اختتمت فعاليات اليوم الثانى من الملتقى الدولي الرابع عشر للتصوف برعاية الطريقة القادرية البودشيشية، تحت شعار "التنمية في التراث الدينى الإسلامى"، باعتبارها الأساس في أى تقدم منشود، سواء ماديًا أو روحيًا.وحدد الدكتور هشام لعجاج، الأستاذ بجامعة عبدالمالك السعدى، تطوان- أعمدة التنمية من خلال القصص القرآنى والتى حصرها في: التأييد الربانى، العماد القيمى، والعلمى، والتعبيرى.فيما قارن الدكتور عبدالعلى بَيَشُّو الأستاذ بجامعة فاس، بين التنمية البشرية عند أهل الفكر في الغرب الأوروبى والأمريكى وعند أهل الذكر في العالم الإسلامى، مستعرضا أهم القراءات القرآنية المعاصرة التى أشارت إلى الثقافات المعرفية التى لم ينتبه إليه االغرب فكانت سببا في خرابه الباطنى الروحى.كما تحدث الدكتور عبد الإله البريكى من جامعة عبدالمالك السعدى، تطوان- عن "التنمية بين الأسس العقلية والروحية.. أبو العباس السبتى نموذجا"، مشيرا إلى ارتباط مفهوم التنمية بمحاولة تنمية المجتمعات المتخلفة اقتصاديا من خلال ترشيد استغلال الموارد المتاحة، غير أنه ظل جديدا بين العلوم الاقتصادية مما جعله يجد صعوبة في تنزيله على هذا الواقع، مما دفع إلى التوسع في النظر إليه من خلال حقول معرفية أخرى.وقال بريكى، إن غياب الجانب الروحى من صلب التنمية البشرية أفقده القدرة على النجاعة الكافية، موضحا أن النماذج المرقة في التاريخ الإسلامى مرجع لبعث الروح في هذا المفهوم وخاصة نموذج أبو العباس السبتى.جاء ذلك خلال الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "التنمية في التراث الدينى الإسلامى"، ضمن فعاليات الملتقى الرابع عشر للتصوف، تحت رعاية الملك محمد السادس، والذى تقيمه الطريقة القادرية البودشيشية، برئاسة شيخها جمال الدين حمزة، بمنطقة مداغ، جهة وجدة المغربية، بالتعاون مع مؤسسة الملتقى، برئاسة د. منير القادرى البودشيشى، بعنوان "التصوف والتنمية.. دور البعد الروحى والأخلاقى في صناعة الرجال"، في الفترة من 6-12 فبراير الجارى.الجلسة أدارها الدكتور عبدالوهاب الفيلالى- جامعة سيدى محمد بن عبدالله، فاس- مشيرًا إلى أنها إسهام بيِّن في تبيان علاقة التصوف بالتنمية، استنادا إلى الأصول الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، مع الانفتاح على حركة التنمية حاليا، وما يُسجَّل حولها من انغماس في الأبعاد المادية، حيث يظهر جليا أن الاهتمام بالتصوف كفيل بأن يحقق التوازن المرجو في النهوض بواقع الإنسان ماديا وروحيا.فيما قال الدكتور مصطفى بوزغيبة- الباحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة- في بحثه "صناعة الإنسان.. إطلالة من خلال التربية النبوية": يدرك الكل أن الاستثمار في المصادر البشرية هو الوسيلة الأمثل لكسب رهان التنمية، والأمة إذا أرادت أن تعود إلى سالف مجدها ورُقيّها فلا بد من الاهتمام بصناعة الإنسان صناعة متكاملة متوازنة من الجانب المادى والروحى، ومن أجل الوصول لهذا الهدف لا بد من نموذج حى يربّى ويرقى وهو سيدنا رسول الله، ومن أتى بعده ممن ورث سر هذه الصناعة وهم شيوخ التصوف.وشهدت الجلسة مداخلات إيجابية من الحضور، كان أبرزها مداخلة الدكتورة أسماء المصمودى- الباحثة بمركز دراس بن اسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك، فاس- والتى أوضحت أن التربية الروحية تتحدث عن البناء والصناعة، قائلة: نحن لا نعترض بل نقدِّر الغرب في اتجاهه بالاعتناء بالجانب الروحانى وكل ما يهتم به، فهذا معتبر لدينا، فصناعة الرجال نموذج في التصوف، فهناك رجال يستطيعون تقديم مشاريع تنموية حقيقية، فالصوفى ليس منعزلا بل متفاعل حسب السياق، متفق مع الكتاب والسنة، والاستنباط والتنزيل.
مشاركة :