عاد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير إلى الواجهة مجدداً، وتصاعد الجدل بشأنه في السودان، وتعالت المطالب الشعبية بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي أصدرت مذكرتي توقيف بشأنه عامي 2009 و2010 على خلفية تورطه في جرائم إبادة وجرائم حرب وضد الإنسانية في دارفور. وقد قوبل بالترحاب إعلان قوى الحرية والتغيير توافق جميع مكوناتها على تسليم البشير للمحكمة الجنائية، إذا برأه القضاء السوداني، وكذلك توجيه النائب العام السوداني تاج السر الحبر بفتح تحقيق بشأن انقلاب 1989. وقد أعلن إبراهيم الشيخ القيادي بقوى الحرية والتغيير أنه لا توجد تحفظات لدى قوى التغيير على تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، وأنه إذا نجا البشير من المحاكمات بالداخل جراء الجرائم التي ارتكبها، سينال عقابه في المحكمة الجنائية بالخارج. كما أعلنت قوى الحرية والتغيير على لسان المتحدث باسمها وجدي صالح اكتمال مشروع قانون تفكيك نظام البشير الذي يشمل حل مؤسسات النظام السابق وواجهاته، ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة. ويأتي ذلك عقب إصدار النائب العام السوداني أوامره بالتحقيق في انقلاب البشير على السلطة عام 1989 والذي تولى الحكم بمقتضاه لمدة ثلاثين عاماً، قبل أن يتم عزله في أبريل الماضي. كما أعلنت قوى الحرية والتغيير أن المجلس التشريعي سيعلن تشكيله قبل 17 نوفمبر الجاري، تنفيذاً لاتفاق ترتيبات نقل السلطة في السودان الذي وقع في 17 أغسطس الماضي، وحددت 90 يوماً لتشكيل المجلس التشريعي، كما أكدت أنه سيتم قريباً تعيين ولاة مدنيين مكلفين في مختلف الولايات. ورداً على سؤال حول تأثير تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة على عملية السلام الجارية الآن مع الحركات المسلحة، قال وجدي صالح: إن الأوضاع لا تحتمل إرجاء تعيين الولاة المدنيين، وقررنا تعيين ولاة مكلفين من أجل إدارة العمل، ومواجهة المشكلات، والمجلس التشريعي أيضاً لا يمكن إرجاء تعيينه؛ لأنه يصعب ترك الوضع الاستثنائي للتشريع من خلال مجلسي السيادة والوزراء طويلاً، ولا يمكن أن يستمر المجلسان دون رقابة. ومن جانبه، أكد الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني، خلال زيارته لمعسكرات النازحين بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس، أن السلام أولوية الحكومة الانتقالية، وأن الحكومة ستولي اهتماماً خاصاً بأصحاب المصلحة الحقيقيين من خلال استصحاب مطالبهم وإشراكهم في المفاوضات لتلبية مطالبهم وإنهاء معاناتهم من آثار الحرب والعمل على تعزيز استدامة الاستقرار. وقال حمدوك، إن الحكومة الانتقالية تسعى لتنفيذ أجندة السلام الذي يشكل أولوية قصوى بجدية عالية ومصداقية، تراعي الأولويات المطلوبة، من خلال توفير سبل الاستقرار والعودة الطوعية وإنجاح جولات المفاوضات لتحقيق الأهداف المرجوة من الفترة الانتقالية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية، التي قال إنها تركة ثقيلة. وفي تغريدة له على «تويتر»، قال رئيس الوزراء السوداني، إن زيارته للفاشر هي الزيارة الأولى ضمن عدة زيارات سيقوم بها للعديد من ولايات السودان، وقال: لأنني من مواليد منطقة ريفية، أعلم تماماً أن جميع ربوع السودان مهمة، وليس المركز فقط، وأدرك جيداً أهمية خدمة كل بقاع السودان، وإيصال صوت الذين لم يستمع النظام السابق إليهم على مر العقود. ومن جانبه، أكد محمد آدم المتحدث باسم النازحين في مخيم أبو شوك في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور حرصهم على التمسك بالسلام، مطالباً بتحقيق العدالة وتوفير متطلبات الحياة الكريمة، ودفع التعويضات للمتضررين من الحرب، وإعادة الأراضي لأهلها، وتعزيز الخدمات الصحية والتعليمية. وطالب المتحدث باسم النازحين رئيس الوزراء السوداني بتسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، وأكد أن النازحين وعائلات الضحايا لن يتراجعوا عن هذا المطلب. وقد رحب النشطاء السودانيون وأبناء الإقليم بزيارة حمدوك، الذي ارتدى قميصاً وبنطالاً، ووصفه الناشط السوداني حسن نجيلة بـ«ابن الهامش». وفي هذه الأثناء، توالت الدعوات من أجل تسليم البشير للمحكمة الجنائية، وقال الناشط السوداني أحمد بشير كل من يحلم بسودان أفضل عليه أن يدعم السلام الذي لن يتحقق بدون إقامة العدالة والاقتصاص. وقال الكاتب الصحفي السوداني تاج السر حسين لـ«الاتحاد» لن نطمئن على الثورة، ونتأكد أنها ثورة إلا أذا تم تسليم البشير إلى لاهاي.
مشاركة :