سيّرت القوات الأميركية، أمس، دورية قرب الحدود التركية في شمال شرق سوريا، وهي الأولى منذ سحب واشنطن قواتها من المنطقة الحدودية الشهر الحالي، ويأتي ذلك عشية دوريات روسية تركية مشتركة في المنطقة. وأفاد شهود عيان بأن خمس مدرعات تحمل الأعلام الأميركية سيّرت دورية من قاعدتها في مدينة رميلان في محافظة الحسكة، متجهة إلى الشريط الحدودي مع تركيا شمال بلدة القحطانية، على الرغم من أن هذه المنطقة باتت بموجب المعارك والاتفاقات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة، واقعة تحت سيطرة القوات الروسية وقوات الحكومة السورية. وتوصلت أنقرة وموسكو في 22 أكتوبر إلى اتفاق نص على أن موسكو «ستسهل سحب» عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، وأسلحتهم من منطقة تمتد حتى عمق 30 كيلومتراً من الحدود مع تركيا. وكانت قوات سوريا الديمقراطية أعربت بداية عن تحفظاتها إزاء بعض ما جاء في الاتفاق، لكنها أعلنت في وقت لاحق بدء سحب قواتها من «كامل المنطقة الحدودية»، ولا تزال تحتفظ ببعض المواقع خصوصاً شرق مدينة القامشلي. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أمس، أن القوات الأميركية تريد أن تحافظ على تواجدها في الجهة الشرقية من المنطقة الحدودية. وقال: «يريد الأميركيون أن يمنعوا روسيا وقوات الحكومة السورية من الانتشار في المنطقة الواقعة شرق مدينة القامشلي»، التي تعتبر بمثابة عاصمة «للإدارة الذاتية الكردية» المعلنة من طرف واحد في شمال وشمال شرق سوريا. ورافق الدورية الأميركية مقاتلون أكراد من قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، حليفة واشنطن منذ سنوات في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي. وتأتي الدوريات الأميركية بعد وصول تعزيزات أميركية إلى سوريا من العراق المجاور في الأيام الأخيرة. وبدأت واشنطن إرسال تعزيزات إلى شرق سوريا الغني بالنفط، حسبما ذكر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية يوم السبت الماضي. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأسبوع الأول من أكتوبر سحب الجنود الأميركيين من شمال سوريا، وهو ما اعتبر في حينه ضوءاً أخضر أميركياً لشنّ هجوم تركي على الأكراد. وانسحب الأميركيون وقوات التحالف الدولي، الذي تعتبر القوات الأميركية أبرز مكوناته، من عدد من القواعد في المنطقة، قبل أن تعلن واشنطن إرسال تعزيزات «لحماية حقول النفط». ومن الواضح أن الأميركيين لم يعودوا عملياً إلى القواعد التي انسحبوا منها. وكانت واشنطن تسيّر دوريات في نقاط عدة على الحدود مع تركيا شمال بلدة القحطانية قبل انسحابها من غالبية النقاط الحدودية. وكان من المفترض أن تبدأ دوريات مشتركة بين روسيا وتركيا يوم الثلاثاء الماضي، في منطقة بعمق عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إنها ستبدأ اليوم، وبعمق سبعة كيلومترات فقط. وحثّ وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، قوات بلاده في مدينة تل أبيض شمالي سوريا على الحفاظ على التأهب والجاهزية. وفي خطاب للقوات التركية المتواجدة في تل أبيض، قال آكار:«لم تستتب الأمور بعد هنا، ويمكن أن يحدث أي شيء في أي لحظة، وعليه ليكن الجميع على أهبة الاستعداد». وأرسل الجيش التركي، أمس الأول، تعزيزات إضافية إلى وحداته المنتشرة على الشريط الحدودي مع سوريا، ضمت ناقلات جند مدرعة، وأطقما من شرطة العمليات الخاصة.
مشاركة :