كتب - أشرف مصطفى: “الشمس لا ينطفئ نورها مهما تعاقبت عليها الغيوم”، مقولة تصدق على حال نادي الجسرة الثقافي الذي كان أول نور متوهج يشرق في سماء الدوحة بطيوب الفن وخمائل الثقافة وروائع الإبداع. ستون عاماً ونادي الجسرة يشع نوراً وينشر عبيره في العقول عبر الأجيال، ولكنه - وكما هي سنة الحياة - أصابته تقلبات الزمن فخبا توهجه وتراجع دوره شيئاً فشيئاً، الأمر الذي حدا بالمثقفين والقائمين عليه أن يبعثوا فيه روحاً جديدة ويعيدوه إلى الحياة من جديد متوهجاً متألقاً ليكمل مسيرته التاريخية ويثري الساحة الثقافية بمزيد من الروائع والإبداعات، وتعود إشراقته لتطل من جديد على سماء الدوحة بكل جميل ومفيد ومدهش، فتقرر نقل مقره إلى مكانه القديم، حيث سيكون بسوق واقف، في محاولة لإعادة تكوينه واستعادة رونقه القديم ولكي يواكب العصر ويساير موكب الفكر والثقافة العالمية من جديد سيعمل عبر استراتيجية جديدة تتناسب مع الواقع الراهن. وفي مؤتمر صحفي عُقد أمس بمقره الجديد بسوق واقف، أوضح خالد أحمد عبيدان، نائب رئيس مجلس الإدارة، أن يوم غدٍ الثلاثاء سوف يشهد افتتاح المقر الدائم للنادي في سوق واقف، مشيراً إلى أن ذلك الافتتاح سيتخلله احتفالية كبرى بمناسبة عودته إلى مهده الأصلي، وقال إنه سيتضمن معارض صور فوتوغرافية توثق لتاريخ النادي وفعالياته، فضلاً عن إقامة معرض لمقتنيات الموسيقار عبدالعزيز ناصر، وفعاليات موسيقية وفنون شعبية كما سيكون التشكيل حاضراً في الفعاليات. وفي معرض حديثه تطرق عبيدان إلى مشوار النادي ونشأته، حيث شهد عدة تنقلات حتى استقر به المقام في موقعه القديم، فمنذ أن تجاوز النادي الإطار الرياضي وانضم إلى الإطار الثقافي حينئذ شكّل مع الأطر الرسمية رافداً للثقافة العربية والمحلية، بل والعالمية، وكان الحلم الذي تحقق وخلق للنادي هذه المكانة المتميزة. وأوضح عبيدان أن النادي بدأ مشواره عام 1960 كنادٍ رياضي ولم يكن حينها حكراً على أبناء الجسرة بل إن رواده كانوا يأتونه من كل الأحياء المجاورة، وسرعان ما تحول النادي إلى النشاط الثقافي وبدا كمنبع للإشعاع الفكري، حين جاءت الانطلاقة الثقافية الكبرى فتحول إلى نادٍ يعبّر عن تطلعات الموهوبين والمثقفين، حيث لم يكن هناك حينها كيان خاص بالموهوبين فتوافد عليه المبدعون حين وجدوا أنه يهتم بالموسيقى والتشكيل والمسرح، وتطرق عبيدان إلى أن أنشطة المركز امتدت إلى خارجه، فراح يتنافس مع أندية خليجية بالتعاون مع بعض الكيانات، كما حرص النادي منذ القدم على تفعيل دور المحاضرات والملتقيات وقام بعقد الأسابيع الثقافية، بل إنه راح يشارك في عدد من الفعاليات بالعواصم العالمية الكبرى كبرلين ومدريد وطوكيو وغيرها. وقال تأتي الاحتفالية بعد غياب كبير عن هذا الحي، وقدم شكره للمكتب الهندسي الخاص الذي قدم له المقر الجديد إدراكاً منه بالدور الريادي للنادي وقدرته على إثراء الحركة الثقافية من مكانه الجديد، وأعرب عن الأمل في أن ينعم النادي بالاستقرار ويعود لتألقه بعد كثرة تنقلاته بين عدة مقرات ما بين منطقة الجسرة إلى الريان إلى السلطة القديمة ليعود أخيراً إلى مهده الأصلي بالجسرة في سوق واقف، وقال: نحن في نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي، وكشريك أساسي ومتفاعل مع الحركة ومع الكيانات التي تصب في الإطار الثقافي نعمل جاهدين عبر أكثر من محور منها لتقديم منجز ثقافي وحضاري مستنير. من جانبه قال د. حسن رشيد إنه من المنتظر عودة النادي لتألقه من جديد من خلال تقديمه لكافة أشكال الفنون، وقال إن عودة الروح لنادي الجسرة ستعيد الفرحة للمبدعين، وأضاف: ما نتمناه عودة الطيور المهاجرة من الجسرة، وأبرز أن قيمة المكان الجديد للنادي تكمن في تواجده وسط أحد المعالم الهامة والتي تشهد حضور عدد كبير من الزوار، كما أن ما سيساهم في تألق نادي الجسرة وعودة الكثير من أعضائه القدامى بعد عودته إلى مهده الأصلي هو ذلك الارتباط والحنين للمكان لدى الكثير من البشر، حيث للمكان سحره الخاص، وقال: ما نتمناه أن نساهم كما قمنا من قبل، حيث يسعى النادي حالياً للاتفاق مع الكيانات المماثلة لعقد الشراكات، ولصنع نشاط موازٍ له إبداعات ارتبطت بقطر، وأبرز أن كل المشاريع الكبيرة بدأت بحلم ولعل نادي الجسرة قد تجاوز ذلك سابقاً بتحقيق العديد من أحلام المثقفين الذين يأملون لعودة النادي إلى ألقه القديم.
مشاركة :