فيما اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أنه كان حاضرا في غرفة عمليات حزب الله الإرهابي منذ اليوم الأول للنزاع حتى انتهائه في 14 أغسطس 2006، تحاول إيران صناعة قصص أسطورية وحكايات مليئة بالكذب والخداع حول الرجل الملطخة يداه بالدماء. وسعى الحوار الذي أجرته النسخة العربية لقناة «العالم» الإخبارية إلى أن يحول صورة الرجل المصنف على قائمة الإرهاب الدولية على أنه «بطل» لعب دورا رئيسا في المقاومة ضد إسرائيل، وتجاهل أن يذكر تاريخه الأسود في قتل المسلمين والتخطيط لعمليات إرهابية راح ضحيتها المئات في مختلف دول العالم. وبحسب موقع متحدون ضد إيران، كشف سليماني عن مشاركته في التخطيط العسكري لحزب الله خلال الحرب اللبنانية، وذكر أنه كان حاضرا في غرفة عمليات المجموعة في الضواحي الجنوبية لبيروت، وتحولت المقابلة دعاية محضة تحتوي على القليل جدا من الحقائق أو المعلومات القيمة، وتعد جزءا من سياسة إيران ومراجعة الوكلاء التاريخية المستمرة لعملائها وصفا أكبر لرواية «تاريخ المقاومة». حاولت المقابلة إنشاء خرافات معينة حول محور المقاومة الأوسع نطاقا، مما يشير إلى أن إيران ووكلاءها لهم مصلحة ودعم في أنشطتهم العسكرية، ومن حيث الجوهر، تشبه مقابلة سليماني حديثا مؤلفا من خمسة أجزاء بين الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وموقع آية الله علي خامنئي، ومقابلة سابقة أجراها نصر الله مع قناة المنار. مؤامرات قاسم سليماني يقول الإرهابيان قاسم سليماني وحسن نصر الله إن ما وصفاه بالمقاومة ووكلائها واجهت ما بعد عام 1979 مشروعا تقوده الولايات المتحدة منذ عقود للسيطرة على المنطقة، وتناسى الاثنان المؤمرات التي يقومان بحياكتها بشكل مستمر في المنطقة، طول فترات الصراع، بدءا من الحرب العراقية الإيرانية 1981-1989، والحرب الأهلية السورية. ويعدان أن المشروع الشامل بقيادة الولايات المتحدة للسيطرة على المنطقة، وسحق محور المقاومة هو القوة الوحيدة الراغبة في مواجهة الولايات المتحدة أو قادرة على مواجهتها مع حلفائها. يعيد سليماني ونصر الله سرد حرب لبنان الثانية، ثم يضعها في سلسلة متواصلة من الحرب الأهلية السورية، كما كان الحال مع هذا الصراع الأخير، ويعتبران أن حرب 2006 مجرد محاولة فاشلة سابقة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بالوكالة مدعومة سياسيا من السعودية ومصر ودول عربية أخرى لتدمير ثورة إيران ومحور المقاومة. الحرب المفاجئة وفيما يعرف الآن بالدعاية المألوفة من حزب الله، يزعم سليماني أنه بناء على أوامر أمريكية تم التخطيط مسبقا لشن حرب مفاجئة ضد الجماعة في جوهرها، حيث تم اختطاف اثنين من جنود إسرائيل إيهود جولدواسر وإلداد ريجيف، كذريعة للذهاب إلى الحرب، بدلا من الانخراط في تبادل للأسرى كما كان في الماضي. ووضع سليماني ونصر الله حرب عام 2006 ضمن سرد إيران للحرب الأهلية السورية، والتي تدعي طهران أنها ليست مجرد مظهر آخر من مظاهر الربيع العربي، وإنما هي محاولة تحريضية أمريكية لتدمير سوريا والتي هي حسب حسن نصر الله الدعامة المركزية التي تحمل محور المقاومة، وذلك عن طريق استخدام وكلاء إرهابيين مثل داعش وجبهة النصرة. خلق الأساطير استخدم كل من نصر الله وسليماني المقابلات لإنشاء أساطير معينة تتعلق بحرب 2006 ومحور المقاومة على نطاق أوسع، ونسب كلاهما التبصر شبه الإلهي إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مدعيين أنه توقع فوز حزب الله على إسرائيل منذ بداية حرب 2006. واغتنم كلاهما الفرصة لتعزيز الأسطورة القائلة إن حزب الله يبني قدرته العسكرية على مواجهة إسرائيل والمشروع الإقليمي الأوسع المزعوم بقيادة الولايات المتحدة، ويدعي نصر الله أن خامنئي أخبره أن الحرب ستنتهي مع تحول حزب الله إلى قوة إقليمية لا تهزم، وهو ما حدث بحسب قوله. ويصف سليماني حرب 2006 بأنها «ليست فقط انتصار بل نقطة انعكاس لا رجعة فيها». وهكذا فإن مقابلة سليماني الأخيرة هي محاولة إيرانية أخرى لتحريف التاريخ. تدمير حزب الله ويزعم سليماني أن أهداف حرب 2006 كانت جزءا من مؤامرة أمريكية أكبر لتدمير حزب الله وتغيير جنوب لبنان ديموغرافيا من خلال التخلص من الشيعة، بل يزعم أن إسرائيل المكلفة بتنفيذ هذه المهمة أعدت مخيمات كبيرة للاجئين داخل أراضيها لاستيعاب ثم إعادة توزيع الشيعة اللبنانيين المشردين في جميع أنحاء المنطقة. أخبرت مقابلة نصر الله الأخيرة مع المرشد الأعلى علي خامنئي حكاية متطابقة، بأن حرب إسرائيل عام 2006 كانت جزءا من مؤامرة أمريكية لمهاجمة محور المقاومة في المنطقة، أحبطت عندما اختطف حزب الله الجنديين. مقابلة سليماني تماما مثل الدعاية الأخيرة لحزب الله، تعرض أيضا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كمخطط عسكري وقائد نشط، وليس مجرد قائد روحي وسياسي.
مشاركة :