طبيب الأسنان الذي وجد ضالته في الأدب

  • 11/1/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قرأت أول ما قرأت للدكتور عصام محمد علي خوقير قبل نحو ستين عاماً، بعد عودته للمملكة وبداية عمله بالصحة المدرسية بمكة المكرمة، وبداية كتابته الصحفية الساخرة ونقده الممتع. ومع بداية الستينيات الميلادية الثمانينيات الهجرية وتطور جريدة المدينة وبداية الكتابة بالألوان بعد انتقالها من المدينة لتصدر من جدة حيث المطابع الحديثة (الأصفهاني) بدأ خوقير بمقال أسبوعي في الصفحة الأخيرة مع كتاب آخرين أذكر منهم الدكتور عبدالله مناع والأساتذة محمد حسن عواد وعبدالله جفري ومحمد حسين زيدان وغيرهم، وكانت العناوين باللون الأحمر المثير واللافت، وعندما بدأ يكتب القصص والروايات ويصدرها ازدادت معرفتي به من خلال ما أقرأ له. اتصلت به في إحدى زياراتي لجدة وطلبت زيارته بمنزله والتسجيل معه ضمن برنامج التاريخ الشفهي للمملكة) بمكتبة الملك فهد الوطنية فوافق وكانت زيارته في 5/1/1423هـ قال: إنه ولد عام 1346هـ بمكة المكرمة ودرس الابتدائية بالمدرسة الرحمانية، ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات للدراسة الثانوية بمكة. سافر مبتعثاً للدراسة بالقاهرة، والتحق بكلية الطب بالقصـر العيني، ونال درجة البكالوريوس في طب وجراحة الأسنان عام 1373هـ 1953م)، فواصل دراسته العليا بلندن في أمراض اللثة حيث تخرج من جامعة لندن معهد ايستمان لجراحة الأسنان عام 1377هـ 1957م. عاد للمملكة عام 1377هـ وكان قد تعين في العام الماضي خلال العطلة الدراسية وقبيل تخرجه مديراً للصحة المدرسية وطبيب أسنان بمنطقة مكة المكرمة ولمدة أربع سنوات. انتقل عام 1381 إلى عام 1385هـ للمدينة المنورة مديراً للمستشفى المركزي ومديراً للشؤون الصحية، ومن عام 1385- إلى 1392هـ انتقل للعمل بجدة مديراً للصحة المدرسية. تفرغ بعدها ليزاول عمله طبيب أسنان بعيادته الخاصة ابتداء من عام 1392هـ. وحتى عام 1426هـ قال أن له مشاركات في النشاطات الصحفية والإعلامية المتنوعة، فقد كانت هناك مشاركات متعددة بدءً من عام 1376هـ بعضها يومياً وأكثرها سبوعياً من كل من البلاد السعودية ثم صحيفة المدينة وصحيفة عكاظ وصحيفة الندوة وأحياناً في صحيفتي الرياض واليوم بالدمام. وكل ذلك عبارة عن مقالات تعالج المشاكل الاجتماعية والثقافية. ثم تقلصت المشاركات الصحفية – أثر شيء في النفوس- فتحول الكاتب إلى الجانب القصصي والروائي. وطوال تلك الفترة كانت له مشاركات في الإذاعة، حيث قدم أحاديث طبية واجتماعية، كما قدم مشاركات في برنامج فوازير رمضان، وأكثر من سباعية. وفي التلفزيون قدم له التلفزيون مسلسل (السعد وعد)، ومسرحية فكاهية باسم ( عِرق الرجال). وفي الجانب الأدبي والقصصي نشرت له العديد من الأعمال منها : 1- في الليل لما خلي. وهي عمل مسرحي روائي. 2- رواية «الدوامة»، 3- رواية «السعد وعد»، 4- «زغروطة بعد منتصف الليل»، مجموعة قصص قصيرة، 5- «سوف يتأنى الحب» رواية تسجيلية للأنماط الاجتماعية السائدة في مكة وجدة قبل خمسين عاماً. 6- «زوجتي وأنا» رواية فكاهية لمواقف مختلفة، 7- «الشيطان في إجازة» لم تنشر ، 8- عيلة أنس «مسرحية فكاهية» 9- «غداً تشرق الشمس» رواية في الخيال العلمي، 10- شرخ في الحائط الزجاجي، - رواية «السنيورة» - رواية «السكر المر». لا ينسى أساتذته الذين يعتز بهم وتأثر بهم مثل: الشيخ مصطفى يغمور مدير المدرسة الرحمانية بمكة والشيخ عبدالله خوجه، مدرس مادة القرآن، قراءة وتلاوة، وإليه يعود الفضل في إجادتي لتلاوة القرآن والشيخ أحمد زهر الليالي، مدرس مادة القرآن الكريم حفظاً. والاستاذ عبدالله عبد الجبار. مدرس الأدب العربي واللغة العربية بمدرسة تحضير البعثات – رحمهم الله- وقال عن العبد الجبار أنه صديقاً لطلبته وأخ أكبر، ولقد تعلم منه كثيراً في الجانب الثقافي والأدبي، بل وفي الجانب الصحفي، لأنه كان قائماً بأعمال سكرتير اللجنة الصحفية في مجال نشاطات دار البعثات السعودية بالقاهرة، حينما كان يدرس بالجامعة، وقال أنه لا ينسى لومه له عندما كان يصدر صحيفة الحائط في دار البعثات. فقد اختلف معه مرة فلامه بشدة، فكان رد فعله أن أصدر العدد التالي من صحيفة الحائط، بيضاء ليس بها أي سواد حبر سوى سطر واحد في أسفل الصحيفة قائلاً: (هذا العدد مخصص للأميين) وتوقع من الإدارة لوماً أورد فعل، ولكنه جاء مغلفاً بنصيحة تبينت صدقها وإخلاصها حينما مارست الكتابة الصحفية المحلية بعد العودة. ترجم له الدكتور علي جواد الطاهر في: (معجم المطبوعات العربية.. المملكة العربية السعودية) ط1،ج2 قال عنه : «... يكتب المقالة والقصة والمسرحية. في الليل لما خلي، مسرحيات، بيروت، منشورات الدار السعودية بجدة 1389هـ 208ص. أصدرت له (إدارة النشر بتهامة – جدة) سلسلة (الكتاب العربي السعودي) قصة طويلة بعنوان: (الدوامة) جدة، شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر 1400هـ، 1980م 130ص. وعلى غلافها تعريف بالمؤلف، أفدنا منه، جاء فيه ((من ألمع الكتاب الذين عرفتهم الصحافة، تتميز كتاباته بالعبارة الساخرة والصور الكاريكاتورية المؤثرة. كتب القصة الطويلة والقصيرة والمسرحية.. والمقالة الاجتماعية وله عدة مؤلفات.. وقد عده الفوزان (من رواد كتابة الفن المسرحي..). وترجمة له الأستاذ/ أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال ستين عاماً) ط1 ج1 قائلاً: «..التحق بكلية القصـر العيني بالقاهرة لدراسة طب الأسنان حيث تخرج منها عام 1953م. ثم عمل طبيب امتياز لمدة سنة ونصف. ابتعث إلى لندن عام 1955م للدراسة العليا، ومنها عاد إلى المملكة عام 1958م. بدأ حياته العملية طبيب أسنان، ولكن غلب عليه الأدب فأصبح من الأدباء الأطباء مثل ابراهيم ناجي وغيره ممن غلبت عليهم الميول الأدبية..«ثم عدد مؤلفاته» أن وصل «.. زوجتي وأنا – قصة طويلة – تهامة بجدة 210 صفحة، تناول فيها المؤلف في سخرية محببة وأسلوب رائع من الحوار جانباً من الحياة بشكل هامشي لقطاع كبير في المجتمع وهو كسـر الحاجز الثقافي والعلمي الذي يفصل بين الزوج والزوجة في كثير من الأسر وما يصاحب ذلك من مفارقات أبدع المؤلف في تصويرها». وترجم له في (موسوعة الأدب العربي السعودي الحديث.. نصوص مختارات ودراسات) ط1، ج5 و9 واختار له الدكتور منصور الحازمي في المجلد الخامس (الرواية) رواية (السنيورة) وعده من فئة (التجديد). وقد احتفى به الشيخ عبد المقصود خوجه في اثنينيته بتاريخ 5/5/1418هـ، 6/10/1997م وقال عنه عند تقديمه «..أن ضيفنا الذي تخصص في طب الأسنان وجد في الأدب ضالته التي أفرغ فيها مكنون نفسه التواقة إلى جماليات اللغة، شأنه في ذلك شأن كثير من الأطباء الذين اتجهوا إلى الأدب والفكر بجانب تخصصهم المهني، أمثال الدكاترة: عبدالله مناع، ومحمد علي البار، ومصطفى محمود، ويوسف إدريس، وغيرهم .. وليس في ذلك غرابة لأن بذرة الابداع عندما تنمو لا يعنيها إن كان حاملها أدبياً مطبوعاً، أم متمرداً على الإطار الذي أوجدته فيه ظروف الحياة والتخصصات المهنية». وقال عنه: «..وقد اتجه ضيفنا إلى كتابة الرواية. والمسـرحية، والمقالات الأدبية في الصحف اليومية ولعلكم لاحظتم الخيط الرفيع الذي يربط معظم أعماله الأدبية، متمثلاً في تمسكه بالتراث الحجازي الاصيل في لهجة الخطاب..». وتحدث عنه عدد من الضيوف ومن بينهم مديره في أول عمل يتقلده بعد تخرجه المربي الاستاذ عبدالله بغدادي الذي قال عنه: «..جعل محاسن الاخلاق له سيرة وتطيب بطيبها، صحبته زمن الدرس والتحصيل بدار البعثات السعودية بالقاهرة.. ورافقني العمل مديراً للوحدة الصحية بمنطقة تعليم مكة المكرمة وكنت مؤسسها ومديرها وقد توثقت صلتي به ما انقطعت والوصال والقرب ما توقف أبداً.. أخذ علم الطب ندياً على أعلامه وجناه شهياً من أطرافه وأبتغى طرف الحكمة.. ينشر قصصه يجتني من طب الطيوب والأطاب..». وقال عنه الدكتور عبدالله مناع: «..د. عصام صاحب أسلوب متميز رشيق العبارة كما قلت وأيضاً كشخص يمتلك خفة دم، وإذا كانوا يقولون في تعريف طب الأسنان أنه هو الذي يأخذ لقمته من فم مريضه، فهي أكثر ما ينطبق على الدكتور عصام، هو يأخذها بالضحكة ويأخذها بالنكتة، ولكنه يأخذها في كل الأحوال. يأخذ لقمته من فم مريضه، د.عصام بعد أزمته مع الصحافة تفرغ للكتابة الأدبية تفرغاً تاماً، وقدم أعمالاً جميلة ولو كانت هناك حركة مسرحية، ولو كانت هناك نهضة درامية إذاعية لتحولت كل أعماله إلى أعمال درامية..». إلى أن قال: «..كما ذكرت إني عندما عدت في عام 1963م وجدت أن الدكتور عصام كان نجماً في الحياة الأدبية والحياة الصحفية وكان أيضاً زعيماً للعزاب، وعلى حياء، تقدمنا بطلب العضوية في نادي العزاب وبعد حين، بعد أربع أو خمس سنوات، ترك الزعيم نادي العزوبية وشغر المكان لأجد نفسي مرشحاً لرئاسة نادي العزوبية..». ترجمة له مؤسسة عكاظ للحصافة والنشر في (موسوعة الشخصيات السعودية) ط2، ج1 «..تسلم جائزة تكريم رواد طب الأسنان السعوديين باعتباره واحداً منهم، ومن كلية طب أسنان جامعة الملك عبد العزيز. أختير في عام 1420هـ 1999م لتكريمه في المهرجان المسرحي السادس للفرق الأهلية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي في سلطنة عمان..». ترجم له باستفاضة في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) لدارة الملك عبد العزيز، ط1 ج1- وقال عنه الدكتور سلطان بن سعد القحطاني: «طبيب، ومسرحي، وقاص، وروائي..». ..وعلى مدى خمسة عقود من الزمن قضاها في الطب والوظيفة، لم تثن عزمه عن القراءة والتثقف، والكتابة الإبداعية والصحافة، وبخاصة المقال النقدي، والكتابة للمسـرحِ، حتى أصبح رائداً من رواد المسرح في المملكة العربية السعودية، وعصام خوقير صاحب تجربة ثقافية مبكرة، فقد ظهر على مكتبة والده محمد علي خوقير، وهي مكتبة ضخمة يردد افتخاره بها في كل مناسبة، وخلال دراسته في القاهرة كان كثير التردد على المسرح، وقد تأثر بنجوم المسـرح، في ذلك الزمن ، مثال : نجيب الريحاني، وعلي الكسار، وفرقة جورج أبيض.. وغيرهم، فصار من ألمع نجوم المقال الصحفي الفكاهي، وهو مهيأ لذلك بروحه المرحة، وتميزت كتاباته بالعبارات الساخرة من الأوضاع الرديئة، مثل: الجهل والتخلف الفكري، وكان يصوغ مقالاته على هيئة (كاريكاتير)، وهذا الأسلوب في كتابات عصام خوقير يتكرر في قصصه ورواياته المتعددة، وهذه رؤيته الخاصة التي يعالم بها القضايا الاجتماعية بطريقة الواقعية، ومنها رؤيته حول عمل المرأة وتعليمها في المجتمع، وما يتعلق بالتوفيق بين العمل والأسرة، ولعل هذا الأسلوب والطريقة في الطرح هما اللذان يميزان عصام خوقير من كثير من الكتاب الذين عالجوا مثل هذه القضايا الاجتماعية..».

مشاركة :