رحلة كتاب «سموم في أواني الجاذبية».. «1»

  • 11/5/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 2015، رُشِحت من وزارة الثقافة، لدورة زمالة كلية الدفاع الوطنى، بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.. وهى الدورة الأكبر في كلية الدفاع الوطني، والتى تتطلب تفرغا تاما لمدة عام كامل، لما تقدمه من دراسة مكثفة للدراسات السياسية والإستراتيجية.. إلى جانب قيام كل دارس بإعداد بحث علمى متخصص لأحد الموضوعات التى تتماس مع الأمن القومى.. وفى نهايتها تمنح لحاملى الدكتوراة شهادة تعادل تمهيدى دكتوراة في الدراسات السياسية والإستراتيجية.. وقد اخترت آنذاك موضوع بحثى بعنوان «القوة الناعمة وأثرها على الأمن القومى» وكانت صعوبته أنه كان أول بحث في القوة الناعمة في الكلية، ولم يكن يتوافر عنه المراجع الكافية، ولإدراك الكلية بأهمية القوة الناعمة، وأثرها على الأمن القومى، ودورها الحيوى في معالجة الكثير من مشاكلنا، أصبح هذا الموضوع ضمن الأبحاث التى يتم مناقشتها سنويا، حتى يتم الإلمام بكافة جوانبه وفقا للمتغيرات المستمرة على كافة الأصعدة.. ونظرا لتعمقى في دراسة القوة الناعمة، واستشعارى بمدى أهميتها، وخاصة في الوقت الراهن، وما ولحسن حظى كان المشرف على البحث اللواء دكتور محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، الذى ساعدنى في إعداد البحث بالشكل اللائق.. وكذلك مراجع البحث الدؤوب النشط العميد أ. ح عمرو رياض.. وكانت لجنة المناقشة برئاسة اللواء دكتور أحمد عبدالحليم - رحمه الله - ومشاركة اللواء دكتور حسام نصار، والإعلامى الدكتور محمود نصار.. والذين أشادوا بالبحث وموضوعه، وأضافوا إليه بمعلوماتهم وخبراتهم.. ولا أنسى فضل اللواء دكتور ممدوح عطية مؤسس إدارة الحرب الكيميائية بالقوات المسلحة - رحمه الله- في إمدادى بالكثير من الوثائق والمعلومات المهمة.. وقد وفقنى الله تعالى وحصلت على المركز الأول على المدنيين في الزمالة، وكُرمت من وزير الدفاع السابق الفريق صدقى صبحى، ورئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازى.. يحيط بالمنطقة العربية من تداعيات وتهديدات، لذلك قررت التوسع فيه، وتعميق دراستى عنه، وتناوله من منظور مختلف عما سبق من خلال كتاب، حتى يمكن نشره ويصل إلى أكبر قدر من القراء، وقد حاولت جاهدة تبسيطه وصياغته بشكل أدبى، وليس بالشكل العلمى الصارم كما في البحث، وكان غاية أملى أن يتم نشره من خلال وزارة الثقافة لسببين، الأول: أنها المسئول الأول عن إنارة العقول وتوعيتها، والثانى: حتى أكون قد أفدت وزارتى التى رشحتنى لنيل درجة الزمالة.. وحين أقدمت على نشر الكتاب توقعت أن أجد عشرات الجهات الثقافية التى ستتحمس لنشره، لأهميته الثقافية والتوعوية في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من مؤامرات وحروب متجددة في الأسلوب والنوعية، ولكن بكل أسف تعثر النشر !.. وكنت محبطة لعدم نشره، واعتقادى أنه ربما يساهم في تحقيق قدر من الوعى بهذا الموضوع المهم، الذى يساء فهمه رغم انتشار الحديث عنه دون علم، وابتذاله على الألسنة.. وكنت متألمة ليقينى بأن كل يوم يمر، تزيد خسائرنا الفادحة على كافة المستويات، بسبب قلة الوعى بهذا الموضوع المهم، وذلك لأن القوة الناعمة بمفهومها الصحيح في تماس مباشر مع كل المجالات، وكانت هى السبب وراء كل ما حدث في المنطقة العربية من تراجع وانهيار، وإعادة لرسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع الأهداف الصهيونية.. وقد حاولت في كتابى (القوى الناعمة: سموم في أوانى الجاذبية) تبسيط مفهوم القوة بشكل عام، وتناولها عبر العصور، وكيف كانت القوة الناعمة بين الماضى والحاضر قبل نشأة المصطلح، ومدى ارتباط القوة الناعمة بقوى الدولة الشاملة، وكيف يؤثر كل منهما في الآخر، مع التطرق للمصطلحات الأحدث كالقوة الذكية والقوة الحادة، والنماذج الحديثة لاستخدام القوة الناعمة لتحقيق أهداف سياسية، مع استعراض القوة الناعمة لأهم الفاعلين الدوليين.. وكيف تحولت قوتنا الناعمة لداء أعيا وأضعف المنطقة العربية، وكيف تصبح الدواء حتى نستعيد قوتنا وأمجادنا.. وقد شرُفت بحماس اللواء دكتور سمير فرج لتقديم الكتاب، لما يتمتع به من أسلوب أدبى رائع نتابعه في مقالاته بجريدة الأهرام، بالإضافة لدوره وتأثيره في المجال الثقافى والإعلامى والعسكرى، كذلك لما يضيفه توقيعه من ثقة في محتوى الكتاب وأهميته، وهو ما أسعدنى وزاد كتابى قيمة.. وفى ذكرى الاحتفال بالثالث والعشرين من يوليو الماضى، استضافنى الإعلامى د. محمد الباز - الأستاذ بكلية الإعلام - في برنامجه (90 دقيقة ) على قناة المحور، وأثناء حواره الممتع في العديد من المجالات، تطرق الحديث للقوة الناعمة، وكتابى الذى تعثر نشره واستيائى من ذلك.. انتهى الحوار، ولكن لم تنته أصداؤه حتى هذه اللحظة! ولم أكن أتخيل مقدار الصدى الذى ستحققه هذه الحلقة.. وكانت المفاجأة الكبرى والمنحة الإلهية التى جاءتنى بعد عرض البرنامج، الاتصال التليفونى الذى جاءنى من إمارة «الشارقة».. المشرقة بنور العلم والثقافة والإبداع.. وللحديث بقية.

مشاركة :