ينتظر عشاق كرة القدم في كل مكان حول العالم المباراة الهامة والمرتقبة بين ليفربول ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز على ملعب «آنفيلد» اليوم. ولكي ندرك أهمية هذه المباراة يتعين علينا أن نلقي نظرة على جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وجدول الترتيب الموسم الماضي أيضا. وخلال الأيام القليلة الماضية، دخل المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا والمدير الفني لليفربول يورغن كلوب في تراشق لفظي؛ حيث اتهم غوارديولا نجم ليفربول ساديو ماني بأنه يدعي السقوط في منطقة الجزاء من أجل الحصول على ركلات جزاء، بينما أشار كلوب إلى أن مانشستر سيتي يرتكب الكثير من الأخطاء لتعطيل لاعبي الفرق المنافسة. ويرى البعض أن نتيجة المباراة القادمة بين الفريقين ستكون حاسمة في الصراع على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. ورغم كل ذلك، هناك الكثير من الأسباب التي لا تجعل هذه المباراة هي الأقوى في كرة القدم الإنجليزية. ربما يكون الأمر الأكثر وضوحاً هو أن هذه المباراة ليست بين أكبر متنافسين أو عدوين في كرة القدم الإنجليزية. وعندما سُئل كلوب الموسم الماضي عما إذا كانت مباراة ليفربول أمام مانشستر سيتي قد أصبحت بنفس الأهمية التي كانت عليها مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد في الماضي، رفض المدير الفني الألماني هذه المقارنة ووصفها بأنها «هراء». وفي الحقيقة، لم يفعل كلوب ذلك نظرا لأنه رأى منافسة حامية الوطيس بين ليفربول ومانشستر يونايتد - خلال الفترة التي قضاها كلوب في إنجلترا لم يكن مانشستر يونايتد يمثل أي تهديد يذكر لفريقه - ولكن لأنه يعلم جيدا أن المنافسة بين ليفربول ومانشستر سيتي لم تستمر لسنوات طويلة بالشكل الذي يجعلها المباراة الأكثر أهمية في كرة القدم في إنجلترا. ولم يفز ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 30 عاماً، وبالتالي يشعر كلوب بالقلق من الادعاء بأن فريقه يحتل موقع الصدارة في أي شيء. أما مانشستر سيتي فقد فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في آخر موسمين قدم خلالهما مستويات استثنائية وحطم الكثير من الأرقام القياسية – كما اكتسح الفريق الجميع في البطولات المحلية، ليضيف تلك الإنجازات إلى حصوله على لقب الدوري في الموسم السابق بـ100 نقطة – لكن قبل وصول الأموال من الخارج كان النادي بعيدا كل البعد عن المنافسة على البطولات والألقاب، ناهيك عن أن النادي قد هبط في وقت من الأوقات إلى دوري الدرجة الثالثة في كرة القدم الإنجليزية. لذلك، فعلى الرغم من أن هذه «الهيمنة الثنائية» تعد تطورا جديدا في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، فلا يعلم أحد إلى أي وقت سوف تستمر، وبالتالي يجب أن تستمر هذه المنافسة لسنوات طويلة حتى يمكن النظر إلى المواجهة بين الناديين بالشكل الذي كنا ننظر به إلى المواجهة بين مانشستر يونايتد وآرسنال في ظل الصراع الشرس بينهما على الفوز بالبطولات والألقاب في الماضي. ويبدو أن كلوب وغوارديولا معجبان ببعضهما البعض. وخلال المواجهات السابقة بين الناديين، رأينا إعجابا متبادلا بين كلوب وغوارديولا - بدلا من الحرب النفسية المعتادة بين المديرين الفنيين للأندية التي تتنافس على البطولات - وأعتقد أن نفس الأمر ينطبق على جمهور الناديين أيضا. وعلاوة على ذلك، لا يوجد تاريخ حافل من العداوة بين مشجعي ليفربول ومانشستر سيتي، حتى لو تعرض غوارديولا لانتقادات قوية من جمهور ليفربول على ملعب «آنفيلد» خلال المواجهة بين الفريقين في دوري أبطال أوروبا قبل موسمين. وبكل وضوح، فإن كرههما المشترك لمانشستر يونايتد يفوق أي شعور بعدم الثقة بينهما. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي يتطلبه الأمر إذن لكي تصبح هذه المعركة الكروية بين الناديين الأفضل في إنجلترا حاليا بنفس المكانة التي كانت عليها مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال في السابق؟ مما لا شك فيه أن الأمر قد يصبح كذلك بالفعل لو استمر غوارديولا وكلوب في تولي القيادة الفنية لمانشستر سيتي وليفربول لعدة مواسم أخرى. وفي الوقت الحالي، من المستبعد أن يستمر غوارديولا وكلوب في منصبيهما لفترة طويلة، خاصة غوارديولا الذي يُتوقع أن ينتقل إلى ناد آخر بدلا من الاستمرار في ملعب الاتحاد لسنوات أخرى. كما أن فكرة أن مانشستر سيتي وليفربول يقدمان المستويات المتميزة في الوقت الحالي بسبب استقطاب أفضل مديرين فنيين في أوروبا على المدى القصير تساهم في الشعور بأن هذه المرحلة من كرة القدم الإنجليزية قد تكون مؤقتة. لكن تجب الإشارة إلى أن كلا المديرين الفنيين يعمل في إنجلترا منذ ثلاث أو أربع سنوات بالفعل ويمكنه بسهولة البقاء لفترة أطول – لكن من المستبعد أن يستمر أي منهما لنصف المدة التي قضاها السير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد أو أرسين فينغر مع آرسنال. لا يوجد شيء خاطئ في ذلك، لأنه ربما لن يتمكن أي مدير فني آخر من الاستمرار في منصبه خلال هذه الفترة الطويلة – مثل فيرغسون أو فينغر. ومع الوضع في الاعتبار أن كلا من غوارديولا وكلوب يساعدان لاعبيهما على تقديم أفضل ما لديهم داخل المستطيل الأخضر، فسيكون من الصعب استبدالهما من دون أن يتراجع الأداء. ومن دون محاولة النظر بعيداً جداً في المستقبل، فليس من السهل أن نرى كيف سيكون شكل مانشستر سيتي أو ليفربول تحت قيادة مدير فني جديد، كما أن الشعور بأنه من الصعب إيجاد مدير فني جديد بقدرات غوارديولا وكلوب يعزز الاعتقاد بأن الناديين ربما لن يتمكنا مستقبلا من تقديم نفس المستوى الذي يقدمانه الآن تحت قيادة غوارديولا وكلوب. ولو تمكن مانشستر سيتي من الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا ونجح ليفربول في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، فسيكون هذا السيناريو رائعا لكلا الناديين. ونظراً لإحباطات مانشستر سيتي المتكرر في دوري أبطال أوروبا خلال السنوات الماضية، ورغبة ليفربول الهائلة في الحصول على درع الدوري الإنجليزي الممتاز مجددا، سيشعر كلا الناديين بالرضا في حال تحقيق هذا السيناريو. إنها ليست معادلة لا تقبل القسمة على اثنين، لكن الناديين سيكونان أكثر سعادة لو انعكست أدوار العام الماضي، بمعنى أن يحصل مانشستر سيتي على لقب دوري أبطال أوروبا ويحصل ليفربول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. ولا يعد هذا السيناريو جديدا على كرة القدم الإنجليزية أو حتى على ليفربول؛ حيث سبق أن قاد بوب بيزلي ليفربول للفوز باللقب الأوروبي عام 1978 ثم قاده للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم التالي، كما فاز نوتنغهام فورست، بقيادة برايان كلوف، باللقب الأوروبي عام 1979 بعد موسم من الفوز بلقبه الأول والوحيد للدوري الإنجليزي الممتاز. وإذا تمكن مانشستر سيتي وليفربول من تكرار نفس السيناريو، فإن التاريخ سيتطرق كثيرا إلى هذه المنافسة الشرسة بين الناديين، سواء على المستوى المحلي أو القاري.
مشاركة :