قاب قوسين أو أدنى العملية الجراحية الأخيرة على حكومة الدكتور عمر الرزاز في مسعى لإطالة عمرها ورأب صدعها.لقد ترددت قليلا عند استخدام مصطلح "مسك الختام" في العنوان والسبب أن لا شيء استثنائي يمكن أن يشكل مسكا لانجازات الحكومة.أزمات متعددة عاشتها الحكومة، وأزمات أخرى من صنعها ،ولا شيء استثنائي يمكن أن نتذكره في سجل أداء حكومة الدكتور الرزاز إلا التعديلات الوزارية الأربعة التي شكلت عمليات جراحية غير نوعية لإنقاذ سمعة الفريق الوزاري وتحسين صورته لدى الأردنيين.لقد كنت دوما من الذين يحترمون أداء الدكتور الرزاز كموظف عام ومديرا للضمان الاجتماعي والى حد معتبر وزيرا للتربية والتعليم ،ولكن مجمل أدائه كرئيس للوزراء لم يكن بنفس السوية ربما بسبب أن إعداد الرجل وتدريبه وخبراته لم تمكنه من الانتقال من وضع الموظف المهني المحترف إلى وضع السياسي المحنك والماهر الذي يتقن السياسة وفنونها وألاعيبها.بالطبع لا شيء ينتقص من قيمة الرجل وإمكاناته ومواقفه المتصلة بمخارج الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الوطن، ولكن ما نتحدث عنه هو عمر الرزاز السياسي وليس الرزاز الإداري والمهني.تجربة عمر الرزاز لم تكن الوحيدة والاستثنائية في سجل الاختيارات لرؤساء الحكومات في الأردن، فقد سبق وأن تعاقب على الموقع الأول بعد جلالة الملك في الأردن رؤساء وزراء لم ينجحوا في عملهم، أو بلغة أكثر دبلوماسية لم يتمكنوا من يتركوا بصمات تذكر في سجل الحياة السياسية للدولة الأردنية وذلك بسبب عدم الخبرة والتمرس، أو عدم الملائمة الشخصية والقيادية، أو بسبب المغالبة والإستقواء لأجهزة ومؤسسات أخرى لم تريد أن تتخلى عن مصادر قوتها ونفوذها لصالح رئيس حكومة الأصل به أن يكون صاحب ولاية عامة.الأمثلة على ذلك تتباين ولكن دولة عون الخصاونة كان مثالا على المغالبة والإستقواء من أجهزة الدولة الأخرى وقد خسر المعركة لصالح هذه القوى اختيارا وليس إجبارا مقارنة مع أصحاب دولة مثل دكتور عدنان بدران وفيصل الفايز وغيرهم ممن يصعب على المراقب السياسي أن يقيم أية إنجازات لهم نظرا لعدم امتلاكهم للبعد السياسي الذي يلزمه إشغال الموقع الأول في الحكومة الأردنية.التعديل المزمع على حكومة الرزاز لن يطيل عمر الحكومة ولن يرأب الصدع ،فالقضية ليست في الأشخاص بقدر ما هي في الرؤى والأهداف والبرامج.لا يوجد برامج حقيقية للحكومات الأردنية وإن تقدم كل رئيس حكومة ببرنامج نظري فإنه لا يتحقق منه شيء ولا يعدوا عن كلام سردي لللإستهلاك المحلي(Rhetoric).ما الذي سيتذكره الأردنيين من حكومة الدكتور الرزاز لن يزيد عما يتذكره عن حكومات عبدالله النسور وهاني الملقي وعون الخصاونة ومعروف البخيت ،حيث أن القاسم المشترك هو أنه كلهم كانوا جميعا موظفين وليسوا رجال دولة بالمعنى الحقيقي ....نعم موظفين مكلفين بمهمات اقتصادية وللأسف غير ناجحة جلها وصفات لخبراء أجانب من البنك الدولي ومن غيره.مبارك للداخلين لحكومة الدكتور الرزاز وهنيئا لهم ألقابهم ومناصبهم وامتيازاتهم وستخرجون أيها الوزراء كما دخلتم بعد شهور وستبقى مشكلات الوطن ماثلة تنتظر قدوم رجال دولة حقيقيين لديهم العزم والطاقة والحيلة يتناوشون مع عاديات الوطن وتحدياته...
مشاركة :