بغداد - أ ف ب: بدأت القوات العراقية أمس السبت تفريق المتظاهرين المطالبين بـ»إسقاط النظام»، بعد التوصل إلى اتفاق سياسي يرمي إلى الإبقاء على السلطة الحالية حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات. وبعدما كان في وضع حرج بداية، أصبح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي اليوم محط إجماع بين أحزاب وسياسيي السلطة. وأولئك الذين كانوا يُطالبون برحيله، عادوا عن دعواتهم. لكن في مسرح السياسة، واصلت غالبية القوى اجتماعاتها خلال الأيام الأخيرة، بحسب ما أكدت لفرانس برس كوادر من أحد الأحزاب التي شاركت في الاجتماعات. وأشار أحد المصادر إلى أن «الأحزاب السياسية اتفقت خلال اجتماع ضم غالبية قيادات الكتل الكبيرة على التمسّك بعادل عبد المهدي والتمسك بالسلطة مقابل إجراء إصلاحات في ملفات مكافحة الفساد وتعديلات دستورية». وأضاف أن الأطراف اتفقت أيضاً على «دعم الحكومة في إنهاء الاحتجاجات بكافة الوسائل المتاحة». وأكدت المصادر أن الطرف الوحيد الذي رفض الاتفاق هو تحالف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يرى أن الحل الوحيد للأزمة هو رحيل عبد المهدي. وأعلن عبد المهدي في بيان إجراء تعديل وزاري مهم للخروج من نظام المُحاصصة واستجابة للمطالب الشعبية. كما وعد بإجراء إصلاحات انتخابية مشدداً على أهمية قبول القوى السياسية بما سمّاه تصحيح المسارات. وأكد عبد المهدي أنه سيتم إطلاق المُتظاهرين ومُواصلة التحقيق بقضايا الضحايا الذين سقطوا في المظاهرات ومُحاكمة المتورّطين في ذلك. واعتبر أن ما يحدث في البلاد ليس انقلاباً بل هو موجة عارمة من أعماق وعي الشعب. وأضاف أن محاولات الالتفاف على حركة المظاهرات أو حرف طريقها أو دفعها في طريق العنف والتخريب ذهبت سدى. ومع بدء رص الصفوف سياسياً، بدأت القوات الأمنية تتقدّم في الشارع. وتمكّنت تلك القوات من استعادة السيطرة على ثلاثة جسور من أصل أربعة سيطر عليها المتظاهرون في بغداد، بحسب ما أفاد مراسلون من وكالة فرانس برس. ورغم أن الأعداد الكبيرة من المُتظاهرين تتجمّع في ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات المُطالبة بـ»إسقاط النظام»، فإن المواجهات تدور منذ أيام عدة على أربعة من 12 جسراً في العاصمة. وتقدم المتظاهرون أولاً باتجاه جسر الجمهورية، الذي يصل التحرير بالمنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية. ورفعت القوات الأمنية على الجسر ثلاثة حواجز إسمنتية، يقف المتظاهرون عند أولها. وبعد ذلك، تقدّم متظاهرون آخرون باتجاه جسور السنك والأحرار والشهداء الموازية لجسر الجمهورية شمالاً. وشهدت تلك الجسور الثلاثة ليلاً مُواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية التي صدّتهم - وفق مراسلي فرانس برس. وقامت القوات العراقية صباح أمس بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين المتجمهرين في شارع الرشيد بوسط العاصمة. وقال أحد المتظاهرين المتواجدين على جسر السنك: «أيقظتنا القوات الأمنية عند الثانية فجراً». وأضاف الشاب المُلثّم: «أطلقوا القنابل الصوتية وصرخوا بنا (هيا تعالوا اعبروا). الأمور ليست جيدة لكننا باقون حتى إيجاد حل». ودعا المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني القوات الأمنية الجمعة والمتظاهرين إلى ضبط النفس وعدم استخدام القوة. لكن متظاهراً آخر قال إن «المرجعية قالت أمس لا تضربون لا رصاص حي ولا شيء آخر، لكنهم اليوم ضربونا، قالوا عنا مندسين وبعثيين، ولكن نحن لا نملك أي شيء». وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين المطالبين بـ»إسقاط النظام».
مشاركة :