قد يرى البعض أن تمرير مجلس الشيوخ الأميركي لمشروع قانون يتيح للكونغرس مراجعة أي صفقة نووية مع إيران بأغلبية 98 - 1 بمثابة انتصار للرئيس باراك أوباما الذي أجرت إدارته كثيرا من التغيرات الجوهرية في مشروع القرار الأصلي، إلا أنه بإمكان الكونغرس إضافة بعض البنود التي قد تشكل إزعاجًا لإدارة أوباما وكذلك قد تفضح ممارسات إيران. من بين المكاسب التي حصل عليها أوباما تقليص فترة المراجعة التي يستطيع فيها أوباما إلغاء عقوبات الكونغرس بمقدار شهر واحد، كذلك إلغاء بند يتيح للكونغرس إعادة فرض عقوبات في حال فشل أوباما، خلال 90 يومًا، في إثبات أن «إيران لم تدعم أو تنفذ عمليات إرهابية ضد الولايات المتحدة الأميركية أو ضد مواطن أميركي في أي مكان في العالم بشكل مباشر»، وذلك من شأنه أن ينسف الصفقة برمتها، إن كان هناك صفقة بالأساس. لو قرأت مشروع القرار كلمة كلمة فسوف تلاحظ كثيرا من التغييرات الجوهرية التي تزيد من اشتراطات ومتطلبات التحقق والإبلاغ للبيت الأبيض، ويتضمن ذلك تقارير نصف سنوية عن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وتقارير عن جهود الولايات المتحدة لإدانة ومواجهة الإرهاب الإيراني، وتقارير مفصلة عن مدى تأثير تخفيف العقوبات على البرنامج النووي الإيراني، وكذلك تقييم ما إذا كانت انتهاكات حقوق الإنسان في إيران قد تراجعت خلال الفترة التي يغطيها التقرير. هناك أيضا إحساس متنامٍ بأهمية مشروع قانون تعويضات الرهائن الأميركيين وحق إسرائيل في الوجود، إلا أن ذلك لم يتضمن الإشارة إلى متطلبات الدعم أو الإبلاغ عن ذلك، وهذه اللغة الجديدة ليست سوى ذر للرماد في العيون. لن تؤثر تلك القواعد الجديدة في أسلوب رفع التقارير بالضرورة على قدرة الرئيس على إلغاء عقوبات الكونغرس، إذ إن كل تلك القواعد تضع أسسًا للتحقيق وإمكانية فرض عقوبات جديدة، وعليه فقد تكون هذه القواعد مصدر إزعاج للإدارة الأميركية حتى بعد الوصول إلى اتفاق نووي. بإمكانك القول، كما سيفعل البعض، إن تمرير مشروع القانون بتلك الأغلبية الكاسحة هو مثال لإعادة اكتشاف الكونغرس للثنائية الحزبية، وليؤكد دور تلك الثنائية في السياسة الخارجية. دعونا نتمنَّ ذلك، وستزداد قناعتي عندما يشرع ميتش ميكانيل، زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، في التصويت لأمور مثل استخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، أو موضوع موازنة وزارة الخارجية الأميركية أو إعادة النظر في طريقة تعيين السفراء. إن تحقق ذلك فسوف يكون الإنجاز باهرًا. * بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
مشاركة :