تواصل جماعة الحوثي الانقلابية في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لبسطتها استغلال ذكرى «المولد النبوي»، وتحويلها إلى موسم ابتزاز وجباية وسطو ونهب لمختلف الفئات والشرائح اليمنية.مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء كشفت عن أن الميليشيات وجهت مؤخراً وعبر اجتماعات متفرقة، المئات من عقال الحارات والشخصيات الاجتماعية الموالين لها في كل من العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها، بسرعة جمع تبرعات مالية وعينية من السكان بمناطقهم، وتوريدها لصالح قيادات الميليشيات بتلك المناطق.وقالت المصادر المطلعة، التي رفضت الكشف عن هويتها، إن قيادات حوثية متوسطة وعليا التقت مطلع الأسبوع الجاري بعدد من عقال الحارات والشخصيات الاجتماعية الموالية لها في أحياء وحارات متعددة بالعاصمة صنعاء، ووجهتهم بضرورة جمع التبرعات المالية والعينية، وتجهيز قوافل غذائية متنوعة لدعم جبهات القتال الحوثية. وتطمح الميليشيات من وراء تلك الخطوة، طبقاً للمصادر، إلى جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات النقدية والعينية، في ابتزاز واستغلال واضح لليمنيين، بذريعة الاحتفال بـ«المولد النبوي».وبينما بدت أزمة الغاز المنزلي في العاصمة صنعاء تطفو من جديد على السطح، تسعى الميليشيات وكعادتها قبيل كل فعالية طائفية، إلى ابتزاز سكان الأحياء والمناطق في العاصمة، وإجبارهم هذه المرة على حضور فعالية «المولد النبوي»، مقابل حصولهم على تلك المادة المهمة في حياتهم.مشرفون حوثيون أقروا الأحد الماضي خلال اجتماع جمعهم مع عقال الحارات المسؤولين عن توزيع غاز الطهي، إخضاع توزيع أسطوانات الغاز لاشتراطات وصفها كثيرون بالاستغلالية والتعسفية.وتتضمن تلك الاشتراطات اقتصار بيع أسطوانات الغاز على من يحضر فعالية «المولد النبوي» التي تعتزم الميليشيات إقامتها في صنعاء؛ حيث سيتمكن المواطن الذي يلتزم بحضور الاحتفالية الحوثية من شراء أسطوانة غاز دون غيره، وفقاً للمصادر ذاتها التي تحدثت أيضاً عن إجبار الميليشيات الحوثية كل عاقل حارة موكل ببيع مادة الغاز على إضافة مبلغ 300 ريال على كل أسطوانة غاز يتم بيعها للمواطنين، دعماً لفعالياتها السياسية.تواصل الجماعة الانقلابية منذ انقلابها استغلالها لمادة الغاز المنزلي، وتحويلها إلى أداة فاعلة في ابتزاز السكان وإجبارهم على حضور الفعاليات والمناسبات الحوثية الطائفية.الممارسات الحوثية تأتي في إطار استغلال الميليشيات لأزمة الغاز المنزلي المتواصلة في العاصمة صنعاء منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي ترافقت مع زيادة قياسية في أسعاره، ليتجاوز سعر الأسطوانة عبر عقال الحارات 4 آلاف ريال يمني، بينما وصل في الأسواق السوداء إلى 10 آلاف ريال للأسطوانة الواحدة.وأشاروا إلى أن الجماعة تستغل المناسبات الدينية كموسم لنهب وابتزاز السكان المحليين والتجار، وبث أفكارها الطائفية والتحشيد لجبهاتها القتالية في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.وشكا عدد من عقال الحارات المعارضين لبرامج وسياسات الميليشيات الابتزازية والطائفية، والذين لم تطالهم حتى اللحظة يد البطش والإقصاء الحوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار تعرضهم لسلسلة كبيرة من المضايقات والضغوطات والتهديدات والوعيد الحوثية.وتحدث عقال الحارات الذين طلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم، في أحاديث متفرقة مع «الشرق الأوسط»، عن تعرضهم لضغوط كبيرة من قبل الجماعة الانقلابية، شمل بعضها الترغيب بمنح المناصب والرتب الأمنية والعسكرية والأسلحة، والترهيب بالحبس والاختطاف وتلفيق التهم بالعمالة والخيانة.وأشار عقال الحارات إلى إقالة الانقلابيين في العاصمة صنعاء لعدد كبير من زملائهم عقال الحارات، نتيجة عدم خضوعهم وانصياعهم للتعليمات الحوثية المختلفة، وعلى رأسها الزج بأبناء سكان الأحياء صغار السن بالقوة في جبهات القتال الحوثية.وقالوا: «إن الميليشيات الإرهابية بممارساتها وأساليبها وجرائمها وانتهاكاتها الهمجية المتنوعة لم تكتفِ بإقصاء زملائنا من عملهم الاجتماعي كعقال حارات؛ بل حرمت معظمهم أيضاً من وظائفهم الحكومية، ومن أبسط مقومات المعيشة كالغاز المنزلي، والمساعدات الغذائية الدولية التي تتحكم في طرق وآليات وأساليب توزيعها».وعمدت الجماعة الحوثية منذ انقلابها على الحكومة الشرعية واجتياحها صنعاء، إلى الإطاحة بمئات من عقال الحارات بالعاصمة صنعاء، واستبدال آخرين بهم موالين لها، بعد أن عجزت عن إرغامهم على التماهي ضمن مشروعها الطائفي والسلالي.واتخذت الميليشيات مطلع سبتمبر من العام الماضي، كخطوة أولى، قراراً بإقالة 300 عاقل حارة في العاصمة صنعاء، واتهمتهم بعدم مساندة جهودها الخاصة بالتحشيد والاستقطاب لأبناء السكان وسكان الحارات، من أجل حضور الدورات الحوثية الطائفية، والالتحاق بمعسكرات التجنيد ثم جبهات القتال.وأشارت المعلومات إلى أن مهام عقال الحارات المؤدلجين طائفياً في العاصمة صنعاء، اقتصرت في الوقت الحالي على الوشاية بالمواطنين والتجسس عليهم، وتحولوا في زمن الميليشيات من وسائل معينة للسكان إلى جانب سلطات الدولة، إلى أداة ضغط وابتزاز ونهب وقمع، لا تستفيد منه سوى قيادات الميليشيات الانقلابية.بدورها، كشفت أرقام محلية بصنعاء، عن ارتفاع عدد عقال الحارات بمختلف أحياء ومناطق أمانة العاصمة إلى أكثر من 1200 عاقل، بنسبة الضعف عما كان عليه قبل الانقلاب الحوثي؛ حيث كان عددهم نحو 600 عاقل حارة.وفي سياق آخر، فاجأت الميليشيات الحوثية الخميس الماضي عقال الحارات والشخصيات الاجتماعية في أمانة العاصمة ومناطق سيطرتها بقرار مفاجئ، شكَّل بالنسبة لهم، وبعد خدمتهم وإخلاصهم لمشروعها الطائفي الهدام، فاجعة وصدمة غير متوقعة. تضمن القرار الذي أصدرته قيادة الميليشيات تعميماً يقضي بمنع عقال الحارات والمشايخ والشخصيات الاجتماعية من السفر إلى أي مكان؛ إلا بعد موافقتها وأخذ إذن مسبق منها.وبحسب القرار الحوثي، فقد نص على منع عقال الحارات والوجاهات الاجتماعية من السفر أو الغياب عن الحارة أو المديرية أو المغادرة إلى أي مكان، إلا بإذن مسبق من قبل قطاع الأحياء التابع للميليشيات الحوثية.كما طلبت الميليشيات من المستهدفين في التعميم؛ خصوصاً عقال الحارات، الالتزام في حاراتهم، والوجود الدائم فيها، ورفع تقارير شهرية عن المهام التي تم تكليفهم بها.
مشاركة :