تأليف الكتاب بين الاستسهال والاستعجال!

  • 11/6/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محبة الكتاب ظاهرة حميدة تتنامى باستمرار، تدل على الوعي الاجتماعي بأهمية القراءة، ترفدها المبادرات المتعددة المهتمة بالشأن الثقافي والفعل القرائي، وما نشاهده من الإقبال الكبير على معارض الكتب يحتاج إلى دراسات مسحية وإحصائية لمعرفة التوجهات القرائية، ومحاولة قياس أثرها على المجتمعات العربية، يجدر أن تقوم بها المؤسسات الأكاديمية والثقافية، وأمام هذه الظاهرة تنمو مقولات سالبة بأن الإقبال على اقتناء الكتاب لا يعدو الترف والمباهاة والرياء، وهذه المقولة لا أراها تصمد أمام الوعي الذي نلمسه في الأجيال الشابة عبر نوافذ مختلفة. من جهة أخرى نلمس حماسة الجيل الشاب، وإقباله على التأليف والإصدار، وهذه أيضا ظاهرة حميدة تبرز تأثير الكتاب ومكانته في نفوسهم، لكنه من زاوية نظر مختلفة يضعنا أمام مأزق الضعف التأليفي، فالحماسة لا تكفي لتأليف كتاب وإصداره؛ لأن تلك الحماسة ناجمة في أصلها عن الاستسهال الذي يظهر في كثير من كتب المؤلفين الشباب، وليس الأمر الذي أود التنبيه عليه موقوفا على استعجال تأليف الكتاب، أو إغراق المكتبات، أو ضعف المحتوى، بل يتعداها إلى ردة الفعل العكسية على المؤلف الشاب حينما لا يكون لإصداره الأول صدى، ولا يستقطب عناية المهتمين والقراء، وتعرضه أحيانا إلى النقد، الأمر الذي سيكون محبطا، ومؤثرا في نفسية المؤلف (المتحمس العجول). اطلعت على مؤلفات عدة، فكانت ضحالة المحتوى والضعف متجلية، أضف إليها الضعف اللغوي والنحوي والإملائي، بفعل تقاعس دور النشر عن دورها، فمن أوجب الواجبات عليها أن ترفض نشر الكتب الضعيفة، لأنها ستؤثر سلبا على الناشر والمؤلف والمكتبة العربية، ويجدر أن تمارس دورها في تقييم المحتوى من خلال الاستعانة بالمتخصصين، والمدققين اللغويين، وألا تخرج المؤلفات على الصورة التي نشاهد بعضها اليوم، ولا أظن دور النشر المشغولة بـ (الربحية) ستفعل ذلك إن لم يكن لوزارات الثقافة العربية دور يلزمها بذلك، ويحاسبها عليه، ويتيح للمؤلفين طرقا سهلة يقاضون من خلالها دور النشر التي تقصّر في خدمة مؤلفاتهم. سيظل الكتاب مصدر الثقافة وبوابة الوعي الأولى، ولا يهم اختلافه الشكلي بين (الورقي والالكتروني) فهو لا يعدو اختلاف طعم الشاي في كأس شكلها تقليدي أو عصري، ومن هنا فإن الرجاء قائم أن تمارس وزارات الثقافة العربية دورها في صيانة الكتاب والمحافظة عليه وإعلاء شأنه، وأن يكون دورها الرقابي على جودة محتوى كتاب (طالب الفسح) مقدما على البحث التوجسي عن الأفكار التي يناقشها، فنحن في حقبة زمنية تجاوزت فيها العقول بوابات المنع، وأصبح المحتوى الفكري بكل أشكاله متاحا للجميع.

مشاركة :