لم تتوقع الفتاة الاماراتية سارة عبدالله البادي أن تؤول بها سفرتها الدراسية لدولة النيبال خروجها من بين أنقاض الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف وتعود سالمة إلى أرض الوطن، ولم تتوقع أن سفرها لجمع معلومات عن اليوغا لتضمنها في قائمة الاسترخاء والنقاهة والاستجمام أن يضعها شاهدا على أسوأ كارثة طبيعية تتعرض لها هذه الدولة لتعود مشحونة بالخوف والرعب من هول اللحظات التي عاشتها والمناظر الحزينة التي شاهدتها بحسب مانقلت البيان. رحلة استكشافية وتمهيدية لرسالة الدكتوراه كانت خلف اختيار سارة لدولة النيبال التي قصدتها مع مجموعة من الأشخاص كانوا هم الآخرين متجهين لجمع معلومات وممارسة طقوس هذه الرياضة في أحضان الطبيعة وتحديداً قبيل أيام من حدوث الزلزال. وفي أحد الاجتماعات الصباحية في الفندق الذي كانت تجري بصورة يومية للاستماع للإرشادات وخطة العمل اليومية، شعرت سارة وصديقتها بهزة أرضية خفيفة تلتها هزات قوية ارتفعت على اثرها أصوات نزلاء الفندق الذين تسابقوا للخروج من محيط المبنى. بدون شعور اتجهت خطوات سارة وأصدقائها لمخرج الفندق ومن قوة الازدحام والتدافع سقطت على الأرض وبدأت أقدام النزلاء تطأها، فلم تقو على الحركة من شدة الهزة، ولكنها حينما شاهدت تصدع المبنى وحدوث تشققات في الأرض، استعادت قوتها وبدأت تزحف بسرعة لتجد نفسها في حديقة الفندق برفقة النزلاء وأصدقائها الذين بدؤوا يتفقدون بعضهم البعض. أصوات تطلب المساعدة وصيحات الأطفال والكبار تعم المكان، ومنظر المباني تتهاوى والغبار والدخان حول ساعات النهار لظلام دامس، كل ذلك حدث في لحظات بسيطة، فوقفت سارة متأملة ومصدومة عاجزة عن التعبير، تخالطت لديها مشاعر الفرح بنجاتها من هذه الكارثة مع مشاعر الخوف من التوابع التي كانت تحذيراتها ترتفع حينا بعد آخر. الهروب من توابع الكارثة والعودة لأرض الوطن أول فكرة خطرت على سارة بعد أن أفاقت من هول الصدمة، فسارعت بالاتصال بسفارة الدولة في الجمهورية الهندية التي طلبت منها التوجه إلى المطار في حال توفر المواصلات لتقوم هي بدورها في التنسيق مع الجهات المعنية في النيبال لتسهيل عودتها لأرض الوطن. مبانٍ منهارة وجثث تحت الأنقاض وأصوات تستغيث ودمار شامل حل بالمنطقة، مشهد متكرر كانت تراه سارة في كل مكان أثناء طريقها للمطار في صباح اليوم التالي، وبعد وصولها للمطار تفاجأت بأعداد السياح الناجين من الكارثة يغطي الحزن والخوف ملامح وجوههم. لم تتوقع سارة أن المشهد المرعب الذي عاشت تفاصيله في اليوم الأول من الممكن أن يتكرر على الرغم من إدراكها من أنه ربما تكون هناك توابع لهذه الهزة العنيفة وإن حدثت لن تكون بنفس القوة في المرة الأولى، ولكن توقعاتها خابت بعد أن ضرب الزلزال المنطقة مرة أخرى وبقوة أكبر، ومن شدته فقدت توازنها وسقطت على الأرض وانهالت عليها أقدام الفارين لتطأها في مناطق متفرقة من جسمها مما تسبب لها بجروح وكدمات. الهلع والخوف والاستغاثة وترقب الطائرات القادمة هو المشهد الأخير الذي غادرت به سارة أرض النيبال لتصل إلى أرض الوطن بصحبة فريقها.
مشاركة :