى في الوسط الساحلي وفي بيروت والجنوب، مؤكدين أن «الثورة» لا تهدف فقط إلى إسقاط الحكومة وأنهم مستمرون في حراكهم حتى تحقيق كل مطالبهم بتغيير الطبقة السياسية وإنقاذ الوضع الاقتصادي. ونفى مصدر عسكري لبناني إعلان حالة الطوارئ في البلاد. مؤكداً أن ما تناولته مواقع التواصل الاجتماعي وما نسب للجيش حول إعلان الجيش حالة الطوارئ للحفاظ على الأمن «لا صحة له إطلاقاً وهو مجرد إشاعات». وقال بيان صدر عن الجيش اللبناني «إن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تتداول بياناً يزعم أنه صادر عن قيادة الجيش لإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في المناطق اللبنانية، ويهمّ هذه القيادة أنّ تنفي صحة هذا البيان والمعلومات الواردة فيه». ودعا الجيش المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والتأكّد من صحّة المعلومات التي تصدر عن هذه القيادة على مواقعها الرسمية. وقد فتحت بعض المدارس والجامعات أبوابها أمس فيما فضّلت أخرى الإبقاء على أبوابها مغلقة. أما المصارف فأكدت الأربعاء أنها ستستأنف «العمل الطبيعي ابتداءً من اليوم الجمعة «وسط تخوف المواطنين الذين يخشون انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار بمجرد أن تفتح المصارف أبوابها مع ازدياد الطلب.. وفيما تتنوع مطالب المتظاهرين بين منطقة وأخرى، إلا أن غالبيتهم يرون أن المرحلة المقبلة يجب أن تتضمّن، بعد تشكيل حكومة اختصاصيين، إجراء انتخابات نيابية مبكّرة وإقرار قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى مطلب رئيسي هو رحيل الطبقة السياسية برمّتها. ويبدو أن الغموض الذي يلف المرحلة المقبلة لا يريح الشارع، وقد أثارت معلومات عن تأجيل بدء الرئيس بالاستشارات النيابية غضب المعتصمين، مع دخول حراكهم أسبوعه الثالث. وأفاد مصدر مواكب للمشاورات الرئاسية وكالة فرانس برس أن الرئيس ميشال عون حدّد موعد بدء الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل «بسبب وجود عدد من النواب خارج البلاد ولأن الحريري قدّم استقالته بشكل مفاجئ من دون تنسيق مع الرئيس للتفاهم على شكل الحكومة الجديدة». وأشار إلى أن «الرئيس يأخذ بعين الاعتبار مطلب الحراك في ما يخصّ أن تكون الحكومة مؤلفة من اختصاصيين». وقال عون أمس إنه يقوم بـ»الجهود اللازمة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية». وعنونت صحيفة «الجمهورية» اللبنانية في عددها الصادر أمس «تأجلت الاستشارات... فقُطعت الطرقات». وقال أحد المتظاهرين في وسط بيروت، «مطالبنا لا تتوقف عند استقالة الحكومة. لا تزال هناك مطالب كثيرة». وأضاف «قطع الطرق ليس إلا ضغطاً شعبياً على الدولة كي تسرع في تشكيل الحكومة وفي الاستشارات النيابية التي حُكي عن تأجيلها». ووُجّهت عبر على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات إلى اللبنانيين للإضراب العام والتظاهر أمام القصر الرئاسي بعد ظهر اليوم، وكذلك إلى التظاهر أمام منزل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التنية في بيروت بعد ظهر غد السبت وذلك للمطالبة بتشكيل حكومة كفاءات مُصغّرة من مستقلين تعطى صلاحيات استثنائية بأسرع وقت ممكن ولتحقيق كافة مطالب المتظاهرين. وقد شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، أمس هدوءاً وسط انتشار للقوى الأمنية لمنع أي إشكالات بين المتظاهرين والمناهضين للحراك الشعبي في ساحتي رياض الصلح والشهداء. وتوافد عدد من اللبنانيين إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، وانتشرت اللافتات في الساحتين تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد والفقر ورحيل السلطة. وأعاد المتظاهرون نصب الخيام التي تم تدميرها أمس الأول من قبل جماعات معارضة للحراك الشعبي. وأفادت مراسلة وكالة الأنباء القطرية /قنا/ بانتشار القوى الأمنية في ساحتي /رياض الصلح/ و/الشهداء/ للحيلولة دون وقوع احتكاك بين المتظاهرين والجماعات المناهضة للحراك، كما وقع /الثلاثاء/. يُذكر أن الجيش اللبناني طلب في بيان /الأربعاء/ من جميع المتظاهرين المُبادرة إلى فتح ما تبقى من طرقات مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها. وكان سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني قد قدّم /الثلاثاء/ استقالة حكومته للرئيس اللبناني. ومنذ 17 أكتوبر الحالي لم تتوقف المظاهرات الشعبية في لبنان، رداً على قرار الحكومة زيادة الضرائب في إطار إعداد موازنة العام المقبل. إلى ذلك قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس إنه «من الضروري من أجل مستقبل لبنان تشكيل حكومة بسرعة لتكون قادرة على إجراء الإصلاحات التي تحتاجها البلاد».
مشاركة :