ينشر موقع "صدى البلد" الإخباري كلمة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة في احتفال الوزارة بالمولد النبوي الشريف 1441هـ، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجاء في نصها ما يلي: الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين .وبعد:فأؤكد أننا كأمة إسلامية في حاجة ملحة إلى ثورة حقيقية في الفكر الديني، ليس على الدين ، ولن تكون أبدًا، إنما هي ثورة على الأفكار الجامدة والمتطرفة ، ثورة على المتاجرة بالدين والتفسيرات الخاطئة والمنحرفة لجماعات التطرف والإرهاب، ثورة تعود بالخطاب الديني إلى مساره الصحيح دون إفراط أو تفريط ، بحيث تكون المصلحة المعتبرة للبلاد والعباد هي الحاكمةُ لمسارات الاجتهاد والتجديد.علمًا بأننا قد استطعنا بفضل الله (عز وجل) في إطار خطتنا الدعوية أن نبني نسقًا معرفيًّا مستنيرًا ، يقوم على إعمال العقل في فهم صحيح النص ، وإحلال مناهج الفهم والتفكير محل مناهج الحفظ والتلقين دون تأمل أو تحليل، والانتقال من فقه الجماعة النفعي إلى فقه بناء الدول، ومن فقه دولة الأغلبية القديمة إلى دولة المواطنة المتكافئة الحديثة، متجاوزين مصطلح الأقلية والأكثرية إلى مصطلح الدولة الوطنية، ومن الثقافة المغلقة إلى آفاق الثقافة الرحبة، بما يسهم في بناء الشخصية الواسعة الأفق القادرة على فهم التحديات وفك شفراتها ووضع الحلول المنطقية لمعالجتها ، والانتقالِ من فقه ما قبل الدولة الحديثة إلى فقه ما بعد الدولة الحديثة، بل من فقه ما قبل النظام العالمي إلى فقه ما بعد النظام العالمي، مؤكدين أن من يتصدى للحديث في الشأن العام عالمًا كان، أم مفتيًا، أم سياسيًّا، أم إعلاميًّا، لا بد أن يكون واسع الأفق ثقافيًّا ومعرفيًّا ، وأن أي إجراء فقهي أو إفتائي أو فكري أو دعوي لا بد أن يضع في اعتباره كل الملابسات المجتمعية والوطنية والدولية المتصلة بالأمر المفتى فيه ، حتى لا تصدر بعض الآراء والفتاوى الفردية المتسرعة في الشأن العام بما يصادم الواقع أو يتصادم مع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ، فنضَع دولنا بين خِيارين أحلاهما مر كما يقولون ، إما الاصطدام بالمؤسسات والمنظمات الدولية، وإما تهمة معاداة شرع الله (عز وجل).ولم يقف دورنا في وزارة الأوقاف عند بناء هذا النسق المعرفي والفكري والدعوي، إنما صاحبه برامج تدريبية وتثقيفية جادة لبناء جيل مستنير من الأئمة العلماء يشرف خمسة شباب منهم اليوم بتكريم سيادتكم : اثنان من الأئمة المتدربين بالأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب، واثنان من أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين ، وخامس من خريجي الدورة الثانية لتنمية المهارات الإعلامية والتواصل المجتمعي التي نعقدها بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والهيئة الوطنية للإعلام.وتأكيدًا على اهتمامنا بدور المرأة يتم تكريم إحدى الواعظات المتميزات لحصولها على المركز الأول بين جميع المتدربين من الدفعة الأولى بأكاديمية الأوقاف.وقد وسعنا عملنا التثقيفي المشترك مع وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي ، والثقافة ، والشباب والرياضة ، والهيئة الوطنية للإعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة ، فضلًا عن العمل المشترك مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.وخطتنا في المرحلة المقبلة بإذن الله تعالى تقوم على أساسين:الأول : استكمال مسيرة التجديد .الآخر : التحول بهذا النسق المعرفي من ثقافة النخبة إلى ثقافة مجتمع، وثقافة شعب، وثقافة أمة ، والعمل على نشر هذا الأنموذج عالميًّا لتصحيح صورة الإسلام، وإزالة ما ران على صفحته النقية من شوائب، وهو ما جعلنا نترجم خطبة الجمعة أسبوعيًّا إلى ثماني عشرة لغة، وننشرها مكتوبة ومسموعة ومرئية بهذه اللغات، وأن نطلق حملتنا العالمية طوال هذا الشهر الكريم تحت عنوان "هذا هو الإسلام" بعشرين لغة، وبشراكة دولية واسعة.ويسرني سيادة الرئيس أن أتقدم باسمي وباسم جميع الأئمة والعاملين بالأوقاف بكل الشكر والتقدير لسيادتكم على اهتمامكم بتحسين الأحوال المعيشية والمالية للأئمة ، فبناء على ما وجهتم به في ذلك ، وعلى تدبير التمويل اللازم من الموارد الذاتية للوزارة صدر قرار السيد رئيس مجلس الوزراء بزيادة في بدل صعود المنبر قدرها 600 جنيه للحاصلين على درجة الليسانس، و800 جنيه للحاصلين على درجة الماجستير، و1000جنيه للحاصلين على درجة الدكتوراه وذلك من بداية الشهر المقبل 1/12/2019م .إضافة إلى مائة جنيه شهريًّا بواقع 1200 جنيه سنويًّا لكل إمام لتوفير الزي اللائق له بمعرفة وزارة الأوقاف. ولا ننسى ولن ننسى أن الزيادة الأولى في بدل صعود المنبر عام 2015 م وقدرها 1000 جنيه لكل إمام قد أجراها الله على يدي سيادتكم ، مما يستوجب كل الشكر والتقدير لسيادتكم.وأختم حديثي بأبيات في حب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول الشاعر :وَالله مَا حَمَلتْ أُنْثَى ولا وَضَعَتْأَبرّ وأَوْفى ذِمـــّـــــةً مِن مُحَمّدومَا فِي بِقَاعِ الأرْض حـــيًّا وميّتًا وما بين أرض والسما كَمُحمّدويقول شوقي :ياجاهِليـنَ عَلـى الـهـــــادي وَدَعـوَتِـهِ هَـل تَجهَلـونَ مَكــانَ الصـادِقِ العَلَــمِلَقَّبتُمـوهُ أَميـنَ القَـومِ فــــــــي صِـــــغَـرٍ وَمـا الأَميـنُ عَلـى قَـــــــــولٍ بِمُتَّـهَـــــمِأَتَيـتَ وَالنـاسُ فَوضـــى لا تَمُــــرُّ بِهِـمإِلّا عَلـــــى صَنَـمٍ قَـد هـامَ فـي صَنَـــــمِوَالخَلـــقُ يَفتِـكُ أَقـواهُـم بِأَضعَفِـــهِـمكَاللَيـــثِ بِالبَهـمِ أَو كَالـحـوتِ بِالبَـلَـمِقالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ مـا بُعِثـــــــــــوالِقَتــــــلِ نَفـسٍ وَلاجـاؤوا لِسَفـــــكِ دَمِأَخوكَ عيسى دَعــــــا مَيتـًا فَقـــــــامَ لَـهُ وَأَنتَ أَحيَيـتَ أَجيــــــالًا مِـنَ العــــدمواسمحو لي الرئيس أن أقدم لكم بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن جميع العاملين بالأوقاف نسخة كريمة من كتاب الله العزيز.
مشاركة :