«تك تك» بغداد.. أيقونة الثورة وملهمة المبدعين

  • 11/4/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ليس لها لون محدد، فهي بجميع ألوانها، تمثل لوحة فنية ونضالية، تبهر الجميع، تلك هي عربات «التك تك» ذات العجلات الثلاث، التي زينت تظاهرات بغداد منذ انطلاقها، فشبانها الذين يتقاسمون الفقر والحرمان، ويدفعهم الشعور بالظلم، احتلت عرباتهم قلوب البغداديين، بعد أن زاحمتهم في الشوارع بحثاً عن لقمة العيش، وتحولت عرباتهم الصغيرة إلى أيقونة للاحتجاجات، تخترق الصفوف تحت قنابل الغاز والرصاص، تنقل الضحايا، وتدفع المؤن والدواء إلى المتظاهرين، ما أكسب شبانها شعبية غير مسبوقة، حتى هتفت لهم فتيات بغداد، وتغنى بهم الشعراء. خدمات مجانية ويقول الناشط المدني، الصحفي أحمد صبحي «لا تكاد تمر لحظات في ساحة التحرير وما حولها دون نشاط لعربات «التك تك»، التي تمتد من جسر الجمهورية حتى مدينة الصدر، تقدم خدماتها مجاناً، ويرفض سائقوها أخذ أي أجور أو تبرعات»، فيما يقول سائق «التك تك» أحمد ذو الـ 23 عاماً، إن عربته هذه هي المصدر الوحيد لتأمين لقمة العيش له ولأسرته، ولا يتجاوز دخله منها 20 ألف دينار يومياً، مبيناً أن «المبلغ غير كاف، لكن ليس هناك حيلة». ومنذ بدء التظاهرات في مطلع أكتوبر، لم يتغيب أحمد عن التظاهرات، مؤكداً أن الغاية الأساسية هي نقل المصابين، بعد أن فشلت سيارات الإسعاف في إنقاذ من يسقط في الوقت المناسب، أو إخلاء القتلى. ويضيف «يجب أن نستمر بإسعاف المصابين، حتى وإن كان ذلك على حساب قوت يومنا». حقوق واحدة وأطلقت مبادرات عدة لمساعدة سائقي «التك تك»، لكن أغلبهم يرفضون ذلك، ويقول محمد شهاب محمود، الذي يتواجد في ساحة التحرير برفقة أخيه، إن «من المعيب أخذ المال مقابل مهمة وطنية، فالتظاهرات للوطن وللمواطن ومطالبنا واحدة، وقوتها من تكاتفنا، فأنا أنقل المصابين والبضائع وأخي يخمد قنابل الغاز المسيل للدموع، وهناك من يتولى شراء المواد الغذائية والمستلزمات الطبية وتأمين الوقود، وآخرون يهتفون». ويتلقى محمود وشقيقه، مكالمات من والدتهما تحثهما على العودة إلى المنزل، يقول إنها تخشى أن يصيبهما مكروه، لكنه يطمئنها ساخراً «احنا من داعش ما خفنا، تريدنا نخاف من مسيلة الدموع».وتميزت احتجاجات أكتوبر بـ«عفويتها»، وابتعاد محركاتها عن الأحزاب والأطراف السياسية، وكذلك التيارات الدينية والطائفية، وهو ما دفع مئات الآلاف إلى المشاركة فيها في بغداد والمحافظات. ويقول سائق «التك تك»، علي حيدر، الذي فرغ من نقل بعض المواد الغذائية وصناديق «البيبسي» إلى ساحة التحرير، إن «القتال ضد تنظيم داعش، اضطره إلى اقتراض نحو 4 ملايين دينار لإعالة عائلته، لكنه تمكن من تسديدها لاحقاً من خلال عربته». التبرع بلقمة العيش ويضيف ذو الـ 26 عاماً، إن «الظلم الذي حل بالفقراء واليتامى يدفعه إلى البقاء في ساحات الاحتجاج، حيث هذه التظاهرات الشعبية التي لا تخضع لأي جهة أو تيار». ولا يملك الكثير من السائقين عربات «التك تك»، فثمنها مرتفع، يصل إلى نحو 3 ملايين دينار، ويستأجر الشبان العربات من ملاكها مقابل نحو 60 ألف دينار أسبوعياً. ويجني سائق «التك تك» نحو 25 ألف دينار يومياً، يذهب 10 آلاف منها إلى مالك «التك تك»، وما تبقى يعيلون به أسرهم، كما يبين حيدر، مؤكداً أن "ما يجنيه لا يسد احتياجات أسرته، لكن غياب فرص العمل يضطره إلى ذلك». هتاف فتيات ويتقاسم هؤلاء الشباب، ظروفاً متشابهة، حيث السكن في العشوائيات، وضياع فرصهم في التعليم، والعمل في سن مبكرة، في ظل اليأس من حياة أفضل مع وجود النظام القائم. لم يُخفِ سائق «التك تك» حماسه للهتافات الوطنية التي وجهتها طالبات وفتيات في سياق «العرفان الجماعي»، الذي يقدمه المتظاهرون لسائقي تلك العجلات، على خدماتهم «ومواقفهم الشجاعة» في التطوع لإنقاذ الجرحى ونقل مستلزمات التظاهر.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :