أقرت المحكمة الاتحادية العليا في قضية نظرتها، أخيراً، مبدأ قانونياً، مؤداه أن «الجرائم التي تكون من خلال برنامج «واتس أب» لا ينطبق عليها قانون تقنية المعلومات، إذا كان بين شخصين أو أكثر، وإذا كان في غرف مغلقة لا يطلع عليها الغير». وقررت المحكمة الاتحادية إعادة محاكمة رجل حُكم عليه بالحبس والغرامة، وإغلاق حسابه على برنامج «واتس أب»، بسبب تصويره زوجته، وإرسال مقطع الفيديو إلى والدتها. وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً، موضحة أن ما فعله ليس انتهاكاً للحرية الخاصة، ولا ينطبق عليه قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات. وكانت المحكمة الابتدائية قضت بحبس المتهم ستة أشهر وتغريمه 10 آلاف درهم، وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة، وبإغلاق حسابه على برنامج «واتس أب»، وشبكة الاتصالات التي يستخدمها هاتف المتهم، الذي ارتكب الجريمة موضوع التهمة الأولى، إغلاقاً كلياً، ومصادرة هاتف المتهم الذي احتوى على مقطع الفيديو محل التهمة، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية للفصل فيها، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء تدبير الإبعاد المقضي به في حق المتهم، وتأييد الحكم الأول في ما عدا ذلك. وأكد قانونيان أهمية هذا المبدأ في تعزيز مبادئ العدالة التي يتسم بها القضاء الإماراتي، وتحقيق مصلحة المتهمين في المحاكمة، بإقرار العقوبة الأخف على المدانين في الجرائم التي ترتكب من خلال برنامج «واتس أب»، ومنها جرائم السب والقذف، وفقاً لقانون العقوبات، وليس قانون تقنية المعلومات الذي يوجب إبعاد الأجانب في مثل هذه الجرائم، متوقعَين أن يسهم هذا المبدأ، في الحد من بعض البلاغات والدعاوي المبالغ فيها، التي كثرت أخيراً بشأن محتوى الرسائل المتبادلة بين الأفراد عبر البرنامج. وتفصيلاً، قال المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، إنه منذ انطلاق برنامج «واتس أب»، كوسيلة محادثة عصرية بين الأفراد، نظرت محاكم الدولة قضايا عدة بشأن الجرائم المرتكبة عبر هذا البرنامج، حيث تمت معاقبة المتهمين وفقاً لقانون تقنية المعلومات الاتحادي، الذي شدد العقوبة على المتهمين بالحبس والغرامة المالية، وكذلك وجوب إبعاد المدان. وأضاف أن المحكمة في مبدأها الأخير أقرت بمعاقبة المتهمين وفق قانون العقوبات في جرائم «واتس أب»، التي لا تتوافر فيها العلانية في الفضاء الخارجي، الأمر الذي من شأنه أن يخفف العقوبة على الأشخاص في مثل هذه الحالات، وبيّن الشريف أنه يشترط في تجريم السب عنصر العلانية، موضحاً أن التشهير والسب بشكل عام معاقب عليهما قانوناً، وأن أحكام البراءة في مثل هذه القضايا يجب أن يكون صوتها أعلى من صوت الإدانة. ورداً على استفسار حول إمكان إعادة النظر في القضايا السابقة المشابهة، أوضح الشريف أن المشرع الجنائي أورد طريقين يمكن من خلالهما إعادة النظر في القضايا بعد صدور حكم نهائي فيها، ولا سبيل للطعن عليها بالطرق العادية، الطريق الأول: التماس إعادة النظر، ولسلوك هذا الطريق أورد المشرع خمس حالات محددة على سبيل الحصر، لا يجوز القياس عليها أو التوسع فيها، وذلك وفقاً للمادة (257) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي، مبيناً أن سلوك هذا الطريق لا يجدي بشأن الاستفسار الماثل. أما الطريق الثاني، وهو ما يكون ممكناً الاستناد فيه إلى ذلك المبدأ، لإعادة نظر القضايا المتشابهة، فهو سبيل الطعن لمصلحة القانون، إذا توافرت شروطه وفق ما نظمته أحكام المادة (256) من القانون ذاته، إذ نصّت على أن «للنائب العام، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب خطّي من وزير العدل، أن يطعن بطريق النقض لصالح القانون في الأحكام النهائية، أياً كانت المحكمة التي أصدرتها، إذا كان الطعن مبنياً على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وذلك في الحالتين الآتيتين: الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها، والأحكام التي فوّت الخصوم ميعاد الطعن فيها، أو نزلوا فيها عن الطعن، أو رفعوا طعناً فيها قضى بعدم قبوله. ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقعها النائب العام، وتنظر المحكمة الطعن بعد دعوة الخصوم، ولا يكون للحكم الصادر في الطعن، عملاً بهذه المادة، أي أثر، إلا إذا صدر لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحقوق المدنية». من جانبه، قال المحامي، علي بن تميم، إن المبدأ القانوني الذي أقرته المحكمة الاتحادية العليا، سيعود بالفائدة على المتهمين في القضايا المشابهة، التي لاتزال متداولة، أما إذا كانت القضية قد انتهت، وأصبحت في حكم الأمر المقضيّ به، فلا يجوز استئنافه أو الطعن بالتمييز، ولا يجوز إعادة المحاكمة. وشرح بن تميم أن القاضي الجزائي دائماً ينظر في القانون الذي يكون في مصلحة المتهم، مشيراً إلى أن قضايا «واتس أب» تعتبر من جرائم الشكوى التي لابد من المجني عليه فيها أن يتقدم بشكوى مكتوبة أو شفوية في مركز الشرطة أو النيابة العامة، ولا تقبل من أي طرف آخر. وقال إن من شأن هذا المبدأ، على المدى البعيد، أن يقلل عدد قضايا برنامج «واتس أب»، بعد أن يعرف الناس العقوبة. وكانت رسائل تحوي عبارات سبّ وقذف ومقاطع فيديو، متبادلة بين أشخاص عبر «واتس أب»، تسببت في وقوع متهمين تحت طائلة المساءلة، في إطار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي يعاقب المرسل بالحبس والغرامة التي لا تقلّ عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز مليون درهم، أو بإحدى العقوبتين. جريمة السبّ تصدى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لجرائم السبّ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات، حينما نصّ على معاقبة كل من سبّ الغير، بالحبس والغرامة التي لا تقلّ عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما نصّ على أن تقضي المحكمة بإبعاد الأجنبي الذي يُحكم عليه بالإدانة، لارتكاب جريمة السبّ. فيما نصّ قانون العقوبات الاتحادي على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بالغرامة التي لا تجاوز 20 ألف درهم، من أسند إلى غيره، بإحدى طرق العلانية، واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو للازدراء، وتكون العقوبة الحبس والغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا وقع القذف في حق موظف عام، أو مكلف بخدمة عامة أثناء - أو بسبب أو بمناسبة - تأدية الوظيفة أو الخدمة العامة.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :