يمثل تشخيص الإصابة بسرطان الثدي لحظة صادمة في حياة المرأة، ويبعث على اليأس والإحباط وعدم القدرة على المواجهة، مما يساهم في تدهور حالتها النفسية ويخفض نسبة الأمل في الشفاء، إلا أن بعض النساء يجعلهن هذا المرض أكثر قدرة على التحدي والتمسك بالحياة فيواجهن المرض، ويصبحن ملهمات لغيرهن، مثلما حدث مع الرياضية باسمة يوسف التي روت قصتها في حوار مع أخبار الأمم المتحدة. واكتشفت يوسف (36 عاما) إصابتها بسرطان الثدي في الرابع عشر من أبريل الماضي والذي صادف يوم ميلادها. وقد أجرت عملية ناجحة لاستئصال الورم في يونيو، لكنّ المرض غيّر مسار حياتها بالكامل. لاحظت باسمة تورّما في منطقة الثدي ونخزا وتغيّرا في لون الجلد، وعندما هرعت إلى المستشفيات، كانت نتيجة الفحص أنها مصابة بسرطان في الثدي. وقع الصدمة كان كبيرا، لكنّه لم يكن الكابوس الوحيد الذي رافق باسمة، الرياضية والمشاركة في ماراثونات سابقة، فقد جاء وقع الخبر كالصدمة لأنها سعت قبل أشهر إلى إجراء فحوصات لكنّ الأطباء رفضوا ذلك وعلّلوا السبب بأنها صغيرة السن، رغم إصابة والدتها بالمرض الخبيث وهو ما يدفع الأطباء في بعض الأحيان إلى التحقق من سلامة الأبناء والأقارب في هذه الحالات. وكان الأثر الأكبر الذي غيّر مسار حياة باسمة هو أنها لن تتمكن من الإنجاب على الإطلاق كما أخبرها الأطباء، فقد تبيّن أن إفراز الهرمونات في البويضات لديها يتسبب بزيادة نسبة نشاط الورم، ولذا فقد شرعت باتخاذ التدابير اللازمة لإيقاف إفراز الهرمونات. وأصبحت باسمة اليوم ناشطة في مجال دفاع المرأة عن صحتها وعن حقها في الحصول على الفحوصات الطبية اللازمة واتباع حدسها إذا ما شعرت بألم أو ارتابت بشأن إصابتها بالمرض، حتى وإن رفض الأطباء ذلك. وكجزء من هذه الحملة، حضرت باسمة ضيفة على الأمم المتحدة للحديث مع السيّدات عن تجربتها وعرضت قصتها لعلّها تشبه قصص الكثيرات في هذا العالم. وتحدثت يوسف لأخبار الأمم المتحدة عقب مشاركتها في ندوة نظمتها مجموعة السيّدات العرب، قائلة “تحلّيت بالإيجابية خلال رحلتي مع سرطان الثدي لأن لدي الكثير من الإيمان بالخالق، وقد تجاوزت أسوأ الليالي وأسوأ الأوقات. ظللت أدعو وأسأل الخالق أن يبقى إلى جانبي ويسامحني ويقوّيني وينجيني. في البداية كنت منفصلة بعواطفي عن الدين، لقد كان هذا اختبارا لعزيمتي ومعتقداتي وأن عليّ أن أواصل التضرّع إلى الله. ربّما لم يحن الوقت لأموت ولكن الله كان يختبرني وهو يحبني وتابعت “الأمر الآخر الذي يجعلني إيجابية، هو وجود نظام دعم أسَري جيد، وزوجي يدعمني كثيرا. لقد احتضنني وأمسك بيدي طوال العملية. هذا ما يجعلني إيجابية جدا”. وأضافت “لم أكن أعرف ما هو السرطان حقا. لذا فإن خوض التجربة ومعرفة ما هو السرطان وما يفعله بجسدك وكيف يؤثر عليك وكيف يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. الألم المصاحب للعمليات الجراحية والفترة التي تعقبها والألم غير المحتمل، لا أحد يُعدّك لذلك”. وأشارت إلى أنه لا القراءة على الإنترنت ولا الإصغاء للأطباء، لا أحد يمكنه تهيئتك للألم الجسدي الحقيقي، للرضوض والعمليات الجراحية. ولا أحد يمكنه أن يُعدّك لما يمرّ به غالبية مرضى السرطان، وهو الاكتئاب والحزن والاضطراب العاطفي وصدمة الإصابة بمرض يهدد الحياة، والمعاناة وكل ما يصاحبها مع تشخيص مرض السرطان. كل هذه الأمور لا تكون مستعدا لها أبدا وكان عليّ أن أتعلّمها خلال المشوار”. كما قالت إنها لم تفعل شيئا للاستعداد للعلاج، مبينة “اكتشفت أنني مصابة بالسرطان وبعدها بثلاثة أسابيع تعيّن استئصال الثدي. كان لديّ ثلاثة أسابيع لأستعدّ نفسيا لحقيقة أنني سأفقد جزءا من جسدي واستبداله بجزء مصنوع من السيليكون لتعويض الجزء المفقود من أعضائي الحقيقية. ولذا للأسف لم أكن على استعداد، كنت أعدّ نفسي نفسيا لشيء كبير سيحدث ومررت به وكنت أتعلم كل يوم عن الخطوات التي يجب أن أتخذها لأتعافى”. وقالت من أجل النساء المتابعات لقصتها “آمل أن يكون للنساء حول العالم قدرة وإمكانية للحصول على فحوصات بانتظام والقيام بالفحص المبكر، لأنه كلما كان الفحص مبكرا كلما ازدادت فرص النجاة”. وتسعى باسمة مع زوجها إلى إيجاد طرق بديلة للحصول على الأطفال، منها التبني. وتأمل في أن يساهم التقدم العلمي والبحوث الطبية في إيجاد طرق أقل إيلاما للمرأة لعلاج سرطان الثدي وربما القضاء عليه.
مشاركة :